الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خالد زكى: التماثيل الموجودة فى ميادين مصر لا تليق بحضاراتها

خالد زكى: التماثيل الموجودة فى ميادين مصر لا تليق بحضاراتها
خالد زكى: التماثيل الموجودة فى ميادين مصر لا تليق بحضاراتها




حوار - سوزى شكرى
فنان لا تشغله مدرسة فنية بعينها بل تفرض عليه الحالة الفنية ما ينفذه، بعض أعماله تجريدية والبعض تعبيرية تكاد من فرط إنسانيتها وصدقها تشعرك أنك سبق وأن التقيت بها فى مكان ما، منحوتاته تحاكى أوجاعنا ومنحوتات قدمها إيمانا منه ابن دور الفن المقاومة والرد على التيارات المتشددة والهجوم على المرأة خلال الأربعة أعوام الأخيرة.
يرى أنه من الواجب احتراما للقب الفنان  أن يكون حريصا على تقديم عمل نحتى جديد فى كل مشاركة جماعية  سواء بمصر أو خارج مصر، انه الفنان النحات خالد زكى الحاصل على لقب فنان عالمى من الصين لعام 2015،  وحوار حول مشواره الفنى وقضايا فن النحت وموضوعات أخرى.. فإلى نص الحوار.

■ فى مسيرتك  الفنية شخصيات وأماكن كان لها أثر فى دعمك وتشجيعك.. حدثنا عنها؟
ــ الأماكن كثيرة منها قصور الثقافة بالإسماعيلية وتقدمت لمسابقة حين كنت فى المرحلة الثانوية وفزت بالمركز الثانى وسافرت إلى ألمانيا الغربية، كانت نقلة كبيرة فى حياتى،  لحظة فارقة أخرى عندما التقيت الراحلة الدكتورة عايدة عبد الكريم  وزوجها الراحل زكريا الخنانى فى بلاج البيطاش الإسكندرية وكنت أنحت فى الرمال، أعجبت بعملى وشجعتنى، وكنت بعدها أتردد على استديو الحرانية الخاص بهم وتعلمت أشياء كثيرة، وفى قصر ثقافة السويس  حصلت على جائزة أحسن ديكور، ومسيرتى أغلبها اكتمل  بعد التحاقى بالكلية ثم التجنيد فى الجيش وبعدها بالسفر إلى إيطاليا.
■ أنت المصرى الوحيد الذى فاز فى مسابقة تايبى التى أقيمت مؤخرا بجائزة الفنان العالمى،  حدثنا عن هذه المشاركة؟
ــ مسابقة «الفنان العالمى» أقيمت بمبنى التجارة فى «تايبى بتايوان»، الجائزة عبارة عن تنظيم معرض خاص للفنان الفائز وهى مسابقة خصيصا لاكتشاف مواهب جديدة،  على أن يقام لفائز معرض فردى  عام 2016 لتعريف السوق التايوانى بأعماله النحتية،  المعرض ضم4000 عمل بمشاركة فنانين من جميع أنحاء العالم.
اشترطت المسابقة عدم اشتراك أعمال الفيديو آرت والفنون المفاهيمية وهذا يؤكد تراجع هذا الفن عالميا، فبعض المؤسسات المعنية بالفن عادت تبحث عن الفنون الأصيلة الحقيقية،   أمريكا وحدها لازالت تحتفظ بالاتجاهات المعاصرة لأنها هى من قامت بصناعتها وترويجها،  انا لست ضد الاتجاهات المفاهيمية وبالتأكيد لست ضد المعاصرة.
 انا ضد البعض الذى يروج لها على أنها اتجاهات سوف تصل بالفنان الى العالمية،  ولاحظت أن بعض من يمارسون هذه النوعية  لا يعرف كيف يرسم او ينحت ويمارسها هروبا من أصول الفن، وعلى الفنان أن يتحرك خارج دائرة المحلية والعالمية لأنها سوف تعرقل مصداقية فنه.
■ وهل أضاف إليك وجودك فى إيطاليا؟
ــ فى إيطاليا اشتركت فى مسابقة للتصوير وحصلت على جائزة،  واشتهرت كمصور لكن كان بداخلى أن أكمل مسيرة النحت،   عملت فى ورشة متخصصة فى الأعمال النحتية وجدت فيها أشهر النحاتين العالمين،  كان عملى من أجل الفن ومن أجل أن يكون لدى دخل ثابت،  وقمت بنحت أشهر وأهم أعمال النحاتين الكلاسيكيين،  فى الورشة يتم استنساخ القطع العالمية وهذا لايقلل من قيمة العمل الأصلى بل يخدم عليه،  والجميع يعرف ان هذا نسخ للأصل وله سعر وتداول متعارف عليه.
 فى الورش النحتية يتم النسخ ومصرح به وقانونى على ان يكتب على القطعة انها مستنسخة copy،  يحدث هذا فى إيطاليا فى كل العالم لا يمنع نسخ القطع إلا لو كان فنان العمل موجودًا أو يكون للعمل ورثة، هذه الحالة تتطلب موافقة،  أما الأعمال التاريخية أمثال أعمال مايكل انجلو فملكيتها أصبحت للشعوب،  النسخ بيكون قطع حجرية وغير ملتزمين بعدد معين،  من نسخ القطع تعلمت التشريح والتقنيات ولقاءات مع الكبار وكانت أهم وأغلى فرصة حصلت عليها أن أرى كيف يفكر النحات وكيف ينفذ،  ثم فتحت مشروع خاص بى لنسخ القطع الكلاسيكية.
■ البعض وجه لك نقد بأن أعمالك تتشابه مع فنانين آخرين.. ما تعليقك؟
ــ لو كان من يوجه النقد  ناقد فنى حقيقى يجيد قراءة العمل الفنى وتأويله  سوف احترم نقده وأتحاور وأتناقش معه، إنما البعض لديهم إشكالية فى قراءه العمل أنهم يبذلون جهدًا فى  عقد مقارنة ومحاولة إيجاد فنان يشبه أعمالى أو أعمال زملاء آخرون،   ولا اعرف ما الفائدة من عقد هذه المقارنات إلا أنها تؤكد  وجود حاله فكر سطحية  وهم فى الغالب أشخاص لم يحققوا أنفسهم بعد،  ويجدوا  فى المقارنات نوعًا من التسالى  يرضيهم نفسيا، ولماذا لايصدقون أن يوجد فنان حقيقى صاحب تجربة خاصة لايتشابه ولا يطابق غيره.
■ لماذا استقلت من عضوية لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى للثقافة ثم  لجنة المقتنيات؟
ــ ليس بعيدًا على أى فنان يتواجد فى مؤسسة رسمية لها قوانين وقواعد قد تخنق التطور وتحد من الحرية  الفكرية وطرح الجديد وإجراءاتها بطيئة بالإضافة لأسوأ ما فى هذه المؤسسات «الشللية»، وأثناء وجودى بلجنة المقتنيات طالبت بشكل واضح ان يمنع شراء أعمال من أعضاء اللجنة، وأيضا المجلس الأعلى الكل يحد من تبادل الآراء وكأن من يطرح الجديد سوف يهدم مصر، وقتها قررت الابتعاد نهائيا عن كل المشاريع البيروقراطية وامتهن الفن فقط.
■  ألم تجد دورًا تقدمه المؤسسة الرسمية لرعاية الفنان؟
ــ رعاية الفنان لابد أولا ان تحدد ماذا تقصد برعاية الفنان،  لماذا يسعى الأغلبية إلى المؤسسة الرسمية أليس هذا اعتمادًا كاملاً على المؤسسة،  الدول المتقدمة ليست لديها مؤسسة رسمية خاصة بالفن،  وكيف للفنان ان يظل منتظر من الدولة أن ترعاه،  وينتظر من الدولة أن تشترى أعماله من خلال لجنة المقتنيات،  لم يعد احد فى الوسط إلا ومكتوب فى سيرته الذاتية ان لديه مقتنيات فى متحف الفن الحديث!  ارحموا المتحف،   ومن المسئول عن متحف الفن الحديث وان يكون بهذا الشكل والمضمون السيئ،  وما الإستراتيجية التى يقوم عليها التنظيم وتنسيق المتحف.
 لا أعرف لماذا الإصرار على ان مقتنيات الدولة تدخل مخازن الفن الحديث،  لماذا لاتوزع الأعمال  على متاحف مصر بمحافظاتها ويبلغ الفنان بمكان عمله،  مركزية المقتنيات تحد من التواصل،  فى ألمانيا فى إيطاليا من يعرض أعماله فى المتاحف هم أسماء معينة وأعمال يطلق عليها «أعمال متحفية»  نادرة خالدة، للأسف مقتنيات الدولة أقلت من قيمة الأعمال المتحفية.
 إذا لم يبع الفنان خارج المؤسسة فلن يصبح فنانًا حقيقيًا، سوف تصبح أعماله فى مخازن الدولة،  ولا يقدم فناً لمتلقى أو مقتنى،  وهذه قضية تسويق تحتاج إلى لقاءات ومناقشات وحلول ، بهذا الشكل أصبحت  لجنة المقتنيات دورها أعانه الفنانين،  وتحول شراء العمل من أجل الإعانة! يمكن أن تنشأ لجنه متخصصة فى إعانة الفنان ومراعاة ظروفه  بعيدا عن العمل الفني،  فكر شراء الدولة للعمل الفنى للإعانة هو تكسير عظام الفنانين الشباب الأحق باهتمام الدولة، ويمكن للنقابة ان ترعى الفنان ان توفير الخامات والمواد اللازمة لفنه على أن يقدم الفنان منتجًا فنيًا بنفس الخامات.
■ كنت أحد مؤسسى سمبوزيوم أسوان للنحت فلماذا غبت عن المشاركات؟
ــ أثناء وجودى فى ورشة المسابك فى إيطاليا التقيت لأول مرة مع الفنان آدم حنين الذى جاء لنسخ قطع من أعماله وتحدثنا فى إقامة فعالية سمبوزيوم أسوان للنحت وشاركنى فى التأسيس الراحل الدكتور محمود شكرى، دكتور احمد نوار، محمد الفقى، يسرى حسن وعايدة أيوب،  وكان هذا عام 1995 المشروع كان يتبع قطاع الفنون التشكيلية ثم انتقلت تبعيته إلى صندوق التنمية الثقافية. انا لم أغب عن المشروع فقد شاركت فيه فى مرات معدودة جدا،  انا تركت السمبوزيوم لخلافات فى الرأى وليست  مشاكل فالجميع أصدقائي،   أجد العشوائية  تدار بها السمبوزيوم واطرح سؤالاً وأتمنى أن أجد إجابة أين نتاج السمبوزيوم لكل السنوات الماضية،  بالتأكيد كان يمكن الاستفادة منها وتوزيعها على كل مناطق مصر،  ولماذا لا يخصص السمبوزيوم لنسخ أعمال الرواد بخامات أصيلة تصلح للبقاء مع التغيرات المناخية الأمطار والأتربة  وليكن هذا مشروعًا خاصًا بالشباب.
■ ماتعليقك على ما أثير مؤخرًا عن سوء الأعمال الفنية المعروضة فى ميادين مصر فى المحافظات؟
ـــ فى الفترة الأخيرة ظهرت مجموعة من تماثيل الميادين بشكل سيئ ورفضها كل المتخصصون وهو شىء مؤسف ومخجل وتخبط وعشوائية فى الأعمال النحتية الميدانية شوهت المكان، بل حتى لا يجب أن نقول عليها أعمالاً نحتية  هى مجرد أشكال قام بها مقاول طوب!  مصر بكل تاريخها وحضاراتها لايليق بها ما هو متواجد فى الميادين،  أشكال لاتقل جرما عن الإرهاب لأنها إرهاب بصري،   وكأن النحاتين هاجروا من مصر،  والمضحك والمؤسف ان البعض مازال يفكر فى النحت الميدانى انه لابد ان يضع فيه رمزًا فرعونيًا باعتباره «استلهام»، وهذا تفكير معتاد ونمطى فى الهوية المصرية،  التحدى الحقيقى أن أقدم مصريتى بدون ابتذال،
 والعمل النحتى الميدانى لابد ان تكون له رسالة وارتباط ما بين الماضى والحاضر والمستقبل،  تحتاج لوجود فلسفة وراء كل عمل ولتشكل لجنة من الشعراء والمثقفين والمفكرين والأدباء ويتم التحاور حول مضمون العمل الميدانى الخاص بمنطقة،  مع اختلاف الرؤيا الفكرية والفلسفية على ان يتم بناء معايير العمل ليس الفنان فقط بل يشترك معه المفكرون،  لكل مكان نوعية عمل وخامة وملاءمتها للبيئة والمناخ وأصالة الخامة.