الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مافيا التلاعب بأسعار الصرف عالمياً تهدد السوق المصرية

مافيا التلاعب بأسعار الصرف عالمياً تهدد السوق المصرية
مافيا التلاعب بأسعار الصرف عالمياً تهدد السوق المصرية




كشف بحث مصرفى أن هناك تنظيمًا دوليًا للتلاعب فى أسعار الصرف والاجهزة المصرفية بالعالم،موضحين أن مثل هذا التنظيم يهدد السوق المحلية فى حالة عدم اتخاذ الاجراءات المناسبة لمواجهة البنوك الضالعة فيه.
وأكد البحث الذى أعده الخبير المصرفى أحمد الألفى، أن السلطات الرقابية النقدية فى كل من بريطانيا والولايات المتحدة وسويسرا فرضت غرامات مالية قياسية تقدر بنحو 5.6 مليار دولار على خمسة من أكبر البنوك العالمية على خلفية  تورط هذه البنوك فى التلاعب فى أسواق صرف العملات الأجنبية.
وأوضح أن البنوك العالمية المتورطة فى هذه القضية هى بنوك ومؤسسات مالية عالمية ذات أسماء رنانة على المستوى الدولى وتفوق ميزانية أى بنك منها ميزانيات عدة دول متوسطة الحجم، وهذه البنوك المنحرفة هى بنك جى بى مورجان  الأمريكى وبنك باركليزالبريطانى وسيتى بنك الأمريكى وبنك يو بى اس السويسرى وأخيرا بنك ار بى اس الاسكتلندى الأقل شهرة ونفيرا فى بنوك قائمة العار المصرفية العالمية.
وتعد الغرامات المالية المفروضة عليها بمثابة أكبر غرامة مالية توقع على البنوك المخالفة فى التاريخ المصرفى العالمى برمته، وبرغم  فداحة قيمة الغرامات المالية الا أنها  لا تمثل عبئا كبيرا على هذه البنوك مقارنة بحجم أعمالها وقوتها الايرادية الكبيرة.
وأشار إلى أن هذه الغرامات ستبقى مجرد غرامة رمزية كقيمة مخالفة المرور فى بلادنا، ولن تقفل باب التلاعب إلى الابد والذى لا يعد المرة الاولى ولن يعد الأخيرة فى تاريخ هذه البنوك الأسود، حيث سبق وأن تلاعبت البنوك البريطانية ومنها بنك باركليز منذ عدة سنوات بسعر فائدة الليبور LIBOR وهو سعر الفائدة السائد بين البنوك فى سوق لندن المصرفى، وانتهى الأمر بفرض غرامة  مالية  قياسية  ورمزية على البنوك المتلاعبة.
ولا شك أن فرض الغرامات على البنوك المخالفة أمر تمارسه جميع السلطات الرقابية النقدية فى جميع دول العالم سواء بمقتضى القوانين المنظمة للعمل المصرفى أو بحكم الأعراف المصرفية الرقابية المستقرة، ولكن  فرض هذه الغرامات  لم و لن يعوض العملاء والمستثمرين حسنى النية وضحايا هذه المخالفات والانحرافات، لأن المكاسب التى تجنيها البنوك من جراء هذا التلاعب يكون على حساب تحقيق هؤلاء العملاء والمستثمرين حسنى النية للخسائر.
وأوضح أن فرض هذه الغرامات على البنوك المنحرفة يجب أن يقترن بالزامها بدفع تعويض عادل لضحايا انحرافاتها من المتعاملين الآخرين حسنى النية، فضلا عن تجريم هذه الانحرافات المصرفية  بعقويات جنائية وجوبية، بالإضافة إلى تجميد نشاطها وحرمانها من التعامل فى النقد الأجنبى لمدد مختلفة قد تصل إلى 3 سنوات.
ويعنى  استمرار هذا التلاعب لمدة خمس سنوات كاملة دون أن ترصده السلطات الرقابية النقدية فى هذه الدول الكبيرة والمتقدمة أن هذه السلطات فاسدة ومخترقة من  قبل هذه البنوك – كالمحليات عندنا – أو انها كانت نائمة فى  العسل الاسود طوال هذه السنوات الخمس أو انها  كبيرة العدد و قليلة الفاعلية – كالأجهزة الرقابية لدينا.
وأفاد الخبير أن هذه البنوك قامت بتقديم عدد محدود من مسئوليها ككبش فداء وقامت بفصلهم لتظهر للرأى العام أن المسألة لا تعدو أن تكون إلا مجرد انحرافات فردية من عدد من كبار الموظفين  لديها برغم أن القضية قضية انحرافات ممنهجة ولها بنيتها الأساسية التى تتمثل فى انشاء وإدارة هذه البنوك الخمسة لغرف تداول الكترونية داخل مقار هذه البنوك مجهزة بأحدث التقنيات المصرفية وأدوات الاتصال الفائقة السرعة ويتم من خلال هذه الغرف التلاعب بأسعار العملات الرئيسية القابلة للتحويل كالدولار واليورو والين والاسترلينى.
وهذه الغرف كانت  بمثابة غرف العمليات التى تدار منها عمليات التلاعب فى أسواق صرف العملات بالاشتراك مع عدد كبير من تجار العملات وبرعاية وتنظيم وإشراف  هذه البنوك القذرة.
وأشار إلى أن الآلية التى كان يستخدمها المتلاعبون بالسوق تتلخص فى الاتفاق الجماعى والجنائى بينهم على شراء كميات كبيرة من عملة معينة  معا وفى توقيت  واحد لدفع سعرها إلى الارتفاع  بشكل مصطنع، وهذا التوقيت كان لمدة نصف دقيقة قبل ونصف دقيقة بعد الساعة الرابعة بتوقيت جرينيتش (لذلك تسمى هذه القضية فى الصحافة الاقتصادية العالمية بـتلاعب الساعة الرابعة على غرار عادة الانجليز الكلاسيكية فى احتساء شاى الساعة الخامسة five clock tea) وبعد هذا الشراء المكثف و فى التوقيت المحدد للعملة المتفق عليها تأخذ اسعارها فى الارتفاع  كنتيجة لهذا الطلب الجماعى المصطنع عليها  وإعمالا لقانون الطلب و العرض.
وبعد ارتفاع السعر بعدة دقائق يقومون ببيع كميات العملة التى قاموا بشرائها  فى  تمام الساعة الرابعة الا نصف دقيقة وفى تمام الساعة الرابعة ونصف دقيقة دفعة  أو طلقة واحدة (لذلك تسمى هذه الممارسة فى الصحافة الاقتصادية العالمية باسم بناء الذخيرة).
ونتيجة لهذه الممارسات  التى استمرت لمدة خمس سنوات كاملة حقق هؤلاء المتلاعبون أرباحا فلكية لا تتناسب مع  قيمة الغرامات المالية الموقعة على البنوك الخمسة المارقة الراعية لهذه الممارسات ولا مع قيمة الخسائر التى تكبدها المستثمرون الآخرون ضحايا هذه الممارسات، لأن أسعار العملات الاجنبية تدخل كمكون  رئيسى فى  تقييم وتسعير الاوراق المالية والتجارية وسندات الدين المختلفة الصادرة بهذه العملات الأجنبية، ومن ثم فإن هذه الأوراق والسندات قد تم تقييمها بقيم لا تعكس قيمها الحقيقية نتيجة لهذا التلاعب وخسر المستثمرون حسنو النية كثيرا من جراء هذا التلاعب، لذلك فإن مقتضيات العدالة تستوجب تعويضهم على نفقة المتلاعبين.
وأكد أنه إذا كانت أصابع الاتهام تشير إلى السلطات الرقابية النقدية فى هذه الدول، فإنها  تشير أيضا إلى تورط الإدارات العليا لهذه البنوك وإلى أجهزة الرقابة الداخلية فيها التى سمحت باستخدام أموال المودعين فى هذا التلاعب المشين، ما لم تكن كل من الإدارة العليا وأجهزة الرقابة الداخلية هذه متورطة أصلا فى هذا التنظيم الدولى للتلاعب فى اسواق الصرف العالمية.
وأوضح أحمد الالفى: «لا يخفى على أحد الممارسات الفجة التى تمارسها  فروع هذه البنوك العاملة فى مصر (باركليز وسيتى بنك) مع العملاء المصريين لاسيما عملاء التجزئة المصرفية من مغالاة فى الفوائد والعمولات والمصروفات وبدون أى سند من القانون ولا من العرف المصرفى، ولا حسن المعاملة الذى لا يجب أن يستند إلى أى قانون لأنه يستند بالفطرة الى الاخلاق».
وأكد أن العديد من القيادات المصرفية  المصرية التى سبق لها العمل فى بنوك قائمة العار المصرفية العالمية  تتشدق دائما بهذه البنوك وتتعالى على الكفاءات المصرية المحلية التى لم تعمل فى هذه البنوك سيئة السمعة، والآن تستطيع القيادات المصرفية الوطنية المصرية أن تتشدق بأنها لم تنل شرف عار العمل فى هذه البنوك التى لا ترتقى إلى مرتبة دكاكين الصرافة المحلية.  
وأوضح الألفى أنه ليت من بيدهم الأمر فى بلادنا يدركون خطر تنامى التواجد المصرفى لهذه البنوك فى بلادنا بتبنى استراتيجية واعية لتحجيم نموها على حساب بنوكنا الوطنية، لأنهم جاءوا  لبلادنا ليس من أجل تمويل وتنمية اقتصادنا، بل لأغراض أخرى لا تحتاج  لخبير مصرفى  متمرس لكشفها، لأن رجل الشارع العادى يعلمها بفطرته لانها تبدو جلية للعامة من خلال ممارساتهم وفضائحهم العالمية المتكررة فى بلادهم.