السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مساجد شارع المعز.. حكاية ألف عام من الحضارًة والإبداع

مساجد شارع المعز.. حكاية ألف عام من الحضارًة والإبداع
مساجد شارع المعز.. حكاية ألف عام من الحضارًة والإبداع




يضم شارع المعز العديد من المساجد التى تشهد على إبداع مصر فى صناعة الحضارة، فكانت عادة الملوك والأمراء بناء مساجد تحمل أسماءهم، وتكون شاهدة على وجودهم، ونال شارع المعز، إحدى أجمل مناطق القاهرة التاريخية، نصيب الأسد من الجمال والإبداع، فتتحول مساجده إلى تحفة معمارية مضيئة فى ليالى رمضان.

جامع الحاكم بأمر الله
بُنى المسجد عام 380 هـ / 990 م فى عهد العزيز بالله الفاطمى الذى بدأ فى سنة 379هـ / 989م لكن توفى قبل اتمامه فأتمه ابنه الحاكم بأمر الله 403هـ لذا نُسب إليه وصار يعرف بجامع الحاكم.
كان المسجد فى بادئ الأمر يقع خارج السور الشمالى المبنى بالطوب اللبن الذى بناه جوهر، إلا أنه أصبح داخله أيام الخليفة المستنصر باللّه، بعد أن قام وزيره بدر الجمالى بتوسيع القاهرة وأصبح السور الشمالى يلتصق تمامًا بالجدار الشمالى للجامع، ويبلغ طول المسجد 120.5 متر وعرضه 113 متراً وهو ثانى مساجد القاهرة اتساعاً بعد مسجد ابن طولون.
وتوجد بالجامع مئذنتان وتحيط بهما قاعدتان عظيمتان هـرميتا الشكل، تتركب كل قاعدة من مكعبين يعلو أحدهما الآخر، والمكعب العلوى موضوع إلى الخلف قليلاً فوق السفلى، ويبلغ ارتفاع الأخـير ارتفاع أسوار الجامع، وتبرز من المكعبين العلويين مئذنة مثمنة الشكل، وفى منتصف هـذه الواجهة البحرية وبين المئذنتين يوجد مدخل الجامع الأثرى، وهـو أول مدخل بارز بُنى فى جامع، يغطيه قبو أسطوانى عرضه 3.48 متر وطوله 5.50 متر، وفى نهايته باب عرضه 2.21 متر ومعقود بعقد أفقى من الحجر، وتوجد فى المدخل عن اليمين وعن اليسار بقايا نقوش بديعة ارتفاعها 1.60 متر.
مسجد ومدرسة السلطان برقوق
يقع هذا المسجد بشارع المعز لدين الله بين المدرسة الكاملية ومسجد الناصر محمد، أنشأه السلطان الظاهر أبو سعيد برقوق سنة 786-788 هجرية = 1384-1386م، وهو أول من وُلّى حكم مصر من المماليك الجراكسة، وقد بُنى هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو مكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات.
عُنى مهندسه - ابن الطولونى - بتخطيطه وتنسيقه، فقسم إيوان القبلة إلى ثلاثة أقسام وغُطى القسم الأوسط منها بسقف مستوٍ حُلى بنقوش مذهبة جميلة وفصله عن القسمين الجانبين بصفين من الأعمدة الضخمة، وكسا جدران هذا الإيوان بوزرة من الرخام الملون يتوسطها محراب من الرخام الدقيق المطعم بفصوص من الصدف، كما فرش أرضيته بالرخام الملون برسومات متناسبة.
أما الايوانات الثلاثة الأخرى فتغطيها قبوات معقودة، أكبرها الغربى المقابل لإيوان القبلة بُنى قبوه من الحجر الأحمر والأبيض على شكل زخرفى جميل، وتكتنف هذه الإيوانات أبواب متقابلة، يؤدى الشرقى الأول منها إلى طرقة توصل إلى ردهة المدخل العمومى للمسجد، ويؤدى الشرقى الثانى المقابل له إلى القبة.
أما أبواب المسجد، فقد كسا مصراعى الباب الخارجى منها بصفائح من النحاس ذات التقاسيم الهندسية المزخرفة على مثال أبواب مسجدى السلطان حسن وقلاوون وغيرهما، وأما الأبواب الداخلية، فقد كسا مصراعيها بسرة فى الوسط من النحاس المفرغ بأشكال زخرفية تحيط بها أربعة أركان من النحاس المفرغ، أيضا بأعلاها وأسفلها إزاران نحاسيان مكتوب بهما اسم المنشئ وتاريخ الإنشاء.
جامع الأقمر
جامع الأقمر، من أصـغر مسـاجد القـاهرة، لكنه تحـفة معمـارية أصيلـة، وهو المسجد الوحـيد الـذى ينخفـض مستـواه عن سطح الأرض، وأول جامع توازى واجهته خط تنظيم الشارع بدل أن تكون موازية للصحن؛ لكى تصير القبلة متخذة وضعها الصحيح، ولهذا نجد أن داخل الجامع منحرف بالنسبة للواجهة.
أمر بإنشائه الخليفة الآمر بأحكام الله أبو على المنصور بن المستعلى بالله، وأمر وزيره المأمون البطائحى بالإشراف على بنائه وفرغ من بنائه فى عام 1125م، وذكر اسم الخليفة ووزيره المأمون على الواجهة الرئيسية للجامع.. وقد أُنشئ الجامع بالنحاسين فى مكان دير قديم يُسمى دير العظام “أو العظم” بالقرب من مواقع القصور الفاطمية، وقد سُمى بهذا الاسم نظراً للون حجارته البيضاء التى تشبه لون القمر.
يتكون الجامع من صحن صغير مربع مساحته عشرة أمتار مربعة تقريباً يحيط به رواق واحد من ثلاثة جوانب وثلاثة أروقة فى الجانب الجنوبى الشرقى أى فى إيوان القبلة، وعقود الأروقة محلاة بكتابات كوفية مزخرفة ومحمولة على أعمدة رخامية قديمة ذات قواعد مصبوبة وتيجان مختلفة.
جامع السلطان المؤيد
شَرع السلطان المؤيد فى إنشائه سنة 818 هجرية 1415م وأتمه سنة 823 هجرية 1420م، يشرف الجامع بوجهته الرئيسية على شارع المعز لدين الله على يسار الداخل من باب زويلة، ويتكون جامع السلطان المؤيد من صحن فى الوسط مفتوح ومحاط بأربعة أروقة، أكبرها وأعمقها هو رواق اتجاه قبلة الصلاة، وجدرانه مغطاة برخام ملون إلى مستوى المحراب.
وبُنيت المئذنتان فوق برجى باب زويلة، وكل منهما فى ثلاثة مستويات محفورة ومزركشة، وللمسجد أربع واجهات، الشرقية منها هى الرئيسية؛ ويوجد المدخل الرئيسى عند نهايتها الشمالية، وله سلم مزدوج وباب شاهق الارتفاع مكسى بالرخام.
أما قبة الجامع، فنصل إليها عن طريق باب على يسار دركاة المدخل، وهى مبنية بالحجر وأرضيتها من الرخام الملون، وتضم القبة مدفنين؛ واحداً للسلطان المؤيد شيخ، والآخر لأبنائه.