السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وعاد تحت قدميها!

وعاد تحت قدميها!
وعاد تحت قدميها!




كتب: وليد طوغان

فى خطاب من جوزفين لباراس، أحد مساعدى نابليون، باعته صالة كريستى للمزادات قبل فترة، كتبت تقول: «يعرف أننى أذوب فيك عشقا، ويغرق هو فى حبى، أهينه، لكنه لا يستطيع أن يفعل».
كان الخطاب أزمة، لأنه يكشف عن مدى التعاسة التى عاشها الامبراطور نابليون مع زوجته جوزفين، ويكشف كيف لعبت به، وتخونه مع اقرب الناس اليه، بينما هو يعرف ويسكت، ويظل كذلك حتى مات.
لا أحد يعرف ما الذى جعل الرجل الذى أخضع العالم، يركع أمام زوجته فتضربه على خده الأيمن فيدير لها الأيسر، وهو سعيد.
لا أحد يعلم السر فى أن تلعب جوزفين بالإمبراطور الذى أخضع البلاد والعباد، فتخونه مع «طوب الأرض»، فيرضى، ويستكين، وينام تحت قدميها يعد النجوم، ويعد الذين عشقتهم زوجته.
مسكين نابليون
باراس الذى كتبت له جوزفين الرسالة كان أحد مدراء الحكومة الفرنسية، وواحد من تلاميذ نابليون، وهو الذى تدخل ليقنع جوزفين بالزواج من نابليون، وهو الذى نام نابليون فيما بعد على «رجل الكرسى» فى مكتبه يشكى جوزفين وأفعال جوزفين، وقصص جوزفين الغرامية مع ضباط جيش الإمبراطورية.
زوجة نابليون «مرمطت» سمعته فى التراب، مثلها مثل الليدى بومبادور، وزوجة الأديب الانجليزى الرائع تشارلز ديكنز، وأم الفيلسوف المتشائم السوداوى شوبنهور، وأم أطفال الأديب الروسى فريد الخيال ديستوفسكى. كلهن مسحن بهم الأرض، لا أحد يعرف ما الذى أجبر هؤلاء العباقرة على تلك النساء؟!
زوجة ديكنز كانت كئيبة متعجرفة، وهى التى أشاعت أن لزوجها علاقة ما بأختها، مع أن هذا لم يكن صحيحا.
ولما ماتت كتب تشارلز أروع قصص كلاسيكيات الأدب الإنجليزى، ونقلوا عنه قوله بعد وفاتها: «تاريخ طويل من المعاناة لعب بأصابعى»، فقد كانت وفاة الزوجة هى التى فتحت أمام ديكنز آفاقا واسعة ليكتب» قصة مدينتين» و«ديفيد كوبر فيلد».
أما ديستوفسكى، فلم يستطع طوال حياته إنهاء علاقته بزوجته، ولا يعرف أحد لماذا أيضا، ولا لماذا انفصل عنها دون طلاق؟ لكن لما تركها، وذهب للعيش بمفرده، كتب روائعه، منها «الإخوة كرامازوف»، و»الجريمة والعقاب»، بينما لاحقته زوجته بالشائعات و«التشنيعات» التى كانت تقترب منه ــ كما قال ــ وتصفر فى أذنه كالرصاص.
«الرصاص» نفسه هو الذى جعل الفيلسوف الألمانى «شوبنهور» يكره النساء، ويعيش حياته طولا وعرضا ناقما على أمه، وعلى كل الإناث على وجه الأرض.
علاقات أم شوبنهور كانت متعددة، والرجال الذين ناموا فى سريرها كانوا أكثر من الذين ماتوا فى حرب طروادة، لكن شوبنهر قال «لولاها لصرت مغفلا»، فهى التى دفعته لمواجهة «الحقيقة»، وتأسيس مذهبه الفلسفى لنقد أى شخص وكل شىء. أمه هى السبب فى أن يقول شوبنهور «إذا كان تحت الصخرة عقرب، فارفع الصخرة واقتل العقرب».
يعنى واجه الواقع، مهما كان، ومهما كنت.
يبدو أن جوزفين هى الأخرى ساعدت نابليون كثيرا، فقد قال نابليون إنه لولاها لمات فى الحرب مائة مرة  لكنه قهر الأهوال، وتحدى العواصف، والرصاص، ودانات المدافع، وقرر أن يعود ويجلس تحت قدميها، فتتركه لتخونه مع غيره، وتعود ليجلس باكيا تحت قدميها من جديد.
عجيبة!!