الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«فيروس سى» بـ«كوتشنر» يأكل أكباد أبناء كفر الشيخ

«فيروس سى» بـ«كوتشنر» يأكل أكباد أبناء كفر الشيخ
«فيروس سى» بـ«كوتشنر» يأكل أكباد أبناء كفر الشيخ




كفر الشيخ – محمد الأسيوطى

 يعيش 3 ملايين ونصف المليون نسمة بمدن وقرى كفر الشيخ معاناة مأساوية بسبب تلوث مصرف «كوتشنر» الذى يبلغ طوله أكثر من 68 كيلو مترًا منها 46 كيلو فى نطاق المحافظة لينتهى به الحال فى البحر الأبيض المتوسط وبحيرة البرلس.
يعتبر المصرف مصدر البلاء فى المحافظة رغم أنه أنشئ للصرف الزراعى إلا أنه تصب فيه أكثر من ٥٠ منشأة صناعية مخلفاتها فهو يجلب جميع الملوثات الصناعية فى مصانع المحلة الكبرى البالغ عددها 28 مصنعًا للقطاع الخاص و4 مصانع قطاع عام.
تشمل هذه البؤر شركات «مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى ـ النصر للغزل والنسيج والصباغة بالمحلة ـ طنطا للكتان والصابون بالمحلة ـ الإسكندرية للزيوت والصابون بفرعيها فى مدينتى كفر الشيخ وكفر الزيات» بالإضافة إلى أن الصرف الصحى الذى يبقى فيه بداية من الغربية ونهاية بالبرلس بكفر الشيخ.


نظرا لوجود أزمة متكررة فى مياه الرى بالدقهلية حيث تقع المحافظة فى حدود المصبات والترع ما يؤثر بالسلب على كمية المياه التى تصل إلى الأراضى الزراعية بالمحافظة يضطر الفلاحون لاستخدام مياه مصرف كوتشنر الملوثة بشتى أنواع الملوثات الصناعية والصحية فى رى أراضيهم الأمر الذى يعكس بدوره ارتفاع نسبة الإصابة بفيرس سى فى قرى مركز الحامول وبيلا وبلطيم التى يمر بها المصرف.
وهناك  دراسة دقيقة وعلمية تؤكد أن ما يجرى فى بحيرة البرلس التى يصب مصرف كوتشنر مياهه فيها أجرتها الدكتورة  نبيلة شاهين حسن، أستاذة البيئة وفسيولوجيا النبات بجامعة طنطا، أن البحيرة مصابة بـ9 أنواع من السموم وهناك 9 مصارف للصحى والزراعى والصناعى تصب فى المصرف وفى بحيرة البرلس.
وأكدت شاهين أن هناك أمراضًا تتعرض لها الأسماك من سموم التلوث أهمها مرض التسمم الدموي، بالإضافة إلى أن هناك 5 أمراض أخرى تصيب الأسماك ولاسيما البورى والبلطى.
الغريب فى الأمر برغم تلك الدراسة إلا أن المستشار محمد عزت عجوة محافظ كفر الشيخ السابق، واللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية الحالي، أثبتا أن أسماك البحيرة سليمة من خلال تحليل عينات أعلنا عنها وهذا ما دفع أهالى المحافظة للمطالبة بإعادة تحليل عينات من الأسماك.
وفى آخر زيارة للدكتور حسام المغازي، وزير الموارد المائية والرى لكفر الشيخ منذ أكثر من شهرين، قال إننى أعرف حجم المشكلة والمأساة التى تعيشها المحافظة نظرًا لوقوعها فى آخر شبكات مياه الرى بنهر النيل، ما يدفع المزارعين للرى من مصرف الغربية الرئيسى كوتشنر.
وتابع مغازي: كفر الشيخ بها 1760 كيلو مترًا ترع، و1250 كيلو مترا مصارف تتسبب فى تلوث مياه الري، وأنه تم حصر المصانع التى تلقى بصرفها الصناعى فى مصرف كوتشنر، مؤكدا إنه سيتم معالجتها من خلال إنشاء محطات معالجة، بالإضافة إلى أن رئيس الوزراء  افتتح إحدى محطات المعالجة بالمحلة الكبرى ومن يومها لم يفعل المسئولون شيئاً إلا بعد تبنى الرئيس هذا المشروع.
ويشير أشرف صحصاح، عضو الإتحاد المصرى للغرف السياحية، إلى أن الحكومات المتعاقبة لم تقدم شيئاً لأهالي  كفر الشيخ  خاصة أنها المحافظة الوحيدة التي  تقع فى نهاية المصبات ما يؤدى إلى لجوء مزارعى نحو 100 ألف فدان إلى استخدام مياه الصرف فى رى أراضيهم، منوها إلى أن أخطر مصدرين للتلوث بكفر الشيخ هما مصرف الغربية الرئيسى المعروف باسم «كوتشنر» ومصرف نمرة ٨.
ويضيف: تم  تخصيص 200 مليون جنيه فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك وحكومة نظيف  لتطوير المصرف والقضاء على التلوث وقرر وقتها إلزام  أصحاب الشركات والمصانع بالمحلة الكبرى بتركيب وحدات تنقية للصرف الصناعى قبل صرف المياه  وإنشاء محطات معالجة إلا أنه لم يتم من ذلك شيء حتى الآن ولا نعرف أين ذهبت الـ200 مليون جنيه.
أما الدكتور محمد جلال، مدير مركز أبحاث أمراض الكبد بكفر الشيخ، يؤكد أن النسبة الفعلية للإصابة بالفيرس التى تم اكتشافها بالمحافظة 30%، منوها إلى أن هناك من هم مصابون بالمرض ولا يعرفون أنهم مصابون إلا من خلال التحليل فى القوافل الطبية.
بينما يؤكد الدكتور محمود محمد علي، أستاذ أمراض الكبد، أن مصرف كوتشنر أصاب المواطنين بالأمراض المتوطنة كالكبد والتيفود والبلهارسيا فى ظل غياب مسئولى وزارة البيئة، مشيرا إلى أن كفر الشيخ سجلت أعلى نسبة إصابة بفيروس «سي» القاتل على مستوى الشرق الأوسط، حيث إصابة أكثر من 60% من أبناء المحافظة، ناهيك أن أكثر من 40% منهم تدهورت حالتهم للمرحلة الأخطر «f4».
وتابع: مركز أبحاث الكبد والقلب بكفر الشيخ يستقبل أكثر من 500 مريض يوميا بخلاف ما يستقبله قسم الجهاز الهضمى بمستشفى جامعة المنصورة من حالات مصابة بالفيروسات الكبدية من أبناء المحافظة، بينما تستقبل وحدات الغسيل الكلوى عشرات المرضى يوميا بسبب تزايد نسبة الفشل الكلوى أيضا.
ويقول المهندس حسن صالح: الأخطر من ذلك قيام الأهالى الواقعة منازلهم على هذا المصرف خاصة على طريق «كفر الشيخ – الحامول» بتصريف الصرف الصحى فى المصرف، والأدهى والأمر أنه بمجرد النظر من أمام قريتى المناوفة والعشرية ترى مواسير «الترنشات» والصرف الصحى تمتد فى المصرف الذى يروى أكثر من 300 ألف فدان، ليس هذا فحسب بل وصل الأمر بأن سيارات الوحدات المحلية تقوم بتفريغ الصرف الصحى فى «كوتشنر» على مرأى ومسمع المسئولين.
ويشير محسن محمد علب، مزارع، إلى أن كوتشنر يستخدمه فلاحو قرى الحامول، ويروون منه 11 ألف فدان أرز، وهى مساحة بدأت تتلف بسبب استخدام مياه الصرف الصحى والصناعي، إلى جانب زراعة 4 آلاف فدان أخرى بمياه الصرف غير المعالج، مشيرا إلى أن هذه المنطقة بها 6 جمعيات للاستصلاح الزراعي.