الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«سلطة الإجماع» يرصد إشكاليات المجتمع السياسية والثقافية

«سلطة الإجماع» يرصد إشكاليات المجتمع السياسية والثقافية
«سلطة الإجماع» يرصد إشكاليات المجتمع السياسية والثقافية




كتب - خالد بيومى
عن دار رؤية للنشر بالقاهرة صدر مؤخرا كتاب بعنوان «سلطة الإجماع.. الإشكاليات والنقد» للمفكر والأكاديمى التونسى الدكتور حمادى ذويب. ويؤكد الكاتب أن الإجماع نشأ استجابة لحاجة تاريخية اجتماعية بداية من القرن الثانى الهجرى الذى شهد الكثير من مظاهر عدم التجانس فى جميع المستويات الاجتماعية والسياسية والثقافية، بسبب كثرة الأجناس وتباين ثقافتها وأديانها وصراع المذاهب الإسلامية وغير الإسلامية، لكنه منذ بروزه كان عرضة للنقد؛ لأنه تأسس على مبادئ تتجاوز حدود البشر وإمكاناتهم، غير أن هذا النقد لم ينجح ؛ ذلك أن الإجماع وبقية النظريات الأصولية قد استطاعت أن تضمن دوام البقاء لأن من تبناها فى المجتمع وفى السلطة السياسية كان بيده الحكم والنفوذ. ويرى ذويب أن كتاب «الإسلام وأصول الحكم» للشيخ على عبد الرازق يعد بداية النقد التاريخى فى الإسلام.
ويعتبر جورج حورانى أن السنة أقوى حجة تثبت الإجماع وخاصة الأحاديث التى تؤكد عصمة الأمة «لا تجتمع أمتى على ضلالة»، فى حين أن المستشرق المجرى جولدتسيهر لاحظ أن هذا الحديث لم يذكر صحيح البخارى ومسلم؛ وذلك لأنه لم يكن يعد صحيحاً، بل يعتبرحسناً فحسب.
أما الباحث الباكستانى كمال فاروقى فيقبل الأدلة النقلية التى يتوسل بها لتأسيس سلطة الإجماع، لكنه يتوقف بشكل خاص عند مفهوم عصمة الأمة الذى يمثل الركن الأساسى للنظرية التقليدية.. فهذه العصمة ينبغى أن تكون محدودة فى نظره ؛ لأن العصمة المطلقة لا تكون إلا لله.والأمر بسيط بالنسبة إلى فاروقى فهو يقول : « ينبغى أن نقر دون تردد بصواب إجماع الأمة فى الماضى فى إطاره الزمنى والمكانى ولكنه أيضاً وفى نفس الوقت لنا كامل الشرعية وربما الاضطرار لممارسة اجتهاد جديد وإنشاء إجماع جديد حول نفس المشاكل فى إطار «زمكاني» هو إطار الأمة الحالية «.
أما المفكر المغربى محمد عابد الجابرى الذى خشى التصريح برأيه وتهرب من الجواب عن سؤال : لماذا التمسك بأصل الإجماع فقال : « ليس من شأننا هنا ولا من اختصاصنا إبداء الرأى فى موضوع تزاحمت فيه الأقوال وتضاربت. لكنه صرح باعتقاده أن الإجماع – كما ناقشه الأصوليون أنفسهم – مبدأ نظرى أكثر منه حقيقة ملموسة. وهذا فى نظر المؤلف يعكس فشل المجتمع الإسلامى فى تحقيق مدينته الفاضلة « مدينة الشورى والإجماع «.
وهذا يعنى – حسب الجابرى – أن كل المناقشات والخلافات التى عرفها تاريخ الفقه الإسلامى حول الإجماع كانت نتيجتها الملموسة ولربما الوحيدة هى تمييع فكرة الإجماع وبالتالى إقرار الاستبداد.
أما المفكر الجزائرى محمد أركون فيرى أن الإجماع هو أحد أصول القانون الدينى، فإجماع المسلمين على مسألة من مسائل العقيدة والقانون يؤدى فى آن واحد إلى ضرورة الانصياع له. كما أنه يشكل علامة من علامات الأرثوذكسية التى ترسخ وحدة الأمة وتراص صفوفها، ولكن السؤال المطروح : إجماع من ! وما هو عددهم !.
فالخلافات الضاربة بين المسلمين، وهشاشة مجتمعاتهم تؤدى إلى استحالة الإجماع فى رأى أركون.