السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علماء: اعتكاف المرأة فى بيتها أفضل

علماء: اعتكاف المرأة فى بيتها أفضل
علماء: اعتكاف المرأة فى بيتها أفضل




كتبت - هايدى حمدى
يعد الاعتكاف من العبادات المستحبة فى كل وقت، إلا أنها فى شهر رمضان الكريم يكون لها مذاق خاص، فهو الشهر الذى يجلب معه المتعة والتلذذ فى العبادات والطاعات، وقد اعتاد رسولنا الكريم (عليه الصلاة والسلام) الاعتكاف فى المسجد فى العشر الأواخر من الشهر الكريم، وذلك طلبًا لليلة القدر ونيل فضل بلوغها، لكن بالنسبة للنساء فبعضهن يشق عليهن ممارستها لما تتطلبه هذه العبادة من الابتعاد عن منزلها لفترة طويلة، والبعض الآخر تسارع إلى استكمال كل مهام بيتها لنيل شرف هذه العبادة ولو لمدة قصيرة، لكن خلال هذه المدة يجدن بعض العقبات
قالت بثينة أحمد، ربة منزل، 62 عامًا، إن الاعتكاف فى المسجد لا يمثل مشكلة فى حالة أن تكون الفترة قصيرة مثلا من بعد صلاة الظهر وحتى صلاة العصر، أما المبيت خارج البيت فهو أمر غير مقبول تمامًا بسبب مسئولياتى المنزلية، لكن خلال الفترة التى قررت فيها أن أعتكف بالمسجد وجدت بعض المشكلات ومنها: اختلاف الطباع بين المتواجدات بالمسجد، فهناك سيدات لا يعرفن قيمة العبادة التى يقمن بها، فيعملن على افتعال المشكلات التى لا داعى لها مثل الاعتراض على إغلاق أو فتح المراوح، كذلك هناك من تربط فكرة الاعكتاف بمفهوم التنزه خارج منزلها، وبالتالى تأخذ أبناءها الصغار الذين يصيبون المكان بالضجة، لكن كلما كان هناك تفاهم بين هؤلاء السيدات أمكن حل هذه المشكلة.
وأضافت نادية أيمن، ربة منزل، 47 عامًا، أن فكرة الاعتكاف مقبولة طالما أنجزت أمور بيتى أولًا، لكن مبدأ المبيت خارج منزلى مرفوض تمامًا، فاعتكافى دائمًا ما أخصصه لفترة قصيرة حتى لا أضر احتياجات بيتى، فأفضل فترة الصباح من التاسعة صباحًا وحتى صلاة الظهر، لكننى لاحظت بعض العقبات أهمها عدم الوعى الدينى بين السيدات الممارسات لهذه العبادة، فمنهن من تقوم بوضع مصلاة بجانبها بحجة أن هناك أحدًا يجلس بجانبها، ما يؤدى فى بعض الأحيان لمناوشات بسيطة «محدش بيحجز لحد فى المسجد»، فقط مَن تأتى بنية الاعتكاف الصحيحة هى من تتجنب مثل هذه الأمور.
وقالت سهام إيهاب، 65 عامًا، مختصة بتحفيظ القرآن الكريم، إنها تفضل الاعتكاف فى البيت تجنبًا لأى من مفسدات الاعتكاف، وقد عددت هذه المفسدات بناء عن تجربتها حيث كان منها: الجدال بين السيدات فى المسجد حول أتفه الأمور، كذلك الثرثرة التى تضيع التركيز فى قراءة القرآن أو ممارسة أى عبادة خلال الاعتكاف، لذا فضلت بيتها فهى تقرر مدة قصيرة حتى لا تخل بواجباتها المنزلية تجاه أبنائها وأحفادها، فقد وجدت أنه يجلب لها مزيدًا من الروحانيات والاتصال مع الله عزوجل.
وقالت أميرة على، 50 عامًا، موظفة بإحدى المصالح الحكومية، إنها تجد متعة كبيرة فى الاعتكاف فى المسجد، فهى عبادة تكون فى العشر الأواخر التى تحمل فيها ليلة القدر، فتحاول الاعتكاف من بعد صلاة العشاء إلى ما بعد صلاة التراويح، مؤكدة أن المسجد الذى تعتكف فيه لا يواجه أى مشكلة بين السيدات المتواجدات فيه، فالعدد الذى يقبل على مثل هذه العبادة قليل، وأغلبهن من كبار السن.
وأضافت منى محمد، 45 عامًا، مهندسة بإحدى الشركات الخاصة، أنها تفضل الاعتكاف فى المسجد ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل، وذلك لاعتقادها بأن ليلة القدر تكون فى هذا اليوم، فتختار المدة من بعد صلاة العشاء والتراويح وحتى صلاة قيام الليل، أما عن المشكلات التى قد تتعرض لها خلال هذه الفترة أن هناك بعض السيدات اللاتى يصطحبن أطفالهن، فيحدثن جلبة فى المكان، لكنهن يستجبن للنصيحة وإن لم يستطعن التحكم فى ضجة أبنائهن يغادرن المسجد.
رأى الدين
وعن حكم اعتكاف المرأة يقول الدكتور حامد عبده الفقى، وكيل كلية الشريعة والقانون بطنطا، إن مسألة اعتكاف المرأة فى المسجد اختلف فيها الفقهاء إلى قولين، فكان الأول للأحناف وشافعية المذهب القديم والزيدية والأباضية والإمام الثورى، وهو أن اعتكاف المرأة فى بيتها أفضل من المسجد، وأدلة هذا القول ما روى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خيرٌ لهن»، فقد أخبر (عليه السلام) بأن بيتها خيرٌ لها أى صلاة النساء فى بيوتهن خيرٌ لهن من صلاتهن فى المساجد، ولم يفرق بين حالها فى الاعتكاف وفى الصلاة.
وأضاف إلى ذلك دليل آخر هو قول النبى (صلى الله عليه وسلم): «صلاة المرأة فى دارها أفضل من صلاتها فى مسجدها، وصلاتها فى بيتها أفضل من صلاتها فى دارها، وصلاتها فى مخدعها أفضل من صلاتها فى بيتها»، فلما كانت صلاتها أفضل من صلاتها فى المسجد كان اعتكافها كذلك.
واستكمل أن القول الثانى فهو لجمهور الفقهاء من المالكية وشافعية المذهب الجديد والحنابلة والظاهرية والإمامية، وهو أن اعتكاف المرأة لا يصح إلا فى المسجد.
واستدل على هذا القول بقول الله تعالى: «ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد»،  وهذا على ظاهره عام فى كل معتكف، فيشمل الرجل والمرأة والمراد به المواضع التى بنيت للصلاة فيها.
وأنهى بأنه يرى بعد عرض هذه الأقوال أن القول الأول هو المختار، لكن إذا كانت النساء تعتكفن فى المسجد فى مكان خاص بهن مأمون لا يطلع عليهن أحد من الرجال ويمكن إحكامه فإن ذلك يجوز نظرًا للمحدثات العصرية -وقصد بها وسائل الاطمئنان عليها كالهاتف المحمول وخلافه - فإن ذلك جائز بشرط ألا تكون مضيعة لحق من الحقوق الواجبة عليها سواء بالنسبة لزوجها أو لأولادها أو لعملها إذا كانت موظفة، ويستأنس لذلك لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) اعتكف فى المسجد وضرب خيمته وأذن لنسائه أن تعتكف فلما رأى كثرة الخيام خاف على نيتهن من الفساد فأمر بإزالة الأبنية المضروبة فى المسجد له ولنسائه وعجل الاعتكاف إلى العشرالأُول من شهر شوال وحديثه فى ذلك ثابت حيث قال لهن «آلبر تردن» وأمر بإزالة الأخبية المضروبة فى المسجد.
وأضاف الشيخ فضلون عبد الله إبراهيم، إمام وخطيب مسجد منشية البكرى،: إن المعتكفات فى المسجد يكن فى الأغلب من كبار السن، كما أن الإقبال على الاعتكاف ليس كبيرًا، ولاحظ أن هناك البعض منهن يمارسن بعض العادات السيئة التى تفسد حلاوة هذه العبادة منها كثرة الثرثرة مع بعضهن، كما أن هناك من السيدات التى تعتبر المسجد كأنه بيتها وليس بيت الله تبارك وتعالى، فتقمن بغسل الملابس، مشيرًا إلى أنه يميل للرأى القائل بأن اعتكاف المرأة فى بيتها أفضل، فاستدل على ذلك من السنة النبوية، حيث سألت السيدة عائشة النبى (صلى الله عليه وسلم) فقالت: «يا رسول الله ماهو أفضل شىء للمرأة فى الدنيا؟ فقال أفضل شىء لها هو البيت»، فإذا ما أرادت المرأة أن تصلي، تبعًا لكلام النبى (عليه الصلاة والسلام) فالأفضل لصلاة المرأة فى حجرتها.
ولفت إلى نقطة مهمة هى أن المسجد يقع فى منطقة راقية وثقافة الناس فيها عالية ويتمتعن بالوجاهة الاجتماعية، وهذا يؤدى إلى أن كلاً منهن تفرض نفسها على الأخريات ومن هنا تبدأ المشكلات، مضيفًا: إن تعطر المرأة وتزينها من الأشياء السيئة التى تقوم بها النساء، فعن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ما من امرأة تعطرت ونزلت إلى شارع المسلمين إلا وتبعها الشيطان»، لذا على المرأة إذا أرادت الاعتكاف فى المسجد عليها أن تلبس اللبس الشرعى وهو الخمار، فقد سألت السيدة عائشة النبى (صلى الله عليه وسلم) قائلة: «يارسول الله ما عورة الرجل؟ قال عورة الرجل من السرة إلى الركبة، قالت وما عورة المرأة يارسول الله؟ قال جميع بدن المرأة عورة إلا الوجه والكفين».
وقال الشيخ أسامة الحديدى، إمام مسجد الإمام الحسين، إن الاعتكاف معناه لزوم الشىء والبقاء عليه، فقال تعالى: «أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود» صدق الله العظيم، فالاعتكاف من حق المرأة لكن بشروط، ففى حديث عن سيدنا الإمام البخارى عن عائشة (رضى الله عنها) أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يعتكف فى العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عزوجل ثم اعتكفت زوجاته من بعده، وهى دلالة على مشروعية الاعتكاف للمرأة، لكن فى مسجدنا - مسجد الإمام الحسين - لا يوجد إقبال من السيدات على هذه العبادة رغم أنه يوجد مكان مخصص للسيدات.
وأشار إلى أن شروط اعتكاف المرأة إذا كانت متزوجة عليها إذا أرادت الاعتكاف أن تستأذن زوجها فإن أذن لها فلا بأس، لكن إن أذن لها ثم أراد أن يمنعها فعليها أن تمتنع وتعود إلى دارها، كذلك غير المتزوجة إذا أرادت أن تعتكف فعليها أن تسأذن من ولى أمرها _والدها أو أخوها_ فإن أذن لها فلا بأس، لكن إن أذن لها ثم أراد أن يمنعها فعليها أن تمتنع وتعود إلى دارها، مستشهدًا بالحديث الشريف أن السيدة عائشة (رضى الله عنها) ضربت خباءً لحفصة أم المؤمنين وكذلك استأذنت عائشة أن تضرب خباء فأُذن لها وسألت السيدة حفصة عائشة أن تستأذن لها فى خباء أيضًا ففعلت، وفى رواية أخرى للحديث أن السيدة عائشة رضى الله عنها استأذنت أن تعتكف فأُذن لها فضربت قبة فسمعت السيدة حفصة بفعل السيدة عائشة فضربت هى الأخرى قبة كما ضربت عائشة وضربت قبة لمزيد من السِتر وأن تكون بعيدة عن الأنظار، لأن الأمر قد يكون فيه فتنة وهؤلاء هن أمهات المؤمنين فما بالك بالنساء العاديات.
وأنهى حديثه بأن الشرط الثانى لاعتكاف المرأة هو أمن الفتنة، فلا يصح اعتكاف المرأة فى مسجد لا يوجد به مكان خاص بالنساء، لأنها عندئذ ستختلط بالرجال ويترتب على هذا الأمر من المفاسد أكثر مما يتحقق من المنفعة الإلهية والقاعدة الأصولية تقول درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.