الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علماء: زيارة القبور فى الأعياد غير مـُستحبة

علماء: زيارة القبور فى الأعياد غير مـُستحبة
علماء: زيارة القبور فى الأعياد غير مـُستحبة




كتب - عمر حسن
تعد زيارة  المقابر فى الأعياد، عادة مصرية تتكرر مع كل عيد خاصة القرى ونجوع الصعيد، وتشتد حدتها بشكل عام فى المناطق التى ينخفض فيها مستوى التعليم والوعى الاجتماعى، فالخرافات دائما ما تحيط بعالم الموتى عند هؤلاء فينجرف الأمر إلى مفهوم مشاطرة الأعياد مع الموتى وإدخال السرور عليهم، وبذلك تنحرف بُغية زيارة المقابر عن مقصدها الأساسى وهو أخذ العظة والعبرة كما حددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى أحاديثه النبوية الشريفة.
ويحرص الناس بعدما يفرغون من أداء صلاة العيد على اصطحاب أسرهم لزيارة ذويهم من الأموات فى أحد القبور، ولكل طريقته الخاصة فى أداء تلك الزيارة، فالبعض يحولها إلى ملتقى أسرى يتجمع فيه أبناء العائلة كنوع من صلة الرحم وفى نفس الوقت «يعيّدون على الفقيد»، بينما يعتبرها البعض مجاملات خاصة النساء اللواتى يذهبن فى زمرة لزيارة قبر أحدهم فيطوقنه بالصراخ والعويل والنحيب، وهذه فئة ثالثة تكتفى بقراءة الفاتحة والدعاء للميت، وعلى أى حال تعود الثلاث فئات مُحمّلة بالأحزان والآلام إلى بيوتهم بعدما تذكروا أمواتهم الذين فارقوهم وأوقدوا نار الاشتياق بداخلهم فى أول أو ثانى أيام العيد فيتحول إلى كآبة وحزن، وتعددت آراء علماء الدين فى هذا الأمر وإن رمت فى النهاية إلى جهات متقاربة.
وحول حكم الدين فى تلك الزيارة يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة فى جامعة الأزهر، إن زيارة القبور مشروعة بشكل عام امتثالا لقول الله تعالى: «أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ..»، وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها..»، لكن ينبغى أن يتحين الانسان الظروف والأزمنة الملائمة لزيارة القبور.
أوضح أن المصريين  للأسف درجوا على زيارة المقابر فى الأعياد وهذه عادة سيئة، لأن العيد مناسبة للاستبشار وللترويح عن النفس وصلة الأرحام وليس لزيارة الموتى، فهذا ليس موجوداً فى مقاصد زيارة المقابر، ولا يعنى ذلك التحريم لفاعله، ولكنه على خلاف الأولى، وفى فقه الأولويات الأولى عدم الزيارة فى الاعياد، وتابع قائلا: «إن كانت الزيارة من وجهة نظر البعض بغرض ادخال السرور على الميت فالأولى بهم أن يتصدقوا عليه فهذا أفضل له وأنفع بكثير من الزيارة التى تتحول فى كثير من الأحيان إلى منتديات للمسامرة والمجالسة وفى أحيان أخرى إلى مكان لإقامة مآدب الطعام فهذا ليس من الإسلام فى شىء».
فى حين استنكر الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، هذه العادة عند المصريين لأنها تجلب الحزن والكآبة فى يوم أذن الله فيه أن تسود السعادة على جميع البشر، مؤكدا أن زيارة القبور مباحة ولكن ليست أيام العيد، قائلا: «الأعياد مناسبات فرح وسرور فلا ينبغى أن نحمل الحزن منها إذا تذكرنا أحباءنا الذين انتقلوا الى رحاب الله فينقلب العيد إلى مأتم وليس فرحاً مخالفة لحكمة الله من العيد.. فالأعياد صُنعت لتكون أفراحاً»، وتابع «كثير ممن يزرورن القبور فى الأعياد يعتبرونها فسحة ويحولونها لمولد وأكل وشرب وهذا إن دل فهو يدل على قساوة القلوب والاستهانة بالموقف».
بينما قال الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، إن زيارة القبور جائزة فى كل وقت حتى فى وقت العيد ولا مشكلة فى ذلك، ولكن للزيارة آدابا يجب أن تتحقق بشكل عام سواء فى وقت العيد أو فى غير ذلك، وأولها عدم الصراخ والعويل على قبر الميت والوقوف بخشوع، والحذر من وطء القبر بالقدمين أو وضع اليد عليه أو حتى الجلوس، امتثالا لقوله - صلى الله عليه وسلم - «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر»، هذا بالإضافة إلى قراءة ما تيسر من القرآن ووهب ثوابه لساكن المقبرة.
وشدّد الأطرش على ضرورة عدم اصطحاب الشابات أو الجميلات عند الذهاب لزيارة القبور وأن يخرج لذلك العجائز الذين لا إرب للرجال فيهن، مؤكدا عدم وجود شىء فى الإسلام يسمى «خميس كبير» أو «أربعين» أو «سنوية» وإن تصادف ذلك مع العيد فمن غير المقبول تأديتها بهذه النية، وإنما الزيارة بهدف العظة والعبرة فقط، قائلا: «العزاء ثلاثة أيام وقال الرسول يؤدب من عزا بعد الثالث».
فى سياق متصل أكد الشيخ حسين خضر، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أن هذه العادة مكروهة وتصل إلى حد التحريم خاصة إذا اقترنت ببعض الطقوس التى يمارسها بعض رواد المقابر فى الأعياد ومن بينها إقامة مآدب الطعام والشراب على رءوس الأموات وإشعال النار والصراخ والعويل، مشيرا إلى أن الاعتقاد السائد عند البعض بخصوص مشاطرة العيد مع الأموات هو اعتقاد مغلوط لا يشوبه أى شىء من الصحة ويجلب الشرور وليست المنافع، وتابع قائلا: «الأولى أنك تعيّد على الحى لأن الحى أبقى من الميت فوالله سيحاسبك الله إذا أدخلت على أبنائك الهم والحزن فى يوم فرحة وسرور».
وأضاف: إن هذا - أى يوم العيد - هو يوم الملابس البيضاء وليس السوداء، وأئمة المساجد يجب أن يزرعوا هذا المفهوم فى أذهان الناس وخاصة النساء فى القرى والصعيد اللواتى يتفننّ فى استعراض مظاهر الحزن فى أول أيام العيد، مؤكدا أن الإنسان وإن كان يحمل فى قلبه حزناً من ضغوط الحياة بشكل عام فعليه فى هذا اليوم أن يتناساها، فما بالك بالذهاب إلى الكآبة بقدميك، قائلا: «كفاية الأيام اللى احنا عايشنها رايح تكمل على نفسك»، مختتما حديثه بذكر موقف حدث مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى أيام العيد حينما دخل عليه أبو بكر فى بيته فوجد مزماراً فاندهش وامتعض قائلا: «أمزمار فى بيت رسول الله» فرد عليه الرسول بأن هذا يوم العيد والأطفال يلهون فيه، وهذا أكبر دليل على أن الرسول كان يمقت هذه العادة السيئة وإلا كان أمر بها.