الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علماء: زكاة الفطر أولى للفقراء والمساكين.. وللجمعيات والمستشفيات بشروط

علماء: زكاة الفطر أولى للفقراء والمساكين.. وللجمعيات والمستشفيات بشروط
علماء: زكاة الفطر أولى للفقراء والمساكين.. وللجمعيات والمستشفيات بشروط




كتب - عمر حسن
فرض الله - عز وجل - زكاة الفطر على المسلمين فى شهر رمضان رحمة بالفقراء وترويحا عنهم فى هذا الشهر الكريم، ويهدف ذلك فى نهاية المطاف إلى تحقيق مبدأ التكامل الاجتماعى بين البشر، فالعديد من الفقراء فى مصر ينتظرون ميعادها فى كل عام لسد جزء من احتياجاتهم المتزايدة كأى أسرة فى هذا الشهر، وانعكس ذلك الغرض فى شكل إخراجها وميعاده الذى يفرقها عن الصدقة العادية، فلكل زكاة فرضها الإسلام أحكامها الخاصة وشروط معينة تميزها عن غيرها، وزكاة الفطر تحتوى على عدد من الشروط الواجب تطبيقها عند إخراجها لاكتمال ثوابها.

يتردد كل عام سؤال ما افضل وسيلة لدفع زكاة الفطر وفى هذا تفاوتت الآراء انعكاسا لتفاوت آراء علماء الدين فى هذا الشأن، فهنا محمد حسن 55 عاماً، يفضل إخراج زكاة الفطر عنه وعن أسرته للفقراء من أبناء منطقته وأقربائه، ويتحقق من الحالة الاجتماعية لكل فرد يعطى له زكاته كى يتأكد من وصولها للأشخاص الأكثر استحقاقاً، كما أنه يفضل إخراجها على شكل حبوب عينية وليست بشكل مادى كما يفعل البعض، وذلك امتثالا لسنّة النبى - صلى الله عليه وسلم.
وعن احتمالية إخراج الزكاة لجمعية خيرية أو مسجد، قال «لا مانع لدىَّ أن أنيب جمعية خيرية عنى فى توزيع زكاة الفطر بعد أن أتأكد من نزاهة إدارتها ونظافة يد القائمين عليها، وهذا فقط فى حالة أننى لم أجد أحداً من الفقراء فى منطقتى وقت توزيع الزكاة، بجانب أن الجمعيات عادة ما تجرى بحوث اجتماعية ميدانية عن الأشخاص الأكثر احتياجا سواء أرامل أو أيتاماً وتُعد كشفا بأسمائهم وهذا يصعب من عملية التلاعب أو ما شابه ذلك».
وفضلت زينب أمين، 35 عاماً، إخراج زكاة الفطر بشكل مادى خاصة أن احتياجات شهر رمضان لا تقتصر على الطعام فقط، فكل أسرة تحرص فى هذا الشهر على شراء ملابس العيد لأطفالها، قائلة: «كنت أخرجها مع زوجى على شكل حبوب قبل ذلك، لكن حدث موقف رأيته أبكانى أثناء شراء ملابس العيد لابنى منذ خمس سنوات، وهو أن رأيت أماً تنزل دموعها أمام المحل الذى كنت بداخله لأنها غير قادرة على شراء ملابس جديدة لابنها الذى يرتدى زياً متسخاً متواضع المظهر.. وطبعا كان السبب هو العجز المادى، ومن وقتها أخرج الزكاة على شكل أموال خاصة أن الكثيرين يخرجونها على شكل حبوب ويصبح هناك فائض عند بعض الفقراء من الحبوب»، مضيفة إنها لا تعطى زكاتها إلى عن الجمعيات والمستشفيات لأنها لا تثق فى الذمة المالية لمعظم القائمين عليها، خاصة فى الآونة الأخيرة التى انكشفت فيها جمعيات كثيرة تتاجر بالأيتام وتحصد من ورائهم الألوف.
فى حين اعتاد محمود بدر 47 عاماً، على إعطاء زكاة الفطر الخاصة به لعدد من أقاربه الفقراء سنويا فهم أولى الناس لأنه بذلك يغنيهم عن سؤال الغريب فى مثل هذا اليوم - أى يوم العيد - الذى يحرص فيه على رسم البسمة على وجوههم، لافتاً إلى أن معظم الفقراء فى منطقته يتظاهرون بالفقر المدقع لاجتذاب الزكاة من الناس فى المنطقة وبالفعل يحصلون عليها من جميع الأفراد رغم عدم حاجتهم لها، مستبعدا فكرة التبرع بها لمستشفى خيرى لأن المستشفيات ربما تسيأ وضعها فى غير مكانها الصحيح.
وعن رأى العلماء يقول الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً: إن زكاة الفطر فريضة أوجبها النبى على المسلمين فى السنة الثانية من الهجرة، وحينما سئُل عن قوله تعالى «قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى»، فقال: نزلت فى زكاة الفطر، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -  فى حديثه الشريف: «زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ»، وزكاة الفطر فُرضت على كل مسلم بالغ راشد، يخرجها الرجل عن نفسه وعن زوجته وأولاده وعن أبويه الفقيرين وعن خادمه إن لم يكن قادرا.
أضاف الأطرش إن زكاة الفطر فرضها الرسول صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو من زبيب، ويرى بعض الفقهاء مثل الإمام مالك أن الكيل بالمكيال المصرى يكفى عن ستة أشخاص، ويرى الإمام الشافعى أن الكيل المصرى يجزأ عن 4 أشخاص فقط، وزكاة الفطر لا تنقل من بلد إلى بلد إلا إذا انعدم الفقراء فى هذا البلد حتى يتحقق قول النبى «اغنوهم عن ذل السؤال فى هذا اليوم» فلو نُقلت الزكاة من بلد إلى بلد ربما ينسى فقير فى هذا البلد.
وأشار الأطرش إلى جواز خروجها نقدا أى قيمة مادية على اعتبار أنها أنفع للفقير من الحبوب طبقا لمذهب أبو حنيفة، لافتا إلى أن للزكاوات كلها نصاب، ومن لم يملك النصاب لا زكاة عليه، أما زكاة الفطر فلا نصاب لها، فمن يأخذ الزكاة يخرج الزكاة، بمعنى أن الفقير الذى يتلقى الزكاة من الآخرين يخرج عن نفسه وعن أولاده زكاة حتى يعم ويسود المجتمع الخير والحب.
وأوضح أن مصارف الزكاة حددها الله تعالى فى كتابه الحكيم فى سورة التوبة حيث قال: «إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ - فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ - وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»، وزكاة الفطر تخرج من المكان الذى تسكن فيه، ويجوز أن يتم إخراجها كاملة لشخص واحد، لكن الأولى أن تكون لأكثر من فرد حتى يعم النفع على الجميع.
وذكر الأطرش مواقيت إخراج الزكاة كما يراها أهل العلم، حيث يرى بعض الفقهاء أنه يجوز اخراج زكاة الفطر قبل رمضان أو أول يوم فى رمضان أو فى العشرة الأواخر من رمضان، بينما يرى الإمام مالك أن أفضل وقت لإخراجها بعد صلاة فجر يوم العيد وحتى قبل الصلاة، فمن لم يستطع إخراج زكاته فى هذا الوقت عليه أن يعزلها بعيدا عن ماله ثم يقوم بتوزيعها.
فى سياق متصل، أكد الدكتور سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، عدم جواز إخراج زكاة الفطر لبناء مسجد، والأولوية تكون للفقراء والمساكين فى حيز السكن وعلى شكل حبوب وليس مواد تموينية مثل الزيت والسكر والكيل باثنين كيلو ونص ف الكيلو ويختلف من سلعة لأخرى فكيل الدقيق ليس ككيل الأرز، وإن كان يجوز إخراجها بشكل مادى للجمعيات الخيرية شرط أن تكون مضمونة وعليها رقابة من وزارة التضامن والقائمون عليها أهل ثقة قائلا: «الباب ليس مفتوحاً على مصراعيه فى هذه النقطة وليس مغلق كليا».
أما بالنسبة لإخراج الزكاة للمستشفيات الخيرية بجميع أنواعها، فقال: «إذا كان هذا المال سينفق على الفقراء والمساكين داخل المستشفى فلا مانع أما إذا كان سينفق على الأغنياء فلا يجوز، لذلك يتوجب على كل من يتقدم بزكاته لأى مستشفى أن يسأل أولا ما إذا كان يوجد صندوق خاص بالفقراء أم لا»، وتابع: «من أخرج زكاته لمسجد أو جمعية أو مستشفى ثم تبين له عدم سلامة نية القائمين عليها وأنها صُرفت فى غير موضعها فيفضل إخراجها مرة اخرى، وحتى لو أخرجها بعد العيد فى المرة الثانية تحسب له زكاة لأن النية فى أول مرة كانت زكاة وفى وقت استحقاق الزكاة.. والتوكيل جائز فى الزكاة».