الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حكومة «كـأن»!

حكومة «كـأن»!
حكومة «كـأن»!




كتب: عاطف بشاى

هل نتجاوز الحقيقة ونوصم بالتشاؤم المقيت وبالنظرة المستاءة والممتعضة إلى المساحة الفارغة من الكوب دون المساحة المملؤة فيما إذا رأينا أننا ما زلنا نعيش فى كنف حكومات «كأن»، كأن أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو قد تحققت، وصرنا ننعم بالعيش والعدالة الاجتماعية والحرية الإنسانية والكرامة البشرية؟!.
الحقيقة أنه رغم الإطاحة بحكم الإخوان البغيض واستعادة بناء مؤسسات الدولة من جديد والإنجازات العظيمة للرئيس «السيسى» لإعادة الإحساس بالانتماء الوطنى للمواطن المصرى والسعى بقوة وشجاعة لنسف التبعية لأمريكا، وإعادة الإحساس بالأمن وكسب ثقة واحترام وتعاون دول العالم الخارجى، والبدء فى تنفيذ المشروعات الكبيرة، إلا أن حلم تحقيق العدالة الاجتماعية مازال بعيداً، والهوة الشاسعة بين الطبقات مازالت قائمة، ونسبة البطالة لا تقل، والحد الأدنى للأجور يتعثر، والأقصى لا يفعل،  ومعدلات الجريمة ترتفع، وحوادث الانتحار التى كانت من إرهاصات ثورة يناير ترتفع ولا تقل، وضريبة الأغنياء والبورصة يتم إلغاؤها مما ينذر بعودة تزاوج السلطة ورجال الأعمال.
المحور الثانى الذى يثير القلق ويدفعنا رغمًا عنا إلى انعدام التفاؤل، هو أن صيحة الرئيس «السيسى» الوطنية النبيلة التى أطلقها لتصحيح الخطاب الدينى تكاد تذهب أدراج الرياح لأنه يحتاج إلى مراجعة فلسفية وفقهية، بل ثورة تنويرية شاملة تعيد صياغة وعى وعقل الإنسان المصرى، وعلاقته بالتطور والعلم وليس مجرد حذف بعض المأثورات أو إقصاء بعض المسلمات أو ما تصورنا أنه من المسلمات، وأنا أتفق فى ذلك مع الأستاذ «إبراهيم الجارحى» فيما كتبه مؤخرًا مؤكدًا أنه قد تجاوز الجهد المطلوب قدرة المؤسسة الدينية لأن الأزمة تجاوزت مجرد التعديل الفقهى، وأصبحت أزمة فكرية وفلسفية واستراتيجية تهدد الأمة الإسلامية وتهدد معتقدها الدينى فى صلبه وتحقيقه.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن السلفيين يستبدلون بالإخوان، ومن ثم فإن الفتاوى السامة والاتجار بالدين مازا تسود الموقف ومازالت تفسد علينا حياتنا، وليس من الغريب فى هذه الحالة أن يقود الداعية «محمد حسان» الدعوة إلى تصحيح الخطاب الدينى، كما أن الأخبار تنقل لنا مؤخراً رصد جهات سيادية مقابلات بين عناصر من حزب النور بمسئولين أمريكيين، بعد تعهد السلفيين لأمريكا بسد ما اعتبروه فجوة فى المشهد المصرى على إثر خروج الإخوان نهائياً من الكادر من منطلق أنهم قادرون من خلال شعبيتهم الكبيرة على الاستحواذ على أغلبية برلمانية، وأنه من المنطقى أن يتحقق ذلك باعتبارهم تيار الإسلام السياسى الوحيد المنظم والذى يستند إلى هذه الشعبية المزعومة والتى استطاعت أن تحقق استمرار وجودها فى الملعب السياسى رغم قرار عدم السماح بوجود أحزاب سياسية ذات خلفية دينية، وحسب المصدر فإن اللقاءات بين «عمرو مكى» والأمريكيين تطرقت إلى ما يسمى باستعادة ثورة يناير التى تمخضت فى النهاية عن وصول التيار الدينى ممثلاً فى الإخوان إلى الحكم، ومن ثم تحقيق حلم الخلافة وتطبيق مشروع الدولة الإسلامية وبالتالى تطبيق الحدود التى بدأت إرهاصاته فى ظل السنة التى حكم فيها الإخوان مصر حتى استعادها «السيسي» بتأييد ثورة شعبية كاسحة فى 30 يونيو.
ومن ثم فقد واصل السلفيون رسالة الإخوان، فى حكومة (كأن) وطالبت الدعوة السلفية بتشكيل هيئة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، على أن تكون تابعة للأزهر الشريف لتقييم السلوكيات والمخالفات السيئة فى الشوارع مثل التحرش، وهى دعوة للانتكاسة والعودة إلى الوصاية الدينية من جديد، كما تظهر تلك الوصاية أيضاً فى العداء الواضح للفن والفنانين حيث دشن نشطاء سلفيون بدعم من علماء السلفية برهامى والحوينى وحسين يعقوب ومحمد حسان حملة إلكترونية لمقاطعة المسلسلات الرمضانية عبر شبكات التواصل الاجتماعى لأنها تحرم الإنسان من العبادة والتقرب إلى الله.
وفى حكومة (كأن) أيضاً تلعب الصدفة وحدها دورًا مهمًا فى الإخفاق فى تنفيذ حد الحرابة فى عاطل ومسجل خطر روع قرية بالمحلة الكبرى بفرض الإتاوات وممارسة البلطجة واستباحة الحرمات، وقد فوجئ بمجموعة من الأهالى يقتحمون منزلاً بالقرية لضبطه يمارس الفحشاء مع قريبة لهم ربة منزل، وقد تم ضبطها عارية بين أحضانه، فانهالوا عليه بالأسلحة البيضاء، ثم جروه إلى الشارع ليتم سحله تمهيدًا لتنفيذ حد الحرابة عليه وسط غياب كامل للأمن، لكنه دخل فى غيبوبة استدعت نقله إلى المستشفى.
أما عن واقعة تهجير المسيحيين قسراً فى الصعيد واعادتهم من خلال جلسة عرفية فحدث ولا حرج، وخاصة أن ياسر برهامى قد صرح مؤخراً بجواز هدف الكنائس.