الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نظام التعليم فى اليابان

نظام التعليم فى اليابان
نظام التعليم فى اليابان




كتب - أحمد عبده طرابيك

تناقلت الأنباء عن عزم وزارة التربية والتعليم إنشاء مدارس نموذجية تطبق النظام اليابانى فى التعليم، والفكرة فى حد ذاتها تستحق الاهتمام، ولكن النماذج والتجارب الناجحة فى مجتمع ما، يجب أن يتوافر لها كل عناصر ومقومات النجاح عند نقلها إلى بيئة أخرى ترغب الاستفادة من تلك التجربة الناجحة، أى يجب توفير الظروف المشابهة التى ساعدت ذلك النموذج على النجاح، خاصة أن نظام التعليم فى اليابان يعتبر من أفضل النظم العالمية التى تولى اهتماماً كبيراً بالأنشطة المدرسية، والقيم والأخلاق والعادات والتقاليد الوطنية والمهارات والسلوكيات.  
النظام التعليمى اليابانى من أعرق النظم فى العالم وأقدمها، حيث يعود أول نظام تعليمى فى اليابان إلى عام 701 م، ثم تطورت تلك النظم فى الطبقات الارستقراطية وطبقات النبلاء والساموراى، إلى أن شمل بعد ذلك عامة الشعب الياباني، والذى بدأ على هيئة تعليم جماعى «يشبه نظام الكتاتيب فى مصر قديماً»، ومن ثم تطور ذلك النظام إلى نظام تعليمى أحدث اعتمد على التقسيم العمرى للتلاميذ على عدة مراحل، أما النظام التعليمى الحالى فى اليابان فيعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية عام 1947، والذى مازال مستمراً حتى الآن حسب الدستور اليابانى الذى وضع فى تلك الفترة، والذى وضع قانون التعليم الأساسي، وإن كان قد دخل عليه بعد التعديلات البسيطة عام 1998، حيث تم دمج مرحلة الثانوية الحديثة التى تضم المرحلة الإعدادية والثانوية فى مرحلة واحدة.  
يعتمد النظام التعليمى فى اليابان على مشاركة المجتمع بشكل كبير فى العملية التعليمية، فالآباء فى المنزل لهم دور كبير فى نظام التعليم، ويتركز دورهم على تعليم الآداب العامة والسلوك الاجتماعي، واللعب المنظم، والمهارات الأساسية فى قراءة الحروف والأرقام وبعض الأناشيد والأشعار الوطنية والتربوية التى تتعلق بأسلوب التربية والعلاقات الانسانية، وغالباً ما يتم كل ذلك بالتنسيق بين إدارة المدرسة وأولياء الأمور، حيث توفر المدرسة الكتب والوسائل التعليمية لأولياء الأمور خلال تلك المرحلة المبكرة.    
قد لا يختلف النظام التعليمى فى اليابان من حيث المراحل الدراسية عن النظام فى مصر، حيث يبدأ الطفل مشواره التعليمى من مرحلة رياض الأطفال التى تبدأ من عمر ثلاث أو أربع سنوات وتنتهى فى سن السادسة، لتبدأ بعدها المرحلة الابتدائية لمدة ست سنوات، ثم المرحلة الإعدادية لمدة ثلاث سنوات، وهاتين المرحلتين «الابتدائية والإعدادية» ضمن مرحلة التعليم الإلزامى لجميع الأطفال اليابانيين، وخلال تلك المرحلة يكون على المعلم دور كبير فى التربية، وتعليم التلميذ السلوكيات والعلاقات الاجتماعية والأنشطة المختلفة، حيث يكون كل معلم مسئولا عن مجموعة من التلاميذ من الناحية التربوية، بالإضافة إلى عمله المتخصص فى تدريس مادة علمية واحدة لجميع الفصول حسب تخصصه، بينما يقضى باقى أوقات العلم اليومى مع مجموعته، فيكون بمثابة الأب الذى يتعرف على كل الجوانب النفسية والاجتماعية للتلميذ ومن ثم العمل على حل كل المشاكل التى تعيق التلميذ عن تحصيله الدراسى.
مرحلة التعليم الثانوى لا تدخل ضمن مراحل التعليم الإلزامى، وخلال هذه المرحلة يتم إعداد الطلاب فيها للتعليم الجامعي، حيث تعتمد على الميول العلمية للطالب بشكل كبير، ومن ثم يتم خلال تلك المرحلة تزويد الطالب بجرعة مكثفة من المعلومات فى المجال الذى يرغب دراسته فى المرحلة الجامعية، وبالتوازى مع المرحلة الثانوية توجد المعاهد التقنية المتخصصة، وتتراوح مدة الدراسة فيها من سنة واحدة إلى ست سنوات، حسب نوع التحصيل المطلوب، وحسب المهارات التى يرغب فى تعلمها.  
نظام التعليم فى اليابان يرتكز على عدد من الأسس، التى كان لها الفضل فى ما وصلت إليه اليابان من مكانة علمية وتقنية واقتصادية، حيث يعتمد ذلك النظام على روح الجماعة والمسئولية، والجد والاجتهاد والحماس من جميع اطراف العلمية التعليمية التى تشمل الطالب وولى الأمر والمعلم والمدرسة، ووضع المعلم فى مكانة مرموقة باعتباره أساس العملية التعليمية، ليس من حيث تلقين المعلومات، ولكن تعليم السلوكيات والآداب العامة والنظم الاجتماعية والوطنية، بالإضافة إلى ربط المنتج التعليمى بسوق العمل، وهذا ما نتمنى تطبيقه فى مصر للوصول بها إلى المكانة التى تستحقها، كدولة رائدة فى محيطها العربى والأفريقى والعالم الإسلامى.