الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

« كعك العيد» الفاسد.. يغزوالأسواق

« كعك العيد» الفاسد.. يغزوالأسواق
« كعك العيد» الفاسد.. يغزوالأسواق




تحقيق : مروة عمارة
تتنافس محال الحلويات والمخابز فى عرض الجديد من أنواع الكعك والبسكوت وغيرهما من مستلزمات الأعياد من حلويات الغريبة والبيتى فور، وتتعدد أوجه التنافس ما بين تفاوت الأسعار والأنواع، وزاد من حدة التنافس ابتعاد البيوت المصرية عن عمل الكعك بالمنازل، حتى أننا نجد خلال هذه الأيام طوابير من المواطنين أمام محال الحلويات والمخابز وشوادر التجارة الموسمية. ولكن برغم كون كعك العيد فرحة البيوت المصرية، إلا إنه مثله مثل أى سلعة تعرضت للغش والفساد، فوجدنا إعلان الجهات الرسمية عن ضبط كميات من الكعك الفاسد غير الصالح للاستهلاك الآدمى.

فقد أعلنت وزارة الصحة، عبر بيان رسمي، عن إعدام 5 أطنان من كعك العيد غير الصالح للاستهلاك الآدمى، وإيقاف تشغيل 94 منشأة غذائية غير ملتزمة بالمعايير الصحية السليمة من إجمالى 1407 منشأة تم المرور عليها خلال الحملات الرقابية المستمرة التى قامت بها الوزارة فى إطار استعداداتها لعيد الفطر المبارك، حرصاً على أمن وسلامة الأغذية حفاظاً على الصحة العامة للمواطنين .
 وقالت الوزارة فى بيانها إنه تم تنفيذ حملات رقابية مكثفة على مخابز تصنيع كعك العيد ومحال عرض وبيع الكعك بـ 18 محافظة على مستوى الجمهورية للوقوف على مدى التزامها بتطبيق الاشتراطات الصحية السليمة، وكذلك متابعة التزام العاملين بالمخابز ومحال البيع بحمل الشهادات الصحية، وشملت الحملة  سحب 2823 عينة أرسلت للتحليل بمعرفة المعامل المركزية والإقليمية التابعة لوزارة الصحة، فيما تم تحرير عدد 1390 محضرًا ، منها 527 محضرًا لنقص الاشتراطات الصحية، 779 محضرًا لعدم وجود شهادات صحية للعاملين بهذه المنشآت و84 محضرًا لأسباب مختلفة.
مخبز «بير سلم»
وداخل أحد مخابز الأفرنجى، بحى شبرا،  التى تعمل فى مجال تجهيز الكعك  والبسكوت لزوم الأعياد، توجهنا بحجة شراء كميات من الكعك لبيعها لأحد محال السوبر ماركت، وطلبنا المرور لرؤية الكعك خلال  التصنيع، ولم يكن تصنيع الكعك يتم داخل الفرن ولكن بغرفة ملحقة بالفرن بالطابق الأرضى، وكان هناك قرابة خمسة عمال يقوم كل منهم بدوره فى عملية التصنيع، ولعل أبرز الأمور الملحوظة هى أن العمالة بلا جوارب اومعدات نظافة، والأرضيات متسخة والألواح رديئة ولا يوجد زى للعمل وأجولة الدقيق والسكر ملقاة على الارضيات ومن الواضح أنها مجهولة المصدر، وهناك أكياس من مكسبات الطعم والرائحة والألوان الصناعية و«صفائح» للسمن غير معلومة الاسم التجارى، وطريقة حفظ الكعك والبسكوت تتم بغرفة ملحقة حيت يتم رص صوانى وعبوات الكعك على حصير ردىء وأمامه مروحة للتهوية.
وسعى صاحب المخبز بإقناعنا بجودة المنتج وانه مصنع من دقيق وسكر فاخر وسمن بلدى، والألوان ومكسبات الطعم طبيعية، وان الأسعار خيالية ومستعد لتوريد الكميات المطلوبة من الكعك «السايب».
واستفسرنا عن الاسم التجارى وبيانات المنتج على العبوات، فصرح، انه امر ليس ضروريًا طالما أن المنتج جيد ومصنع من خامات عالية الجودة.
آلية غش الكعك
ويشرح عطية حماد، رئيس شعبة المخابز، لـ«روز اليوسف» ماهية ضبط كميات كعك العيد الفاسدة، وهى  أن صناعة الكعك  جزء كبير منها يتم بالمنازل يدويا وعن طريق صناع بالمنازل وجزء يتم عبر المخابز «الافرنجى» ومحال الحلويات، وتخضع لرقابة صاحب المخبز وضميره ثم مباحث التموين، وتعتمد صناعة الكعك والبسكويت وبقية مستلزمات العيد على نوع الدقيق الفاخر وهو دقيق 72، ولابد أن يكون خاليًا من الشوائب والحشرات وله تاريخ للصلاحية، وكذلك لابد من الاعتماد على السكر الفاخر ومستلزمات الحشومن ملبن وتمور ومكسرات وخميرة ومكسبات للطعم والرائحة وسمن فاخر، حتى يتم صناعة الكعك بشكل صالح للاستخدام، وتلك التعلميات تنص عليها الشعبة لاصحاب المخابز التى تعمل بكعك العيد.
 وتابع: «هناك بعض منعدمى الضمير يسعون للغش فى صناعة الكعك باستخدام دقيق ليس فاخر وربما منتهى الصلاحية وبه شوائب وحشرات، وبواقى سكر ضارة بالصحة ومكسبات طعم ورائحة منتهية الصلاحية وكذلك مواد حشو ردئية وزيوت صناعية لا تصلح لصناعة الكعك، من أجل تقليل تكلفة الإنتاج وجنى المزيد من الأرباح، وبعضهم يقوم بعرض ما صنعه من كعك خلال العام الماضى، ويتلاعب ببيانات المنتج من تاريخ الإنتاج والصلاحية، دون مراعاة خطورة ذلك على صحة المواطن».
مطالب بالرقابة
«لابد من تقنين الوضع وزيادة رقابة مفتشى الصحة والتموين وحماية المستهلك على المخابز ومحال الحلويات، والتأكد من مستلزمات عملية التصنيع التى تدخل فى صناعة الكعك، كذلك سحب ما يتم عرضه للمستهلك دون بيانات بتاريخ الإنتاج والصلاحية وماهية المستلزمات المستخدمة ونوع السكر والدقيق والسمن» مطالباً رئيس شعبة المخابز لضبط عملية صناعة الكعك، موضحا أن هناك قرابة 30 ألف مخبز أفرنجى و150 مطحنًا للدقيق بحاجة لمزيد من الضبط والرقابة خلال موسم العيد لمنع إغراق السوق المصرى بكعك فاسد.
ويكشف عبده المحمدى، صاحب مخبز، أن صناعة الكعك والبسكوت قد تخضع للغش، ولابد من صاحب المخبز ان يراعى ضميره بداية من اختيار العامل  وصولا لاستخدام خامات جيدة وليست ردئية، مضيفًا أن من الأمور المهمة هو التأكد من سلامة اللبن المستخدمة ولابد وأن يكون من معمل مرخص وتم تخزينه بشكل سليم، حتى لا يكون مضاف له مواد حافظة خطرة اوتعرض للتلف، ولا يجب استخدام ألبان بودرة، وكذلك لابد من الاعتماد على السكر الفاخر وليس السكريات الصناعية كالسكروز الجلوكوز والفراكتوز لأنها مواد كيمائية وتتفاعل مع مكسبات الطعم والرائحة وقد تؤدى لأمراض فى المعدة وتسمم .
وتابع «بعض المخابز تعتمد على زيوت صناعية بدلا من السمن البلدى وتتدعى أن الكعك مصنع من السمن البلدى، كما أن البعض يجلب مواد الحشومنتهية الصلاحية كالمكسرات والتمور والملبن، من اجل تقليل تكلفة التصنيع».
«الأزمة ليست فى مخابز الكعك فقط، ولكن فى محال الحلويات التى تقوم الغالبية بشراء الدقيق  والسكر المدعم من السوق السوداء لصناعة الكعك والحلويات تخفيضا للنفقات ولتحقيق المزيد من الأرباح» كاشفا عن آلية عمل محال الحلويات.
وكشف صلاح العبد، رئيس شعبة الحلويات، أن هناك مواصفات قياسية لتصنيع الكعك ومستلزمات العيد مثلها مثل بقية أنواع الحلويات، وتوضح آلية التصنيع والأنواع المستخدمة من تمور وحلويات ومكسرات ومكسبات الطعم والرائحة والخميرة، وهناك آلاف من محال الحلويات و250 مصنعًا فقط للحلويات ومن يملك سجل صناعى وتجارى يخضع للرقابة الصناعية بالإضافة لرقابة وزارة الصحة ومباحث التموين.
أسعار الكعك
«لا يوجد احصائية رسمية بحجم استهلاك كعك العيد وأسعار كيلوالكعك صافى «سادة» 50 جنيها، والكعك المحشو 70 جنيها، وسعر كيلو البسكويت بأنواعه 38 جنيها، وكيلو البيتى فور 55 جنيهًا، وكيلو الغريبة بلغ 50 جنيهًا، وفى متناول فئة متوسط الدخل» موضحًا أسعار الكعك  خلال هذا الموسم.
أما حسن الفندى، رئيس شعبة السكر والحلويات، باتحاد الصناعات، فيقول إنه لا يمكن حصر العدد الفعلى لمحال ومصانع الحلويات، و70 % من مصانع الحلويات  فى مصر لا تخضع للرقابة ولم يتم تقييديها بالجهات الرسمية سواء شعبة السكر أو وزارة الصحة وإدارات التموين.
 «نحذر من استخدام بواقى أوفضلات مصانع السكر أو منتجات الدقيق والمكسرات والألبان المجهولة وغير المطابقة للمواطفات ولعل الأمر بحاجة لتشديد الرقابة على مصانع ومحال الحلويات ولابد من وضع بيان بما تم استخدامه من خامات ونوعها وتاريخ الصلاحية والانتهاء ولابد من مرعاة طريقة الحفظ ودرجة الحرارة والتخزين» محذرًا محال الحلويات بعدم مراعاة  ضوابط التصنيع.
وحدة سلامة الغذاء
وحسب بيان أصدره الدكتور حسين منصور رئيس وحدة سلامة الغذاء بوزارة الصحة فإن 90٪ من كميات المواد الغذائية واللحوم والألبان المتواجدة فى الأسواق غير خاضعة للرقابة على الإطلاق، بسبب انتشار تلك المصانع غير المرخصة والتى تبيع منتجات منتهية الصلاحية وليس بها مواصفات قياسية.
«عدد من مواد السكر والدقيق غير مطابق للمواصفات وجوز الهند ومادة النشا وزيوت وسمن غير صحية، ومكسبات طعم والوان صناعية «خلطة صناعة الكعك فى محال الحلويات للغلابة، شكل الكعك ولكن الطعم والرائحة لا صلة لهما بالكعك والبسكوت لتشكل كتلة من المواد الخطرة التى  تؤدى المستهلك» شارحاً دكتور عبدالعظيم رمضان، خبير التغذية.
خطورة الكعك الفاسد
وتابع: « لم تعد محال الحلويات تستخدم السمن البلدى فى صنع كعك العيد، فأسعار السمن البلدى مرتفعة، لذلك استبدلوه بالسمن الصناعى، وهوعبارة عن زيوت مهدرجة بها مادة شديدة الخطورة وهى مادة صناعية غير طبيعية تتكون من حقن الزيوت النباتية بغاز الهيدروجين وينتج عنها دهون غير طبيعية وبما أنها نتاج تحول كيميائى وتسبب السرطان وتصلب الشرايين وأمراض السكر والضغط ودهون الكبد ونقص الخصوبة لدى الجنسين».
وكشف أن محال الحلويات تستخدم مـواد الـحافظـة الكيماويـة حامض البنزويك حامض السوربيك ومواد المبيضة، وعوامل الاستحلاب والرغوة والمواد المثبتة والمغلطة للقوام ومواد معطرة ومكسبات الطعم والرائحـة، وبعض تلك المواد التى يستخدمها صناع الحلوى فى مصانع بير السلم تحتوى على مواد مسرطنة وتؤدى إلى ضعف المناعة كما تؤثر على نخاع العظام، وتصل خطورة هذه المواد تصل إلى تدمير خلايا المخ وضعف التحصيل الدراسى والأنيميا والنزلات المعوية والإسهال والقىء لارتفاع السموم فى هذه المواد، ولهذا لابد من أن تكون الحلوى طازجة ولها رائحة جيدة وعدم وجود تغيير فى اللون وشرائها من أماكن معتمدة وليست رخيصة وألا تكون جافة اوناشفة لانها هذا يعنى أنها تم تخزينها فترة طويلة وتكون سببًا رئيسيًا فى التسمم».
 50 حالة تسمم
جدير بالذكر أن المركز القومى للسموم أعلن فى بيان أصدره فى شهر أغسطس من العام الماضى أن معدل الإصابة بحالات التسمم ارتفع إلى ضعف الحالات المصابة بالتسمم والتى دخلت المركز القومى فى القاهرة فقط، وصل لـ 120 حالة شهريا بمعدل 4 حالات يوميا فى الأوقات العادية، وتصل إلى 50 حالة يوميا فى الأعياد والمناسبات،  مضيفا أن 50٪ من المصابين بأمراض مزمنة جاءت بسبب تلوث الغذاء وسوء تخزين الاغذية التى يتناولها المواطنون.
 ضبطيات مباحث التموين
وصرح اللواء مدحت عبدالله، رئيس جهاز مباحث التموين، أن عدد الضبطيات التى حصل عليها الجهاز خلال الستة أشهر الماضية من أغسطس عام 2014 وحتى أواخر فبراير من العام الجارى حيث تم ضبط أكثر من 183.820 طن من مخلفات وبواقى السكر، وتم تحرير لهم 101 قضية تحت بند الغش الغذائى، كما تم  ضبط 400 طن من دقيق مجهولة المصدر داخل مطحن لإنتاج الدقيق الفاخر،  أن الحادث يأتى قبل أيام من حلول عيد الفطر المبارك ودخول موسم الكعك الذى يستهلك فيه المصريون أطنانًا من الدقيق الفاخر لصناعة الكعك والمخبوزات الخاصة بعيد الفطر المبارك، ولم يكن هذا هوالحدث الأول من نوعه الذى يرتبط بمناسبة تجمع المصريين ويستغله الخارجون عن القانون فى تسويق سلعة فاسدة بهدف الربح، فقد مكنت مباحث التموين بالمنيا من ضبط عدد كبير من عبوات الكعك الفاسدة،ح والى 500 عبوة،  قبل بيعها بمحل بقالة، تحرر محضر بالواقعة، وتولت النيابة التحقيق.
اشتراطات هيئة المواصفات والجودة
وشددت الهيئة العامة للمواصفات والجودة، برئاسة دكتور حسن عبد المجيد، على وضع بيان بمكونات عبوات الكعك واسم المنتج وعنوانه‏،‏ واشترط البيان فى حالة استخدام السمن أو الزبد الطبيعى فى الإنتاج أن يتم استخدام هذه الخامات بنسبة ‏100%،‏ وعندما يتم استخدام دهون أخرى مسموح بها‏ يجب كتابة اسم الدهن ونسبته فى بطاقة بيان العبوة‏،‏ وفى حالة المخبوزات المستوردة‏ لا بد من كتابة بلد المنشأ واسم المستورد،‏ كما يجب أن يعبأ المنتج فى عبوات تكفل حمايته والحفاظ عليه من التلوث‏، ولابد من استخدام السمن الطبيعى البلدى البقرى والجاموسى فى صناعة الكعك، واستخدام مياه نقية صالحة للشرب ومكونات طازجة من الألبان والبيض والزبد والزيوت والسكر»، وأن تكون المواد المضافة كمكسبات للطعم والرائحة مصرحا باستخدامها غذائيا،‏ أما الدقيق فيجب أن يكون فاخرا استخراج‏72%.‏
 جهاز حماية المستهلك
وقالت سعاد الديب، عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك بوزارة التموين والتجارة الداخلية، أن هناك ارتفاع الأسعار فى الكيلو الواحد بنسبة تتراوح من 15 إلى 20% عن العام الماضى، وارتفاع أسعار كعك العيد لاستيراد المكسرات التى يتم إدخالها فى إنتاجية الكعك، واستغلال الطلب المتزابد على الكعك، بجانب التخلى عن إعداد الكعك فى المنازل وتفضيل الشراء جاهزا للكثير من الأسر.
 نصائح
ونصحت بشراء الكعك من اماكن معروفة ومعتمدة وعليها بيانات رسمية وأن تتوافر فيها الشروط الصحية عند عرض الحلوى، مع التأكد من وجود تاريخ الإنتاج والصلاحية واسم المنتج والمصنع، مدونة على العلبة، وضرورة الإبلاغ عن أية شكاوى لديهم حتى يتمكن من اتخاذ الإجراءات ضد المخالفين، وضبط الأسواق.