الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رحلة سريعة للمغرب العربى!

رحلة سريعة للمغرب العربى!
رحلة سريعة للمغرب العربى!




رحلة سريعة للمغرب العربى شاركت فى مؤتمر لتجديد الخطاب الدينى، عدت منها بأكثر من فكرة وافتراض. أولها، أنه لا معنى لمصطلح «تجديد الخطاب الدينى»، ولا دلالة. لا احد للآن يعرف ما المقصود بتجديد «خطاب الدين»؟ ولا مَن المسئول عن هذا التجديد؟ ولا كيف يمكن ان يتم؟ ولا من اين نبدأ لو اردنا البدء فى تجديده؟
سألت عالما تونسيا عن معنى المصطلح، قال كلاما كثيرا بدا منه انه هو الاخر لا يعرف. بدا من حديثه انه اما دولة دينية، او دولة علمانية، وان الدولة الدينية، هى انعكاس لسلطة المشايخ، وان سلطة المشايخ المستنيرين هى التى يجب ان تسود فى عوالم «الخطاب الدينى المجدد».
ما لم يجب عليه الرجل هو ما المقصود بسلطة رجال الدين؟ وهل رجل الدين نفوذ ام دعوة؟ ومن هو رجل الدين المستنير؟ ومن الذى يحكم على ان ذلك الرجل هو المستنير، وان اخر ليس كذلك؟
ثم، ما المطلوب من «تجديد الخطاب الدينى»؟ هل المطلوب مجرد مكافحة ارهاب ارتبطت افكاره بالقتال والجهاد، باسم الله، وبسنة رسول الله؟ ام ان الغرض من «التجديد» هو نفض التراث عن مسلمات تكونت بفعل السياسة تارة والاجتماع تراة اخرى، حتى تكلس الخطاب الى الله، واستقر على مجموعات خرافية من القصص، ومأثورات من قصص الاطفال، ركزت على العبادات، ولفظت المعاملات.
حدثنى استاذ جزائرى عاش حياته فى فرنسا، ان الحل فى دولة «علمانية»، والبداية من رفع غطاء السمعة السيئة عن مصطلح العلمانية. العلمانية ليست خروجا عن الدين، لكنها اسلوب حياة. العلمانية، هى سلطة دين داخلية، واعمال قانون وضعى عام خارجى.
العلمانية هى البحث فى المستقبل، وعلومه وظروفه، بينما الاصولية الدينية هى نبش فى الماضى، وتقليبه، واعادة تركيبه، ثم محاولة لى الحقائق، كى يتماشى الماضى مع الحاضر فى الطريق للمستقبل.
قال الرجل، وكلامه صحيح، ان الماضى لا يبنى المستقبل، وان ابتداع مصطلح تجديد الخطاب الدينى، فى محاولة لمكافحة الارهاب الجهادى لن يثمر.
لماذا؟
لان الجهاد، ليس امرا عقيديا، بقدر ما هو نتيجة لـموجات «تسييس الدين». تسييس العقيدة، وصبغها بألوان حزبية، وعرقية، هى مشكلة اجتماعية، ليست فقهية.
فى الفقه، تعددت الآراء من الهادئ  للجامح، وفى كتب التراث ما يبيح القتل، والتكفير. فى كتب العقيدة، ما يبيح الحكم بالاخراج من الملة، والنفى من الارض للمخالفين، لذلك كفّر الاصوليين مجتمعاتهم، ورفضوا تأويلات مجتمعاتهم لمقاصد الشريعة، مع ان المتطرفين، ومجتمعاتهم قرأوا نفس الكتب، ودرسوا نفس الصفحات، وتداولوا نفس الشروحات، واستخرجوا الاحكام الشرعية من مصادر واحدة!
هل يعنى تجديد الخطاب الدينى غربلة «التراث»، واعادة الاختيار من بين الآراء؟ طيب، من الذى يعيد الاختيار، والغربلة؟ ومن الذى يحكم على تلك الاختيارات، وتلك الغربلة؟ ثم ما هو مدى استمرار التسليم بتلك الاختيارات، وهذه الغربلات؟
الازمة ليست فى فشلنا حتى الآن فى تجديد «خطاب الدين»، انما فى اننا اطلقنا مصطلحا، لا معنى له، ثم جلسنا نبحث له عن معنى، وعن مضمون، وفى النزاعات السياسية، والازمات الاجتماعية، نسارع بالعراك على المعنى وعلى المضمون.