الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دعوة لإنقاذ منظومة التعليم

دعوة لإنقاذ منظومة التعليم
دعوة لإنقاذ منظومة التعليم




كتب - د.محمد محيى الدين حسنين

أدخل فساد المنظومة التعليمية فى مصر أجيالا كاملة فى نفق مظلم لا يعلم الا الله متى تخرج منه، وأصبح شبابنا عصب المجتمع ومستقبله، يعيش فى جزر منعزلة عن مجتمعه يتواصلون بلغة وثقافة مختلفة تؤكد انفصالهم عن مجتمعهم وكلها اعراض توحى بدخولنا الى ازمة.
ما حدث من تخريب للمنظومة كان على مراحل متداخلة وممتدة لعدة عقود طويلة، ونتيجة لسياسات عشوائية وغير فعالة طالت المراحل الدراسية ما قبل الجامعية تحت مسمى تطوير التعليم، وكان من نتائجها ان اجيالا افرزتها المنظومة لا تحسن لغة قومها، ولم تتعلم التفكير او طرق الحصول على المعلومة  وحتى تكتمل حلقات التشويه، فقد تم تحويل شهادة الثانوية العامة إلى عنق زجاجة، لايمر منها الا القادر على الحفظ، ومن ثم فتحت الباب للمدرسين لإعطاء الجرعات التعليمية لابنائنا فى دروس خصوصية ليقوموا بإفراغها فى الاختبارات، وليس بالمهم ان يتذكروها بعد ذلك ماداموا قد ضمنوا مكانا بالجامعة، ففرغت مدارسنا الثانوية الحكومية، ومؤخرا الخاصة، من الطلبة لتمتلئ بهم المراكز التعليمية المنتشرة من الإسكندرية إلى أسوان يديرها مدرسون تحولوا إلى رجال أعمال.
ولم يتخلف الإعلام عن المساهمة فى هذا التطوير العبثى، فقام بدور لا بأس به ليقنع الطلبة وذويهم بأن الجامعة هى المستقبل المضمون لوظيفة محترمة واحيانا لزوج مضمون، ومما زاد الطين بلة فقد تم تصوير المدرس وكأنه تاجر شنطة، وطالته السخرية فى البرامج والأفلام والمسرحيات وأصبحت مدرسة المشاغبين هى النموذج الطريف للمدرسة المصرية وكما تم تحقير اللغة العربية والاستهزاء بالمدرس والإدارة المدرسية.
ولأن التعليم الحكومى لا يستطيع استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب فقد تم انشاء العديد من المدارس الخاصة وراجت كمشروعات تجارية مربحة بل تنوعت من مدارس للغات محلية ودولية وتعددت انواع الشهادات الثانوية من امريكية وانجليزية ومصرية وحتى إسلامية.
وحتى يكتمل تشويه المنظومة، فقد تم التوسع فى الجامعات الخاصة كما تم التصريح بإقامة الجامعات الأجنبية حتى لا يضطر أولياء الأمور لإرسال أبنائهم إلى دول ما كانت يسمى بدول أوروبا الشرقية، ليعودوا بشهادات دون علم حقيقى وبدلا من ان نعالج جذور المشكلة فقد فتح الباب على مصراعيه لإنشاء جامعات أجنبية فإلى جانب الجامعة الأمريكية أصبحت لدينا الجامعة الفرنسية والألمانية واليابانية والروسية ومؤخرا الجامعة الصينية وحتى تواكب الجامعات الحكومية هذا التطور قامت بإنشاء أقسام للدراسة باللغة الانجليزية والفرنسية توهما منا بأن تلك الجامعات والتدريس باللغات الاجنبية تساعد على تقديم علم متطور وهو ما لم يحدث بالتأكيد وما حدث هو ادخال ثقافات مختلفة لعقول أبنائنا الغضة ولنا أن نتخيل إلى كم قسم يمكن تصنيف شبابنا بناء على خلفيته التعليمية والثقافة التى تربى عليها فى تلك المنظومة المهترئة.
دعونا ننادى بإيقاف تلك المهزلة، ولننظر إلى المنظومة التعليمية بشكل مختلف تعيد للتعليم مكانته ولشبابنا ثقتهم بهويتهم وقدرتهم على قيادة هذا البلد بعد ان يرحل عنها الجيل الحالى، وقد تكون البداية عمل اختبار على المستوى القومى لطلابنا فى جميع المستويات لتحديد نقاط الضعف وعلاجها وفق استراتيجية واضحة قابلة للتنفيذ، وبعيدة عن العبارات الرنانة والمصطلحات المعقدة، وعلى ان تعرض على حوار مجتمعى حقيقى يشترك فيه الطلاب والمدرسون وباقى قطاعات المجتمع وتحت إشراف لجنة محايدة تضم علماء مخلصين لهذا البلد تأخذ فى اعتبارها أن ما أفسدناه فى قرون سيتم اصلاحه فى أيام ولكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة بشرط أن تكون على الطريق الصحيح، ولا بأس من أن يكون العام القادم هو عام التعليم نحشد فيه كل الإمكانات فى سبيل الوصول الى منظومة تعليمية نفخر بها.