الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأزهر ومحاربة التطرف

الأزهر ومحاربة التطرف
الأزهر ومحاربة التطرف




كتب - د.محمد محيى الدين حسنين

 

إذا كانت الجماعات الإسلامية المتطرفة قد نمت وانتشرت فإن الأمر يعود لأسباب سياسية وقد يكون بعضها اقتصادية وليس للأزهر يد فيها  وقد آن الأوان لأن ننظر إلى الصراع الذى تخوضه الجماعات الإسلامية على أنه قضية سياسية وليست دينية

الهجمة الشرسة التى يتعرض لها الأزهر الشريف منذ فترة طويلة ما زالت مستمرة فى محاولة مستميتة لتحميل الأزهر وزر انتشار التطرف والإرهاب ونمو الحركات الاسلامية المشبوهة والتى خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، تلك الهجمة تحتاج إلى وقفة موضوعية نتباحث فيها عن حقيقة دور الأزهر ومدى مسئوليته عما نعانيه خلال تلك السنوات العجاف التى تمر بها الأمة من فوضى وإرهاب وعنف.
إن درجة العنف والهجوم والانتقاد على الأزهر الشريف واستمرارها بشكل شبه يومى عبر القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المختلفة تجعلنا نتشكك فى صدق نوايا المنتقدين لدور الأزهر ومصداقيتهم إلى الحد الذى يوحى بأن الهدف ليس الانتقاد ولكنها محاولة لإسقاط الأزهر كمؤسسة وطنية حتى يتلاشى دوره الريادى الذى حمله مشايخ الأزهر وعلماؤه خلال العشرة قرون الماضية.
من الواضح أن الهجوم يأتى بنقاط قد يبدو فى ظاهرها الخير إلا أن العذاب يكمن فى باطنها، فمن الصحيح أن الأزهر تم اختراقه كما تم اختراق العديد من المؤسسات التعليمية الأخرى، وصحيح أن هذا الاختراق قد طال الخطاب الدينى، ومع ذلك فإن موقف قياداته ما زال وسيظل وطنيًا ولن تستطيع تلك الأقلام والأبواق هدم تراثه الطويل الداعى إلى الإسلام الوسطى. ومازالت دار الإفتاء ومجمع البحوث الاسلامية ومشيخة الأزهر حملة للواء تجديد الفقه والمحافظة على الإسلام بل والدفاع عن حقوق وآمال الشعب المصرى.
كان قادة الأزهر على مرّ تاريخه هم قادة الثورات الشعبية فى مصر ،خلال فترات الاحتلال الفرنسى والإنجليزي، ولم يكن للأزهر دور فى تقليص مشاركاته السياسية بل قهرته السياسة تحت شعار التطوير فى محاولة لإفراغه من محتواه الحقيقى وتحويله إلى جامعة عادية بل أقل من العادية رغم مقاومة مشايخ الأزهر المستمرة وتمسكهم بدوره الحقيقى فى نشر الإسلام الوسطي، ومع ذلك ما زالت مصر الأزهر تتمتع بالتقدير فى قلوب مسلمى العالم ويكفى أن تكون فى دولة آسيوية أو أفريقية لتعامل بشكل متميز لأنك قادم من بلد الأزهر الشريف.
وإذا كانت الجماعات الإسلامية المتطرفة قد نمت وانتشرت فإن الأمر يعود لأسباب سياسية وقد يكون بعضها اقتصادية وليس للأزهر يد فيها، وقد آن الأوان لأن ننظر إلى الصراع الذى تخوضه الجماعات الإسلامية على أنه قضية سياسية وليست دينية. فجماعة الإخوان المسلمين عبر تاريخها خلال الثمانين عاما الماضية تتصارع على السلطة والحكم ولم يكن كفاحهم الذى يتشدقون به من أجل الإسلام وإنما كان الاسلام وسيلة يحاولون بها إقناع البسطاء بأنهم دعاة وليسوا طلاب سلطة، وقد أثبتت الأيام عكس ذلك، فرفضهم الشعب فى الثلاثين من يونيو 2013.
وقد ظهر جليًا أن هدف الجماعات الإسلامية المتطرفة وأنصارهم هو محاربة الإسلام من الداخل وإظهاره فى أسوأ صوره، وإفراغه من القيم السامية التى بنى عليها، وعرض تلك الصورة على العالم الغربى المتشوق إلى رؤية الإسلام والحضارة الإسلامية وهى تسقط،  بعيدا عن السياسة وإسقاط الحضارة الإسلامية فإن هناك أهدافا فرعية اخرى مدفوعة الاجر من الاستخبارات الغربية لتدمير المجتمعات الإسلامية من الداخل، وتشويه صورة الإسلام لدى شبابها الذين هم مستقبل الأمة، حتى لجأ الكثير منهم للإلحاد أو الاتجاه لليسار المتطرف، فإذا نجونا من اليمين المتطرف وقعنا فى فخ اليسار المتطرف وكلاهما شر مستطير.
وأخيرا ما هو دور الأزهر الشريف فى كل ذلك؟ وهو لم يغمض له جفن ولم يعط ظهره لرسالته السامية فى نشر مفاهيم الإسلام الوسطى وإذا كان هناك تقصير أو فساد فهو يتساوى مع باقى المؤسسات وإن كان أقلهم أو كثرهم محاولة لتعديل مساره.
 عفوا، لا تجعلوا ممارسات الجماعات الإسلامية تحرك فيكم نزعات ورغبات محمومة لإسقاط الازهر فمتى سقط الأزهر بات الإسلام فى خطر حقيقى.