الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«ماك ولى»... عندما ضحكت «lady» شكسبير !

«ماك ولى»... عندما ضحكت «lady» شكسبير !
«ماك ولى»... عندما ضحكت «lady» شكسبير !




  «فتش عن المرأة»... و«حواء هى سبب خروج آدم من الجنة»، كل هذ المورثات، والأعراف الشعبية المقدسة، المتعارف عليها، إلى الآن، ولم تتغير، حتى وإن كانت مخالفة، للنص القرآنى، والذى يخالف المقولة الأخيرة بالأساس، ويثبت عكسها على الإطلاق، «بأن الشيطان من وسوس لهما»، وليست حواء هى، من وسوست لآدم فتسببت، فى خروجه من الجنة، من هنا انطلقت المخرجة مروة رضوان، فى معالجة رؤيتها الدرامية لمسرحية «ماكبث» لوليم شكسبير، وقررت أن تثور، على النص، الأشهر كى تثبت أن زوجته، ليدى ماكبث، لم تكن هى سبب خروجه، من جنة  الملك والجاه والسلطان، ولا هى من أدت به، إلى جحيم الجنون، كما اعتاد أن يراها المحللون.
فى عرض «ماك ولى» أو «البروفة الأخيرة لماكبث» علي مسرح مركز الإبداع الفني، أعادت رضوان قراءة العمل التراجيدى، الدرامى الكئيب، الذى يحمل الكثير من المؤامرات والقتل، فى قالب كوميدى غنائى استعراضى، عن طريق مخرجة قررت، أن تقوم بعمل البروفة النهائية لمسرحية، «ماكبث» لوليم شكسبير، لكن بتأويلها «النسوى» الخاص، وهو ما طرحته فى العرض، بشكل مغاير عما رأه، معظم النقاد والمحللين لأعمال شكسبير، وهى أن «ليدى ماكبث»، لم تكن المذنبة أو المحرضة الأولى، على فعل القتل، بل الفكرة كانت تراوده، منذ سماعه نبوءة جلوسه على العرش ملكا، ثم هى من شجعته، وأعانته على تنفيذها، ومن خلال العرض، يتضح أن معدة النص قررت إعلان الحرب، على المألوف والمعتاد فى قراءة أعمال شكسبير، خاصة فى هذا العمل على وجه التحديد، الذى ألف الناس تقديمه بطريقة تقليدية للغاية، ولم يتجرأ أحد على تناوله بتأويل مختلف، أو بمعالجة فنية جديدة، رغم أن أعمال شكسبير، من أكثر المسرحيات، التى تحتمل تعدد أوجه قراءتها وتفسيرها.
بالطبع لم تتخل مروة، عن شخصيات العمل الرئيسية لكن الجميع، قدم دوره فى قالب كوميدى فاتنازى، وبمزيج ممتع بين الفصحى والعامية، إلى جانب إضافة أكثر من أغنيه ورقصة، تخللت مشاهد العرض، وهو ما أضاف إليه متعة أكبر، فبدأ الاستعراض، بأغنية النبوءة «احنا الساحرات»، وأدتها ثلاث فتيات بحضور طاغ، هم سارة عادل وألحان المهدى وزينة زين، ونفس الممثلات لعبن أدوار وصيفات الملكة، وتميزن بخفة ورشاقة شديدة، واختيارهن كان موفقا دائما فى كل مشهد جماعى، فكأنك تشاهد ثلاث فتيات يتحركن، حركة فتاة واحدة، ثم تبدأ أحداث المسرحية بـ«ليدى ماكبث»، مايدة عمرو، التى تخدعك للوهلة الأولى من شدة براءتها، ثم تكتشف فجأة أنك أمام ممثلة واعدة، فالبرغم من براءة ملامحها وصغر سنها، إلا أنها قدمت دور «ليدى ماكبث»، على تنوعه وانتقاله ما بين الكوميدى والتراجيدى، بمهارة ممثلة محترفة، بلغت من الكبر عتيا!، وكذلك أحمد محيى «ماكبث»، لم يغفل أن يمنح كل انفعال وأداء حقه بالكامل، سواء فى لحظات الضحك أو الفرح أو الخوف أو الجنون، وظهر تمكنه من أداء شخصية ماكبث، حتى أثناء المشاهد الكوميدية، فكان مدركا دائما، أنه يلعب شخصية ثرية ومعقدة لوليم شكسبير، وبالتالى تعامل معها بمرونة وحرفية، فى الانتقال من الجد إلى الهزل بمنتهى الدقة والوقار.
وكذلك كانت مخرجة ومعدة النص، مروة رضوان التى أعادت صياغة وكتابة «ماكبث»، بشكل كوميدى غنائى استعراضى صادم، يقترب من عروض مسرح برودواى، ووضح من العمل مدى حرصها على تماسكه، وعدم إخلالها بعمق فكرته الرئيسية، حتى فى المشاهد، التى كانت تظهر فيها بشخصيتها كمخرجة، لتوجيه الممثلين فى البروفة، فبدا واضحا ذكاؤها، فى ألا يخرج الممثلون، عن الإطار الدرامى والكوميدى، المحدد لهم حتى لا تضيع هيبة النص العالمى، وبالفعل لم يشعر المشاهد، ولو للحظة واحدة، بانقطاعه عن نص شكسبير الأصلى، أو بتلاشى هيبته أمام الكوميديا الصارخة، بل على العكس، قدم العمل من الجميع بالتزام شديد، فالبرغم من اتساع مساحة الكوميديا بالعرض،، خاصة فى الأدوار التى لعبها كل من، أحمد محارب دوجلاس الذى لعب شخصية «بانكو والقاتل المأجور»، ومحمود سليمان «دانكن والقاتل»، وعبد العزيز حسين «روث والقاتل»، كانوا حقيقية على مستوى المسئولية، رغم تمتعهم جميعا وشهرتهم، بخفة الظل والمهارة فى الأداء الكوميدى للشخصيات، إلا أنهم كانوا يدركون جيدا، أن «لكل مقام مقال».
ففى «البروفة الأخيرة لماكبث» أو «ماك ولى»، جمعت رضوان كل ألوان المسرح، من كوميديا، ورقص، وغناء، وتمثيل، وحركة مدروسة، ولم يغفل صناع العمل الاهتمام ببساطة الديكور لسماح حمدى، وبجودة كلمات الأغانى، التى كتبها شريف نبيل  «احنا الساحرات»، «شوف يا ماكبث»، و«عمل تمثال من الخيال»، والإعداد الموسيقى المبهج، لأحمد طارق يحيى، بينما المأخذ الوحيد على العمل، يتعلق فقط بالأزياء، التى لم تكن للأسف على مستوى جودة العرض الفنية!!