الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الخلايا النائمة للإخوان فى القضاء أصبحت «بعدد أصابع اليد»

الخلايا النائمة للإخوان فى القضاء أصبحت «بعدد أصابع اليد»
الخلايا النائمة للإخوان فى القضاء أصبحت «بعدد أصابع اليد»




حوار - أيمن غازى
قال المستشار عبدالله فتحى رئيس نادى قضاة مصر: إن القضاء المصرى طوال تاريخه لا يعرف معنى التيارات أو التنظيمات الداخلية.
وأوضح ان عملية تقسيم المؤسسة القضائية بدأت على يد مايسمى بتيار الاستقلال الذى دشن رموزا له وروج هذا الشعار من أجل كسب مزيد من الناخبين لصالحه خلال الانتخابات التى تمت داخل أروقة نادى قضاة مصر منذ نحو عشر سنوات .
وأشار فى حواره لـ«روزاليوسف»: إلى أن عملية إحالة القضاة الذين أفصحوا عن انتمائهم للجماعة الإرهابية  إلى الصلاحية استند إلى قانون السلطة القضائية كونهم  تخلوا عن مبدأ الحياد والنزاهة المفترض أن يتمتع به القاضى .. وما يقومون بترويجه الآن بأن سبب فصلهم من القضاء نتيجة خصومة شخصية مع مجلس ادارة النادى وقت المستشار احمد الزند «تضليل».
وأوضح قائلا :اى قاض ينتمى للجماعة الارهابية لا يمكننا اعتباره «ارهابيا».. ولكن كل من يحاول مساندة هذه الجماعة داخل المؤسسة القضائية سوف نتصدى له بالقانون كما فعلنا مع الآخرين .
وشدد رئيس نادى قضاة مصر على  ضرورة تعديل قانون الاجراءات الجنائية بشكل يتفق مع خطورة الجرائم التى تتم على ارض الدولة خاصة اذا وضعنا فى الاعتبار ان  قانون العقوبات كافٍ فى مواده لتوقيع العقوبات الكافية على المتهمين الذين يثبت تورطهم فى جرائم إرهابية.
تفاصيل اكثر فى سياق الحوار التالى:
■ روزاليوسف: ما موقف نادى قضاة مصر من مسألة تعديل القوانين التى «تغل يد العدالة»؟
-المستشار عبدا لله فتحى : موقف نادى قضاة مصر وقطاع عريض من القضاة  كان يطالب باتخاذ إجراءات خاصة  فى مواجهة الجرائم الإرهابية وكلمة خاصة أو استثنائية هنا لا تعنى انها غير عادلة.. بل إن تكون الإجراءات سريعة وعادلة وحاسمة فى نفس الوقت مع الاحتفاظ ايضا للمتهمين بضماناتهم.. لأن النصوص الحالية وخاصة تلك الموجودة فى قانون الاجراءات  لم توضع فى الأساس لمواجهة هذه الجرائم الخطيرة بل لمواجهة جرائم عادية.. وبما ان الجرائم التى نراها اليوم  تتعارض مع  ناموس الحياة والبشر.. الواجب علينا هنا ان نقوم بتعديل النصوص التى تواجه هذه الجرائم بكل قوة ..اضافة الى انه من غير المقبول ان نجد قانون الإجراءات غالبية نصوصه تنص على «حق المتهم.. يجب على المحكمة ان تستمع إلى المتهم .. يجب على المحكمة ان تستمع إلى الشهود حتى وان كانوا اكثر من مائة شاهد».
■ روزاليوسف: ما طبيعة هذه الإجراءات السريعة والعادلة فى نفس التوقيت ؟
-المستشار عبد الله فتحي: كان من الممكن إحالة كل هذه الجرائم إلى القضاء العسكري.. وبما اننا  اردنا أن  نجعل هذه الجرائم أمام  القضاء المدنى كما هى فيجب ان يتم تعديل النصوص الخاصة بقانون الاجراءات ومنها على سبيل المثال لا الحصر تعديل المادة الخاصة بسماع الشهود.. لأنه من غير المنطقى أن  يطلب المتهم سماع نحو 200 شاهد كما رأينا فى بعض القضايا والمحكمة مقيدة ولا يمكن لها ان تغفل هذه الضمانة.. وبالتالى اصبحت هذه الامور مع تزايد العمليات الارهابية  وتورط كثير من المتهمين تصب فى نطاق واحد وهو «غل يد العدالة».
■ روزاليوسف: إذن.. لماذا يتم توجيه اللوم الى القضاة باعتبارهم السبب المباشر فى تأخر صدور الأحكام وبالتالى اصبحنا امام مسألة بطء كبير فيما يخص عملية التقاضى؟
- المستشار  عبدالله فتحى: دعنى أقول لك ان القضاة غضبوا من هذا الأمر .. لأن القضاء  المصرى لم يكن سببا سواء مباشرًا أو غير مباشر فى  مسألة تأخر صدور الأحكام.. ولكن نتيجة النصوص العقيمة التى مر عليها وقت طويل واصبحت لا تتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية التى تتعرض لها الدولة لهجمات ارهابية بين الحين والآخر.
وأقول أيضا هنا: ان القاضى يطبق القانون فقط ولا يملك سلطة التشريع بالنسبة للقوانين.. لأن التشريع بيد البرلمان.. وبما اننا ليس لدينا برلمان حتى الآن فأصبحت سلطة « سن القوانين» بيد رئيس الدولة..  وعليه ان يستخدمها من خلال إصدار تعديلات على هذه النصوص لمواجهة هذه الجرائم.. بما لا يخل ايضا بضمانات المتهمين.
واضيف هنا تأسيسا لما سبق انه كان من الواجب على الدولة ان تدخل تعديلاتها على قانون الاجرءات الجنائية منذ بداية ظهور اول عملية ارهابية وقعت ضد الجيش والشرطة والقضاء وغيرها من مؤسسات الدولة.
■ روزاليوسف: كيف تفسر لى مسألة احالة المتهمين بالتعدى على  المنشآت العسكرية إلى القضاء المدنى .. بالرغم من وجود نصوص دستورية وقانونية واضحة بضرورة احالتهم الى القضاء العسكري؟
- المستشار عبدالله فتحى: ارد عليك هنا بشىء آخر.. الرئيس السيسى اصدر قانونًا منذ اشهر قليلة مضت اناط بالمؤسسة العسكرية «حماية بعض المنشآت الحكومية والخاصة والعامة ايضا» واعتبر هذه المنشآت منشآت عسكرية بموجب هذا القانون وان القائم بحراستها افراد المؤسسة العسكرية.. واقول لك ايضا: اننى شخصيا كقاض اعتقدت فى بادئ الامر ان هذا القانون صدر تمهيدا لاحالة كل الجرائم التى سترتكب الى القضاء العسكرى .. ولكن فوجئنا ان القانون صدر.. ثم صدر بعده قانون تحديد الكيانات الإرهابية وفى النهاية لا شىء «يطبق».. وللعلم.. القضاء العسكرى موجود فى كل دولة.. وما يرتكب من جرائم الآن ضد الدولة نموذج من نماذج اختصاص القضاء العسكرى.. ونحن هنا نؤكد اهمية القضاء العسكرى.. وهو قضاء طبيعى وليس قضاء استثنائيا وكل ما فى الامر انه يختص بنوعية محددة من الجرائم التى ترتكب على المنشآت العسكرية والعسكريين.. وكل دولة لديها هذا النوع من القضاء .. واختصاصه بالتالى فى التصدى  لهذه النوعية من الجرائم الإرهابية اختصاص طبيعى لأنها جرائم تنال  من الوطن ومن كيانه.. وأهمية القضاء العسكرى هذه الفترة انه اسرع  فى  النظر والفصل فى القضايا بحكم طبيعة عمله باعتبار ان القائمين عليه قضاة عسكريين متواجدين يوميا فى مواقعهم .. ولذلك كنت اتوسم فى الدولة والقيادة السياسية ان تحيل كل هذه الجرائم التى ارتكبت ضد الدولة  الى القضاء العسكري.
■ روزاليوسف: طالما أن هذا الأمر لم يتم هل هناك حل آخر لمواجهة الجرائم الإرهابية؟
- المستشار عبدالله فتحى: يتم هذا من خلال اعادة النظر فى بعض النصوص بشكل واضح منها النص الخاص بمناقشة المتهم لشهود الاثبات.. فيجب تعديل هذا النص من خلال جعله سلطة تقديرية للمحكمة من حيث الأخذ به او رفضه بدلا  من الاستماع لكل هذا الكم من شهود الاثبات.. لأن النص الحالى ملزم والا أصبح حكمها باطل.. أيضا مسألة طلبات الرد أمام المحكمة التى تطيل أمد التقاضى.. كل الذين يتقدمون بطلبات رد للمحكمة يعلمون ان ذلك الامر يطيل امد التقاضى باعتباره احدى وسائل النزاع واثارة البلبلة .. وعليه يجب ان ينظم ويطوق خلال يوم او يومين .. مع تغليظ الغرامة على من يقوم بذلك طالما أنه ليس جادا فى طلب الرد الذى يقدمه.
■ روزاليوسف: هل ترى أن القضاء المصرى  أصبح مخترقا من داخله سواء من تيارات أو جماعات؟  
-المستشار عبدا لله فتحى : ليس لهذه الدرجة.. والقضاء المصرى طوال عمره نسيج واحد ولم يكن يعرف معنى الخلايا أو الفصائل أو غير ذلك من المسميات.. ولكن فترة العشر سنوات الأخيرة ونتيجة الانتخابات الخاصة بالنادى التى جرت منذ ذلك الحين ظهر تيار أطلق على نفسه ما يسمى تيار «استقلال القضاء» وهو مسمى كان يخص الانتخابات الداخلية للقضاة والتى تجرى بناديهم.. وكان له بعض القضاة الذين شكلوا فيما بعد رموزا له.. وأقول هنا أيضا إن هناك من خدع فى هذا الشعار والتيار الذى كان يرفعه.. وكان هدف  الشعار حشد المؤيدين فى انتخابات نادى القضاة  لصالح تيار فريق بعينه.
وأقول لك إن هذا الفريق بعد ثورتى يناير و30 يونيو  اكتشف أنهم يعملون لحساب جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.. وأن الجماعة نفسها كانت تحتمى خلف هذا التيار وهؤلاء القضاة الذين كانوا يتزعمون هذا التيار  قبل اندلاع ثورة يناير ومن بعدها ثورة 30 يونيو اتخذتهم  جماعة الاخوان الارهابية وسيلة للوصول إلى أهدافها  السياسية.. واتضحت الأمور فى النهاية بأن هذه المجموعة لم تكن تدافع عن استقلال القضاء.. وبعد إن تصدرت جماعة الإخوان الإرهابية المشهد ووصل احد ممثليها للسلطة.. اتضح أيضا لجميع قضاة مصر أن هؤلاء لا علاقة لهم باستقلال القضاء ولكن دفاعهم كان من اجل الجماعة التى كانوا ينتمون إليها أو يوالونها.. وبعد ذلك تطهر القضاء منهم.
■ روزاليوسف: هل عملية فصل القضاة الذين اظهروا دعما وتأييدا واضحا لجماعة الإخوان الإرهابية تمت لهذا السبب فقط ؟
- المستشار عبدا لله فتحى: عملية إحالة القضاة الذين أفصحوا عن انتمائهم للجماعة إلى الصلاحية استند إلى قانون السلطة القضائية كونهم  تخلوا عن مبدأ الحياد والنزاهة المفترض ان يتمتع به القاضى وأيضا لأنهم انحازوا لفصيل سياسى بعينه .. بشكل يتجاوز احكام قانون السلطة القضائية الذى يمنع على القاضى العمل بالسياسة أو الانتماء أو الافصاح عن الانتماء لفصيل سياسى بعينه .
■ روزاليوسف : هل هناك قضاة إخوان على المنصة غير معروفين ومن الممكن أن يؤثر وجودهم على سير العدالة؟
- المستشار عبدالله فتحى: قد يكون هناك مجموعة موجودة.. والذين نطلق عليهم ما يسمى «بالخلايا النائمة».. وهؤلاء يتم تتبعهم .. ولكن طالما أن  فكرهم ظل حبيس صدورهم وعقولهم فلا شأن لنا بهم.. أما إذا انعكس هذا التصرف على «حكم أو قرار» فيما يخص القضايا التى يباشرونها  فسوف نتصدى لهم قانونا.. وسوف يتخذ نادى القضاة إجراءاته  المناسبه تجاههم شأنهم شأن من سبقوهم وتم التحقيق معهم وأحيلوا للتقاعد  مثل قضاة من أجل مصر وقضاة بيان رابعة.. ودعنى اطمئن الشعب المصرى هنا أن عدد القضاة الذين يمكن أن نطلق عليهم خلايا نائمة لصالح الجماعة الإرهابية عدد محدود جدا ولا يتعدى نحو مائة عضو فى الجسد القضائى.
■ روزاليوسف: وفقا لقانون السلطة القضائية «القاضى يؤخذ بالشبهة» بعكس المتهم العادى الذى تفسر الشبهة لصالحه.. فهل هذا يتيح إحالة العناصر الموالية للجماعة  داخل المؤسسة القضائية إلى الصلاحية؟
- المستشار عبدا لله فتحى : فعلا القاضى يؤخذ بالشبهة .. ولكن مع استمرار هذه الشبهة.. ولا يمكن تطبيق هذا الأمر على قاض أنكر معرفته أو صلته بالجماعة الإرهابية.. وبعضهم اختفى من المشهد تماما بحيث إنه لا يمكن أن تضع يدك عليه قانونا.
■ روزاليوسف : ماذا تقول للقضاة الذين أحيلوا للتقاعد ويروجون الآن أن سبب فصلهم من المؤسسة القضائية نتيجة خلاف فى الرأى مع نادى قضاة مصر  بالرغم من ثبوت  دعمهم «للجماعة الإرهابية»؟
- المستشار عبدا لله فتحي: طالما أن الأمر متعلق بمصلحة الوطن.. فإننا نسمو فوق الخلافات.. القضاة الذين أحيلوا للتقاعد نتيجة دعمهم للجماعة الإرهابية وتوقيعهم على بيان رابعة..   ليس بيننا وبينهم أى خلاف .. وعموما نحن معتادون على عملية التضليل هذه .. ونحن كقضاة لا ندخل فى خصومة مع احد وإجراءات إحالتهم للتقاعد تمت وفقا لإجراءات قانون السلطة القضائية .. واللجنة التى شكلها نادى قضاة مصر لتقديم بلاغات ضدهم شكلت من خيرة رجال القضاء.. وصولا إلى تطهير المؤسسة القضائية ممن يدعمون  هذه الجماعة.. وثبت الآن صحة موقف نادى قضاة مصر.
■ روزاليوسف : هل يمكن أن نطلق على القضاة الذين يدعمون الجماعة الإرهابية بأنهم «إرهابيون» أيضا ؟
- المستشار عبدا لله فتحي: اعتقد أنهم أصحاب قناعة فكرية وشخصية لا ترقى لهذه الدرجة. وان كنت أرى أن أى مصرى «يصمت» أمام جرائم الإخوان ويرى ما يحدث من جرائم بحق مؤسسات الدولة وهذا الشعب ويظل على موقفه منهم «داعما ومؤيدا» فهو «شريك  بالسلب» فى هذه الجرائم
■ روزاليوسف: الحديث عن وجود فساد بقدر ما  داخل القضاء.. ما مدى صحة ذلك .. وكيف يتم التخلص منه ؟
-    المستشار عبدا لله فتحي: أى عمل بشرى لابد إن يكون فيه تجاوز.. ولكن الأهم داخل المؤسسة القضائية أنها نسبة لا تتعدى شخصين أو ثلاثة ويتم إبعادهم بشكل سريع.. وإذا وضعنا فى الاعتبار عدد أعضاء السلطة القضائية البالغ عددهم نحو خمسة عشر ألف عضو وبين العدد الذى تتم إحالته للتقاعد نتيجة تجاوزاته تكاد تكون النتيجة «صفرًا».. لان القاضى ليس فوق القانون وان كانت له حصانة.. لان هذه الحصانة تحميه لأداء عمله فقط.. أما إذا تجاوز وارتكب جريمة من أى نوع ترفع عنه هذه الحصانة ويطبق عليه القانون.
■ روزاليوسف : كيف ترى محاولات التشكيك فى أحكام القضاء بشكل عام خصوصا فى الفترة الأخيرة ؟
-المستشار عبدالله فتحى: لا أحد يمكنه التعليق أو الحكم على قضية متداولة أمام القضاء  حتى لو كان قاضيا طالما انه لا ينظرها بنفسه على المنصة .. وأقول لك إن التعامل مع الأحكام القضائية والتعليق عليها كأنها مباراة كرة قدم أمر غير طبيعى  ولا يليق .
■ روزاليوسف: لماذا كل هذا الجدل حول انتخابات نادى القضاة الأخيرة ما بين الطعون والتأجيل؟
-    المستشار عبدا لله فتحى: لأن هذه الانتخابات لها خصوصية  نظرا لأن المرشح والناخب والمشرف على الصناديق والفائز «قاض» .. والغرابة  الأخيرة التى أضفيت على الانتخابات كونها تأتى فى مواجهة المستشار أحمد الزند الذى قدم هو ومجلسه الكثير وكان غالبية القضاة ينظرون إليه انه من المفترض إن يستمر المستشار الزند  فى موقعه  يكتمل عطاؤه وكثيرا من الذين خاضوا ترشحوا للمنافسة أمام المستشار الزند مؤخرا قبل اختياره وزيرا للعدل اعتقد أنهم يبغون الشهرة الإعلامية.