الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لستُ أذكرُ شيئًا عن الأمس

لستُ أذكرُ شيئًا عن الأمس
لستُ أذكرُ شيئًا عن الأمس




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.
إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة بإرسال مشاركتك من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 005 كلمة» أو من لوحات فنية «5 على الأقل بدقة عالية» مع صورة شخصية على الإيميل التالى: [email protected]

كان بيتى على ضِفَّةِ النَّجْمِ
والرِّيحُ صوتُ نشيدِي
وعينايَ لا تعرفانِ الطريقَ إلى الأرضِ،
لا تذكرانِ الذى جاء بى للفضاءْ
صاحبتنى الطيورُ
وقالت: وجدناكَ
طفلاً بلا أبوينِ يسيرُ على العشبِ
يبكى ضياعَ صبيَّتهِ حين صارت أميرةْ
فحَمَلْناكَ فى الحُلْمِ،
ثم مَنَحْناكَ تاجَ المصيرْ
-أنا لستُ أَذكُرُ شيئًا عن الأمسِ
غيرَ مرايا لأفئدةٍ
نِصْفُ تُفَّاحِها عَسَلٌ
والبقايا جَسَارةْ
وعُلِّمتُ مَنْطِقَ طَيْرِي،
وأُوتِيتُ من كلِّ شيءٍ
وحدَّقْتُ
حتى تَكَشَّفَ لى ما تُسِرُّ النُّجومْ
عادَ لى هُدهُدِى  قال:
إنى وَجَدْتُ الأميرةَ تملِكُ قَصْرًا من الوردِ
لكنَّ حُرَّاسَهُ كالرُّجومْ،
وَلَنْ تَبْرَحَ القصرَ
حتى تَجِيءَ لها بكتابٍ
بهِ ذكرياتُ الذينَ انْقَضَوْا فى الزمانِ
وَحَلُّوا بأرواحِهِمْ فى الوجودْ
-ولكننى لستُ أذكرُ شيئًا عن الأمسِ،
مَمْلَكَتِى جَوْقَةٌ للتَّجَلِّي
وتحتِى أراضٍ بها أُمَمٌ لا تُغَنِّي
قديمًا على هذه الأرضِ
من قَبْلِ أن تحمِلونى إليكمْ:
رأيتُ الكلامَ خواتمَ فضِّـــيَّةً فى عيونِ الصِّغارِ،
وجاء غريبونَ فى اللَّيلِ
جيشًا من الرُّعْبِ،
أفئدةً نصفُ تَكْوينِها خَشَبٌ
والبقايا حِجَارَةْ
وَوَحيدًا تَلَفَّتُّ
واخْتَـــــبَأَ الأهلُ فى الدُّورِ،
خافوا على ذهَبِ الشَّجَراتِ
ولم يَقْطَعوها حِرابًا
لِتُنْشِبَ فى حَنْجَراتِ الأعادي
فَضَلُّوا إلى ذِكرياتِ الشموس،
وضاعَ الكتابُ الذى ضَوَّأَتْهُ العيونْ
فصارَ الكلامُ سَرابيلَ
والشعراءُ يقولونَ ما لا يقولونَ
أو يفعلونْ
وغابتْ أميرةُ روحي
وما زلتُ فى غُربَتِى عالِقًا فى الفضاءْ،
أنا لستُ أذكرُ شيئًا عن الأمسِ
هاجَرَتِ الأرضُ من تحتِ لَيْلِي
لأُغنيةٍ نصفُ أَوْتَارِها صَدَأٌ
والبَقايا تِجارَةْ
عادَ لى هُدْهُدِى قالَ:
إنَّ الأميرةَ تَنْــتَظِرُ الذكرياتِ
الغناءَ
الرَّبابةَ
رُوحَ الكلامِ النَّبيلِ
وأورِدَةَ العاشقينَ القُدامَى
فقلتُ:
أُحاولُ أنْ أتذكَّرَ
لكنَّنِي
غِبْتُ فى التِّيهِ
لم أُحْصِ كمْ لَيْلَةٍ بِتُّها فوقَ كُرْسِيِّ دَمْعِيَ
حتى سَقَطْتُ من الجوِّ مُلقًى أَسًى
بعدما أَكَلَتْ دَابَّةُ الأرضِ مِنْسَأَتِي

محمد هشام
كفرالشيخ