الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ليس رجسا من عمل الشيطان

ليس رجسا من عمل الشيطان
ليس رجسا من عمل الشيطان




كتب - محمد صلاح

«شئنا أم أبينا.. كل مواطن فينا مشروع شهيد.. دفاعا عن الوطن».. عبارة جسد فيها المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء حجم التضحيات التى يقدمها كل مواطن محبا لوطنه وغيورا عليه، ومدافعا على أمنه واستقراره.
والصحفيون فى طليعة من قدموا تضحيات كبيرة فى مواجهة إرهاب جماعة الإخوان وحلفائها، وإيمانا منهم بأن أمن الوطن فوق كل اعتبار، فقد واجهوا رصاص الإرهاب الغادر بصدور عارية، وسقط منهم عدد من الشهداء، فضلا عن وضع بعضهم على قوائم الاغتيالات مثل قيادات الدولة.
وإذا كنا جميعا فى مركب واحد، كى نعبر بالوطن إلى مستقبل أفضل، فلا داعى إلى هذا الجدل حول قانون مكافحة الإرهاب، الذى أحدث انقساما كبيرا بين الجماعة الصحفية، فالقانون فى مجمله ليس رجسا من عمل الشيطان، خصوصا أن مصر فى حالة حرب على الإرهاب، وهناك حلول كثيرة للخروج من ورطة المادة 33 - التى تنص على حبس الصحفيين فى حال نشر أخبار كاذبة عن عمليات إرهابية تستهدف رجال القوات المسلحة ومعداتها ومنشآتها، بإلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة، لتبديد مخاوف الصحفيين من عودة الرقيب على الصحف الورقية والمواقع الالكترونية.
وإذا كانت الدولة تتخذ خطوات متسارعة لإقرار قانون مكافحة الإرهاب، وتطالب الصحفيين بعدم نشر أى أخبار تتعلق بالعمليات الإرهابية قبل صدور البيانات الرسمية، فعليها تزامنا مع ذلك أن تسارع لإخراج قانون حرية تداول المعلومات الذى ظل حبيس الأدراج لسنوات طويلة، لإنهاء حالة التعتيم فى الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية، كى لا تجد وسائل الإعلام المغرضة والممولة من الخارج، مجالا لنشر الأخبار المضللة التى لا هدف من ورائها إلا زعزعة أمن واستقرار الوطن.
كما يجب أن يتضمن قانون مكافحة الإرهاب مواد لتغليظ عقوبة غسيل الأموال التى تنهال على بعض الصحف والمواقع الالكترونية والفضائيات من دول عربية وأجنبية، لنشر أخبار تدس السم فى العسل، بهدف التشكيك فى أى انجاز سياسى أو اقتصادى تحقق على أرض الواقع منذ ثورة 30 يونيو، فضلا عن دعمها لأفكار ورؤى الجماعات الإرهابية.
فهل تتدخل الحكومة بأجهزتها المختلفة لوقف تلك الوسائل الإعلامية التى مازال غالبيتها يعمل بدون ترخيص، وتمنع دخول الأموال القذرة، والتى تدخل البلاد بطريقة مشبوهة من خلال وسطاء محليين أو دوليين بهدف تأسيس أذرع إعلامية لعمل غسيل مخ لدى بعض الشباب من خلال بث أفكار هدامة.
وكى لا تتكرر تلك الثغرات القانونية، علينا أولا أن نحدد المتسبب فى تلك الأزمات التى تثير البلبلة وتزيد الانقسام المجتمعى، والتأكيد على أن الجانى الحقيقى فى تلك الأزمات هى لجنة «تفخيخ القوانين» المعروفة باسم لجنة الإصلاح التشريعى والتى يديرها مقررها المستشار إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية ، تلك اللجنة التى عرضت على مجلس الوزراء 49 مشروع قانون منذ 18 يونيو، من بينها قوانين مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات البرلمانية وتقسيم الدوائر ومكافحة الإرهاب وغيرها من القوانين التى عمقت الانقسام المجتمعى، وطعن بعدم دستوريتها.
حسنا.. فهل يفعلها الرئيس عبد الفتاح السيسى، ويتمهل فى إقرار قانون مكافحة الإرهاب ويعيده مرة أخرى إلى مجلس الوزراء لحين التوصل إلى صيغة توافقية مع الجماعة الصحفية لإلغاء عقوبة الحبس؟.. بطبيعة الحال.. لست من مؤيدى أن يتدخل الرئيس فى كل شيء، ولكن أخشى أن يصل الحوار بين الحكومة والجماعة الصحفية إلى ما وصل إليه قانونى مباشرة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر الانتخابية، وتنتهى جلسات الحوار إلى لا شيء، وتصر الحكومة على موقفها.
بالتأكيد لا يعيب الحكومة أن تتراجع وتوافق على تعديل المادة 33 المثيرة للجدل فى قانون مكافحة الإرهاب وتكتفى بعقوبة الغرامة المالية، للحفاظ على الاصطفاف الوطنى لمواجهة تلك الجماعات الإرهابية.
وإذا تراجعت الحكومة، فلن يضيرها ذلك، خصوصا إذا علمنا أنها لم تكن المرة الأولى التى تتراجع فيها عن مشاريع قوانين، فسبق لها أن رضخت لمطالب المضاربين فى البورصة وألغت الضريبة على أرباحها، ثم تراجعت أيضا أمام ضغوط أصحاب القصور والفيللات وأجلت تطبيق الضريبة العقارية التى كانت ستحقق إيرادات سنوية قدرها 3.7 مليار جنيه.. فهل تفعلها الحكومة؟.. نحن فى انتظار القرار.