الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مظاهر احتفال المسيحيين بشهر رمضان «عادة لا تنقطع»

مظاهر احتفال المسيحيين بشهر رمضان «عادة لا تنقطع»
مظاهر احتفال المسيحيين بشهر رمضان «عادة لا تنقطع»




كتب - عمر حسن


تعد علاقة الارتباط التى تجمع المسيحيين فى مصر بشهر رمضان المُعظم، أكبر من أن تكون مجرد تهنئة رسمية من جانب الكنيسة لشيخ الأزهر والمسلمين، إنما هى فى الأساس مشاركة فعلية ووجدانية يحرص عليها الأقباط فى مصر بشكل جاد، ليس فيه من المجاملة شىء، فقط فى مصر تجد المسيحيين يصومون يوماً أو أكثر مع اخوانهم المسلمين فى رمضان كنوع من المؤازرة فى حر الصيف، فقط فى مصر يفطر المسلم فى منزل المسيحى والعكس صحيح، فقط فى مصر تنظم الكنائس موائد افطار للصائمين فى الشوارع والميادين العامة وسط جو دافئ من اللُحمة الوطنية يجعلك تتيقن تمام اليقين أن مصر ستبقى فى رباط إلى يوم الدين بفضل شعبها الحكيم.
قصص أقباط مصر لا تنتهى عن رمضان، يحكونها بأنفسهم وعلى وجوههم بهجة استقبال الشهر الكريم، فهذا «كيرلس أنيس» صاحب العشرين عاما يروى لنا عن حياته فى رمضان، ومظاهر احتفاله به مع أبناء جيرانه بمنطقة المطرية، حيث يقول: أنا أنتظر رمضان مثل المسلمين وأكثر، ولا اعتبره شهراً للمسلمين فقط بل هو شهر لكل المصريين»، متابعا «رمضان حالة كاملة أعيشها وأنتظرها من العام للعام، فصوت المسحراتى ونداء الصحوة الذى يرسله إلى البيوت يشعرنى بجو من الألفة والود وأحيانا كنت أطلب منه أن ينادى على اسمى وكان ذلك يثير ضحك الجيران وسعادتى فى نفس الوقت».
وأضاف أنيس أنه كان يشارك أصدقاءه المسلمين فى تعليق الزينة على البيوت، ويتبارى معهم فى تعليق فانوس رمضان الذى كان يدور على جميع منازل الشارع بالتناوب، وحينما جاء دوره قام بتعليقه بنفسه على منزله وكُتب عليه اسمه، مُعلقا على هذا بأنه يوم لن ينساه طوال حياته، لافتا إلى أنه كان يتفق مع زملائه على صيام يوم أو أكثر فى رمضان على أن يفطروا معاً.
وأوضح «أنيس» أن رمضان ليس شهراً للصيام فقط، وإنما شهر تتقرب فيه جميع العائلات المصرية مُسلميها ومسيحييها على السواء فيكونون كالجسد الواحد الذى يصعب تمزيقه، ويسترسل فى حكاياته مع رمضان قائلاً: «كانت أمى تمنعنى أيام المدرسة من النزول بطعام أو مياه حفاظا على مشاعر زملائى الصائمين خاصة فى أيام الحر وكنت التزم بذلك بدافع المحبة»، مضيفا: «بعد الإفطار أقف فى البلكونة وأشاهد العائلات أثناء ذهابهم لأداء صلاة التراويح، وأستمتع بنظرة السعادة فى عيون الأطفال».
أما «ماركو ميلاد» 23 عاماً، يقول: «إن حالة البهجة فى الشوارع ترتسم على وجوه الناس وهذا كفيل لأعشق ذلك الشهر، فكم نحتاج لهذه الجرعة السنوية من السعادة التى تكتمل بالمسلسلات والبرامج الرمضانية والأنوار فى الشوارع»، متابعا: «عزومات شهر رمضان تختلف عن أى عزومات أخرى، ولا أشعر فيها على الاطلاق بأنى مسيحى وسط مسلمين، كما أذهب بنفسى لشراء الياميش الذى بدونه لا تكتمل حلاوة هذا الشهر فى نظري»، مشيرا إلى أن تبادل أطباق «الحلويات» بين الأسر سمة أساسية فى حى شبرا الذى يسكنه، كما قال مبتهجا «كله كوم والسهر مع الصحاب حتى السحور كوم تانى».
وعن أطرف المواقف التى تعرض لها فى رمضان، يقول ماركو: «كنت ماشى فى الشارع باكل فى نهار رمضان فالناس بتصلى باشمئزاز وقالوا لى يا أخى حرام عليك احنا فى رمضان.. قولتلهم والله أنا مسيحى وقعدوا يضحكوا.. من ساعتها بقيت حريص إنى ماكلش فى الشارع».وبسؤاله: «ماذا ستفعل فى رمضان المقبل»، أجاب: «سأقوم بتجهيز أكياس من التمر وتوزيعها على الصائمين فى الشوارع».
فى سياق متصل، أعربت «ريفان نصحى» 22 عاماً عن سعادتها البالغة بقدوم شهر رمضان قائلة: «بحب رمضان جدا وصمت رمضان اللى فات أسبوعين كاملين.. شهر هادئ إلى حد ما، الطرق مثلا ساعة الفطار ممتعة جدا وسهلة»، واسترسلت فى حديثها عن رمضان قائلة: «يومى فيه بيكون مقسوم لنصفين قبل وبعد الفطار، ومش بقدر انزل قبل الفطار لأنى بكون حريصة جدا إنى لا أكل ولا أشرب فى الشارع احتراما للصائمين.. والمعاكسات فى رمضان بتكون قليلة».
من جانبه أوضح القمص «صليب متى ساويرس» أسقف شبرا، دور الكنيسة فى مشاركة المسلمين هذا الشهر من تنظيم مآدب عامة فى الشوارع يشارك فى تنظيمها المسيحيون سواء بشكل منظم أو فردي، وكذلك الجمعيات الخيرية، مؤكدا أن ذلك مظهر طبيعى وليس جديدا على المجتمع المصري، فدائما ينصهر المسيحيون مع اخوانهم المسلمين فى بوتقة الوطن ويشاركونهم أعيادهم ومناسباتهم وكذلك المسلمون، مختتما: «بينا عيش وملح من زمان وربنا يديم المحبة».