الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

موائد الرحمن.. الأكل بطعم المحبة

موائد الرحمن.. الأكل بطعم المحبة
موائد الرحمن.. الأكل بطعم المحبة




كتبت – مروة فتحى
مائدة الرحمن، عادة مصرية أصيلة، ابتدعها المصريون ثم أخذت طريقها فى الانتشار إلى العديد من الدول العربية، وبعض الدول الأوروبية التى توجد بها جاليات مسلمة.
ولا يكاد يخلو شارع فى الشهر الفضيل من مجموعة من الموائد المبسوطة على قارعة الطريق، وعليها ما لذ وطاب من مختلف أنواع الأطعمة والأشربة، يجلس إليها الفقراء والمساكين ومن انقطعت به الطريق فلم يستعد للإفطار، والمسافرون الذين فاجأهم مدفع الإفطار قبل أن يصلوا إلى وجهتهم.
أما عن صاحب أول مائدة رحمن وضعت فى بر مصر، فكان أحمد بن طولون، الذى أقامها فى السنة الرابعة لولايته، وجمع عليها القُوّاد والتجار والأعيان فى أول أيام رمضان، وخطب فيهم قائلا: «إننى لم أجمعكم حول هذه الأسمطة إلا لأعلمكم طريق البر بالناس، وأنا أعلم أنكم لستم فى حاجة إلى ما أعده لكم من طعام وشراب، لكننى وجدتكم قد أغفلتم ما أحببت أن تفهموه من واجب البر عليكم فى رمضان، ولذلك فإننى آمركم أن تفتحوا بيوتكم وتمدوا موائدكم وتهيئوها بأحسن ما ترغبونه لأنفسكم فيتذوقها الفقير المحروم»، وأخبرهم ابن طولون أن هذه المائدة سوف تستمر طوال أيام الشهر الكريم.
وفى رواية أخرى نقلًا عن المقريزى أن الخليفة المعز لدين الله الفاطمى كان أول من وضع تقليد الإكثار من المآدب الخيرية فى عهد الدولة الفاطمية، وهو أول من أقام مائدة فى شهر رمضان يفطر عليها أهل الجامع العتيق «عمرو بن العاص»، وكان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع ألوان الطعام لتوزع على الفقراء.
كما كان الفاطميون يعدون الموائد تحت اسم «دار الفطرة»، وكانت تقام بطول 175 مترًا وأربعة أمتار، ومن أشهر أصحاب الموائد فى تلك الفترة «الأمير بن الضرات» المولود بحى شبرا بالقاهرة، حيث كانت له أراض واسعة تدر عليه مليونى دينار سنويًا، وكان ينفقها فى رمضان حيث يعد موائد بطول 500 متر ويجلس على رأسها، وأمامه 30 ملعقة من البلور يأكل بكل ملعقة مرة واحدة ثم يلقى بها ويستخدم غيرها.
وفى العصر الحديث منذ عام 1967، تولى بنك ناصر الاجتماعى الإشراف على موائد الرحمن بشكلها الحالى من أموال الزكاة، وكان أشهرها المائدة التى تقام بجوار الجامع الأزهر، حتى وقتنا الحالى والتى يفطر عليها أربعة آلاف صائم يوميا.
وقد انتشرت موائد الرحمن فى مصر فى السنوات الـ15 الأخيرة، وصارت متنفساً للفقراء يتناولون فيها طعامهم، وصارت ساحة تنافس محببة بين الأغنياء لتقديم ما لذ وطاب فى موائدهم، وهو تماماً ما قصده وأراده أحمد بن طولون عندما أقام أول مائدة رحمن فى مصر فى السنة الرابعة لولايته.
ومن يومها والمحسنون وأصحاب القلوب الرحيمة يحرصون على إحياء هذه الشعيرة الإسلامية الرائعة، بل إن منهم من يمد هذه المائدة طوال العام.
وتبلغ تكلفة موائد الرحمن، على مستوى مدن الجمهورية ، نحو نصف مليار جنيه، وتشمل أكثر من 13 ألف مائدة، يتردد عليها قرابة مليونى شخص.
وعادة ما يفيض عن هذه الموائد كميات كبيرة من الأطعمة، التى لا تصل إلى كثير من الفقراء داخل البلاد، رغم جهود الجمعيات الخيرية والمتطوعين، فى جمع وإعادة توزيع هذه الفوائض.