الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عز الدين نجيب: استبعادنا من التأسيسية ضرورة لهم وضرر لنا




عقب الثورة مباشرة، تنبه الفنانون والمثقفون إلى ضرورة حماية الهوية الثقافية لمصر، وما وصل إليه الإبداع من حرية مع ضرورة العمل على استكمال مشوارها، وبالفعل أطلقت مجموعة من المثقفين «مبادرة الدستور الثقافى»، وكان من بين هؤلاء المخرج المسرحى أحمد إسماعيل، والروائى والقاص حمدى الجزار، والشاعر رفعت سلام، والفنان التشكيلى والناقد عز الدين نجيب، ووضعوا تصورا لدستور يحافظ على أهداف الثورة، ويحمى الحريات.. ووقع على هذا الدستور عدد كبير من المثقفين والتشكيليين.
 
 والآن وبعد حوالى عام ونصف العام، يتحدث إلينا أحد واضعى هذا الدستور وهو الفنان والناقد الفنى عز الدين نجيب عن أبواب ونصوص «الدستور الثقافي»، ومدى استعانة اللجنة التأسيسية للدستور به وبنصوصه، فكان لنا معه هذا الحوار:
 
■ هل ترى أن هناك تمثيلا جيدا للمثقفين والمبدعين فى اللجنة التأسيسية للدستور؟
 
- بكل أسف لا يوجد أى تمثيل للمثقفين ولا للتشكيليين، وإن كان يوجد بعض الشخصيات التى نعتبرها تمثل نفسها، ولا تمثل رأى الأغلبية من الجماعة الثقافية، مثل وجود نقيب الممثلين، أو أحد أعضاء اتحاد الكتاب، حيث تم استبعاد شخصيات بعينها من اللجنة، وانسحب آخرون بسبب الخلافات والاختلافات فى طرح ما يخص الحريات.
 
■ هل حدث أى نوع من التواصل بين أعضاء اللجنة التأسيسية وأعضاء «الدستور الثقافي»؟
 
- مع مرور الوقت تأكدنا أنه حوار من طرف واحد وهو تهميش وتعمد وقمع مقصود للمثقفين، لو يعنيهم شأن المثقف المصري، كانوا قد طرحوا علينا ما تم التوصل إليه من مواد الدستور، لنتناقش ونتحاور حولها للوصول لصياغة فكرية ترضى الأغلبية، لكن للأسف استبعادنا من التأسيسية كان متوقعا وطبيعيا، لأنهم يدركون أننا ضد الأفكار العقيمة التى تحجر على حرية المبدع والفنان.
 
■ ما الذى كان يشغل بالكم أثناء وضع نصوص «الدستور الثقافي»؟
 
- كنا حريصين على حماية حريتنا وحرية المواطن العادى فى الاختيار، بغض النظر عن التيار الذى يصل للحكم، أما من جانب الصياغة الفكرية، فقد قدمنا أربعه أبواب، أولها حماية هويتنا المصرية من الإقصاء التاريخي، ثم الحفاظ على الحرية التى هى من أول مطالب الثورة وأهم مكتسباتها، كما وضعنا تصورا لدور كل من المثقف والمؤسسات الثقافية للدولة والعلاقة بينهما.
 
■ ماذا قدم «الدستور الثقافي» فيما يخص حماية حرية الرأى وحرية الإبداع؟
 
- لا وجود بدون حرية، فالحرية هى الأصل، وهو ما ذكرناه فى الباب الخاص بالحريات أن النهوض وتقدم المجتمع بقطاعاته المختلفة مرهون أولاً بتحرير العقل والتفكير، وبالممارسة الثقافية المتحررة من أى ضغوط أو تهديدات، من أى نوع من الرقابة، فلابد من ضمان الحرية الكاملة المسئولة للفكر والاعتقاد وحرية ممارستهما بكل الأشكال، فى جميع المواثيق الدستورية والقانونية، وإلغاء ما يتناقض معها أو ينتقص منها، أو يرهنها بالتزامات مقيدة.
 
لكننا للأسف بعدما قدمنا دستورا يحمى تحرير العقل من القيود، وجدنا أن حرية الإبداع الفنى دخلت ساحة القضاء، بل ويطلبون محاسبة الفنان بأثر رجعى، ليتعرض الفنان عادل إمام للمحاكمة بسبب أعماله التى انتقد فيها تشدد بعض التيارات الدينية، وسواء اختلفنا أو اتفقنا مع الممثل، فإن فرض رقابة ومحاسبة فنان على أعمال قدمها من سنوات شيء غير منطقي، ناهيك عن الانتقادات البشعة التى وجهت لأعمال الأديب العالمى نجيب محفوظ.
 
■ ما رأيك كفنان وناقد فى فرض الرقابة على المنتج الثقافي؟
 
- مثلما نطالب بالحرية للفنان، نطالب الفنان أن يكون صاحب حرية مسئولة نابعة من ضمير المثقف، وأكدنا فى الدستور الثقافى أننا نرفض الرقابة على الإنتاج الثقافى تحت أى ذريعة أو دعوى واستخدامه أداة من أدوات القمع وتكبيل الحرية، وفرض للوصاية على المبدعين الثقافيين، ولابد من تطهير القوانين والحياة الثقافية من كل النصوص والأعراف المقيدة للحرية الثقافية، وإلغاء ما تبقى من أشكال وهيئات رقابية فى المجال الثقافى.
 
■ ما نوعية الثقافة التى يحتاجها الشعب المصرى من وجهة نظرك؟ وكيف يتم الوصول إليها؟
 
- لم نغفل دور المثقف، ودور المؤسسات الثقافية للدولة، فدور المثقف ريادى وقيادى فى حركة التغيير والتطوير الفكرى والتنويري، من خلال تأسيس كيانات ثقافية مستقلة، فى المجالات المختلفة، لتغيير الواقع على الأرض إلى الأفضل والأرقى، أقصد بالموقف النقدى للمثقف، أن يرفض المثقف استخدامه من قِبل أى مؤسسة أو هيئة، أو أن يكون أداة تبريرية لتوجهات مشبوهة أو مفضوحة، أو متواطئًا عليها، ووقتها يكون المثقف بالفعل هو الضمير الحقيقى لشعبه.
 
أما المؤسسات الثقافية، فلها دور فى تثقيف الشعب باعتبارها ليست ملكا للحكومة، بل هى أحد ممتلكات الشعب، وهى ليست سلطة بل هى أداة «خدمية» تعمل فى المجال الثقافى، لصالح ازدهار الثقافة المصرية، بالتالى ليس لها الحق فى الوصاية على الحركة الثقافية أو المثقفين.
 
أما كيف يتم تثقيف المواطن، فهذا يحتاج للتنسيق مع التربية والتعليم، ووضع استراتيجية ومشروع تثقيف، مثل وجود مناهج ثقافية لتكوين الوعى والإدراك والفكر والوجدان، فمناهجنا لا تضم كتبا عن «أساليب الفكر» التى تقدم بعض نماذج من المشكلات وطرق لحلها، فهناك ضرورة لوجود مناهج لتأصيل فكرة احترام الآخر وقبول ثقافته، ومناهج للمواطنة واحترام حرية العقائد للقضاء على الفتن الطائفية، ومناهج خاصة بالثوابت من القيم الأخلاقية وإرساء قواعد الوسطية فى الدين والاستناد فيها إلى الأزهر الشريف.