السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإسلام يدعو للتأمل فى مكونات البيئة

الإسلام يدعو للتأمل فى مكونات البيئة
الإسلام يدعو للتأمل فى مكونات البيئة




كتب: د. حسن شحاتة
استشارى البيئة والأستاذ بكلية علوم الأزهر

لقد كان للإسلام السبق فى التنبؤ بحدوث تلوث البيئة وفسادها، كما كان له السبق أيضًا فى الدعوة إلى مكافحة التلوث بجميع صوره وأشكاله، حفاظًا على البيئة والأرض من الدمار والتخريب.
وقبل ذلك كله، دعا الإسلام الناس إلى التأمل فيما حولهم من مكونات للبيئة، وما تشمله من كائنات ومخلوقات وجمادات سخرها الله – سبحانه وتعالى – لخدمة الإنسان، ولتكون عونًا له خلال رحلته الطويلة ومسيرته فى الأرض، فقال تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِى الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) سورة العنكبوت: الآية 20.
فهذه الآية الكريمة تحمل دعوة للناس جميعًا للسير فى الأرض والتنقل بين أطرافها وقاراتها، والتأمل فى العناصر الأولية والمكونات الأصلية التى تتكون منها بيئتهم، وكيف أن الإنسان – على مر العصور – أمكنه الاستفادة منها وتطويرها وتنميتها بما يعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع والفائدة الكبيرة.
ثم جاء قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) سورة ق: الآيات 6-11..
وقوله تعالى: (أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ) سورة النازعات: الآيات 27–33.
وقوله تعالى: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) سورة الحجر: الآيات 19-22.
 وقوله تعالى: (فَلْيَنظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا مَتَاعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ) سورة الحجر: الآيات 24-32.
فهذه الآيات الكريمة تشير إلى عديد من عناصر البيئة ومكوناتها، والدور الذى تؤديه لصالح الإنسان واستقامة حياته واستمرارها على الأرض. فهى تشير إلى الأرض والنبات والماء والرياح والمطر والليل والنهار والجبال والمراعى والأنعام والحدائق والفاكهة والعنب والزيتون والنخيل، وغيرها مما تشتمل عليه البيئة التى نعيش فيها. وهذه الأشياء التى ذكرناها تمثل جانبًا من العناصر الجامدة والحية التى تتكون منها البيئة، كما أنها تتعرض لبعض الظواهر البيئية التى تحدث من رياح وأمطار، وغيرهما.
وتدعونا هذه الآيات الكريمة إلى التأمل فى طبيعة هذه العناصر، وفى الدور الذى تؤديه فى تكامل وانسجام تام حتى تمضى الحياة على الأرض فى سهولة ويسر. فالماء ينزل من السماء، فيصيب الأرض الجامدة، وتدب فيها الحياة، وتخرج نباتات مختلفة الألوان والطعم والمذاق، حيث تمثل هذه النباتات غذاءً للحيوان. ومن النبات والحيوان يتخذ الإنسان طعامه وغذاءه.
والماء الذى ينزل من السماء، هو المطر الذى تسوقه الرياح إلى حيث يأذن الله ويشاء، فينزل إلى الأرض فتدب فيها الحياة ويخرج من خيراتها الكثير والعديد والمتنوع الذى يسد احتياجات الكائنات الحية ويشبع غرائزها وفهمها. فهناك الخضروات بأشكالها المختلفة والحبوب بأنواعها المتعددة والفاكهة وثمارها المتنوعة فى اللون والطعم، والتى تشبع رغبات الإنسان المختلفة وتسد احتياجاته.
وهكذا، نجد أن دعوة الآيات الكريمة السابقة للإنسان للتأمل فى الكون ومكوناته، والبيئة وعناصرها، إنما هى دعوة لأن يعرف الإنسان مقدار النعم التى أنعم الله – سبحانه وتعالى – بها عليه، وأن يرى تأثير العناصر المختلفة فى حياة ونمو الكائنات الحية التى توفر له الغذاء والكساء والمأوى، ما يدفعه إلى أن يحافظ على هذه الثروات الطبيعية ويعمل على صيانتها وحمايتها.