السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بهاء عبد المجيد: الثورة أحدثت انفجاراً إبداعياً وخلقت روح التأمل للواقع والحوار معه

بهاء عبد المجيد: الثورة أحدثت انفجاراً إبداعياً وخلقت روح التأمل للواقع والحوار معه
بهاء عبد المجيد: الثورة أحدثت انفجاراً إبداعياً وخلقت روح التأمل للواقع والحوار معه




حوار – خالد بيومى

بهاء عبد المجيد من أبرز الأصوات الروائية والقصصية فى المشهد الثقافى المصرى وهوأستاذ الأدب الإنجليزى جامعة عين شمس، يجمع بين الكتابة الإبداعية والنقدية. ونجح فى تقديم نص متعدد المستويات والدلالة، وينشأ هذا التعدد أساساً من تعدد الأزمنة، التى لابد للقارئ لكى يتواصل مع النص فى أن يعيد ترتيب المشاهد البصرية والأحداث وفق مفهوم خاص للزمان، ولذلك فالكاتب لا يقدم نصاً تقليدياً. ولكنه نص مفعم بالجدة والطرافة، من أعماله: النوم مع الغرباء، سانت تيريزا، خمارة المعبد، جبل الزينة، ورق الجنة. عن الثقافة وأعماله الروائية كان حوارنا معه:


■ «طقوس الصعود» هو عنوان مجموعتك القصصية الأخيرة.. برأيك هل للصعود طقوس؟ وهل العنوان له علاقة بنفسيتك بشكل أو بآخر؟
- طقوس الصعود هومفهوم دينى لاهوتى السيد المسيح صعد به ولكن بعد مرحلة من الألم والعذاب وسيدنا محمد تم المعراج به فى السموات السبع وهذا طقس من طقوس صعود الروح لربها.. وعلاقة هذا المفهوم بالقصص فى تناول وفاة والد الشخصية الدرامية فى المجموعة ورحيلها من العالم المادى إلى العالم الروحى فهى تحكى كيف رحل الأب ومعاناته قبلها وسيطرة روحه على البطل فى شكل هواجس وذكرى وفقد ومحبة ولكن كان الحل هو الكتابة عن ذكريات الابن مع الأب فالروح تصعد والكتابة أيضا ساهمت فى خلاص الابن من الذكرى المؤلمة، من الممكن أن نقول إن المجموعة ترتبط من قريب من سيرتى الذاتية وتأثرى بوفاة أبى ولكن هى كتابة ليست اعترافية أو ميلودرامية لاستعطاف القارئ هى كتابة فى أى حقيقة وباطنية «ويمكن أن تكون ساعدتنى على فهم لغز الحياة والموت وطقوس صعوده».
■ ما مستقبل القصة القصيرة فى ظل طغيان النص الروائى وتوجه المتلقى  إلى الرواية؟
- للأسف مصير غامض خاصة بعد هيمنة الرواية بسبب سوق النشر وآليات الإنتاج والربح من ورائها،  القصة أصبحت مثل الشعر للأسف لا يرحب بنشره الناشرون.. ولكن تعتقد ان هناك صحوة من خلال الكتاب  لنشر القصة وأعتقد أن بعض الجرائد له دور مهم فى أهمية القصة القصيرة خاصة جريدة الحياة اللندنية وقسمها الأدبى برعاية الشاعر على عطا وقبله الراحل إبراهيم أصلان... أعتقد أن فن القصة يجب إحياؤه والاهتمام به لما يمثله من حاجة خاصة فى عصر التشتت الذى نعيشه لأنه فن جميل ومناسب لشرح الحياة بشكل موجز ومكثف. أنا كاتب روائى ولكن بدأت بكتابة القصة القصيرة فى مجموعتى الأولى البيانوالأسود 1996 وكتب عنها الدكتور صلاح فضل مادحا هذه الكتابة الجديدة.
■ روايتك (خمارة المعبد) عالجت العلاقة بين الشرق والغرب.. برأيك هل سيظل الشرق شرقاً والغرب غرباً طبقا لرؤية «كبلنج» ولن يلتقيا؟
- سؤال جدير بالتفكير العميق والتعجب ويحتاج كثيرا من البحث... الاستعمار رحل ولكنه سيظل موجودا بوعيه وتبعية مثقفى الدول المحتلة لهذا الأبيض كما قال فرانز فانون فى كتابه معذبو الأرض... الغريب فى هذه الرواية أن البطل ذهب لأيرلندا وهى دولة ما بعد استعمارية ومع ذلك شعر بالقهر وعدم التأقلم لان لديهم مشاكل مع استقبال الغريب لأنهم يخافون كل ما هو غريب بعدما قهرهم الإنجليز هوبطل فقير ذهب هناك لدراسة الدكتوراه ولكنه عانى الفقر والحاجة ولم تدعمه دولته إلا بالكفاف ولكنه تحمل فى مقابل أن يحقق حلمه بحصوله على الدكتوراه... الشرق والغرب تقابلا فى قصة  حب معتز وسيمون بطلا الرواية ولكن هناك أشياء كثيرة عطلت اكتمال هذا الحب بسبب الفروق الثقافية والدينية واسلوب الحياة.
■ ما الفرق بين معالجتك لهذه القضية ومعالجة الطيب صالح لها ؟
- الطيب صالح فى موسم الهجرة للشمال قدم الصورة النمطية لمفهوم الرجل الشرقى الإفريقى هذا الرجل المشتهى الفحل الممتلئ بالرغبة والحرمان الجنسى ولكن فى النهاية أصبح قاتلا ولكن معتز ظل حائرا وتعرض للاكتئاب بسبب عدم قدرته بأخذ قرار خاص بحياته، روايتى خمارة المعبد ترجمت للانجليزية فى دار نشر الجامعة الأمريكية وترجمها حونسون رايت ولاقت نجاحا عندما صدرت بالعربية فى أكثر من طبعة. موسم الهجرة للشمال رواية فارقة ولكن وقفت عند الصورة النمطية أما خمارة المعبد فهى تتكلم عن أوروبا فى عصر الاتحاد الأوروبى ونزوح اللاجئين إلى أيرلندا وهى أيضا تدور معظم أحداثها هناك ولكن فى رواية صالح كل الرواية تحكى من منظور الراوى بعد عودته.
■ الحب لم يكتمل فى الرواية.. لماذا ؟
البطل كان يعانى من مشاكل عديدة منها الفقر ثانيا لأنه كانت فكرة الحب ملتبسة عنده ثالثا لمقتل البطلة فى حادث إرهابى فى شمال أيرلندا... ويمكن أن تربطها بسؤالك السابق المتعلق بعلاقة الشرق والغرب وأنهما لن يلتقيا..
■ ترجمت قصيدة «الأرض الخراب» لإليوت؟ رغم ترجمتها من قبل لماذا؟ وما الجديد الذى قدمته؟ وألم تخش المقارنة مع الترجمات السابقة؟
أعتقد الترجمة ليست حكرا على أحد هى تأويل للنص والتزام بفهم المعنى الحقيقى والمجازى للنص واعتقد أن هناك تأويلات عديدة كشفت عن شعر أليوت منذ أن ترجمها لويس عوض أو ماهر شفيق منذ فترة طويلة وأعتقد أننى متخصص فى الشعر الانجليزى ومن واجبى أن أظهر جماليات القصيدة للقارئ العربى خاصة أننى أكتب شعرا باللغة الانجليزية وكنت أستاذا للشعر بجامعة أكسفورد، أرض الخراب هى قصيدة العصر ومستفادة من الحضارات كلها، هى تشبه اولاد حارتنا لنجيب محفوظ وظلم أن نحصرها فى بعض المترجمين مع احترامى لإسهاماتهم الثقافية والتنويرية، من الممكن أن تنشر المجلة الترجمة لترى ردود الأفعال.
■ كيف ترى العلاقة بين النقد الصحفى والنقد الأكاديمى؟
- أنا متحفظ فى الإجابة عن هذا السؤال ولكن ممكن أصرح لك.. مهمة الصحفى أن يعرض وليس ينقد لأن النقد له أصوله ومدارسه وقواعده هو علم دقيق يشبه الفلسفة وعلوم التأويل فى الدين ولكن الصحفى الثقافى يبحث عن نجومية كبيرة... على الرغم من أنه لو ركز فى الصحافة سيكون له شأن كبير... النقد أكاديمى ويساهم فى تطور الفن لأنه شارح ومكانه أكثر فى الجامعة والدوريات المتخصصة. ولكن الحق يقال إن هناك بعض الصحفيين من له رؤية ناقدة ومبدعة فى تفسير النصوص خاصة لوكان له خلفية إبداعية.
■ هل تفاعلت كتاباتك مع الثورة أم أن الوقت ما زال مبكراً؟
- كتبت بعض النصوص عن الثورة مثل فتاة الميدان ووداعا رمسيس وغيرهما أعتقد أن الثورة خلقت روح التأمل للواقع والحوار معه وفكرة الحرية وقمعها وأعتقد أنها أحدثت انفجار إبداعيا وخصوصا عند الشباب واعتقد الثورة نمط للحياة وبالتأكيد سينعكس على كتاباتى القادمة ولكن لا أحب أن أتاجر بها او انتهكها لأنها منتج بشرى وتاريخى عظيم، تحتاج إلى إبداع ووعى فى تشكيلها واعادة إنتاجها إبداعيا.