الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أسطوانات «بتروجاس» المفخخة تحصد أرواح الأبرياء فى الأقصر

أسطوانات «بتروجاس» المفخخة تحصد أرواح الأبرياء فى الأقصر
أسطوانات «بتروجاس» المفخخة تحصد أرواح الأبرياء فى الأقصر




الأقصر ـ أسماء مرعى
مصنع تعبئة بوتاجاز الطود بالأقصر أصبح قنبلة موقوتة وشيكة الانفجار، فرغم مرور 8 سنوات على إبرام عقد استثمارى بتأجير المصنع من عام 2007 حتى 2017 لصالح شركة سعد الدين للغازات البترولية، فقد مرت أحداث كثيرة يشوبها اللغط بل وصلت لحد اللبس والغموض فى بعض الأحيان، أهمها ضرب بقوانين السلامة والصحة المهنية عرض الحائط.
ليس هذا فحسب بل وهناك مخالفات وانتهاكات وتلاعب فى الأوزان وبيع للأسطوانات فى السوق السوداء، ناهيك عن تشريد 5 عمال بعد رفضهم الاشتراك فى جرائم السرقة والفساد، إلى جانب نشوب حرائق أودت بحياة 8 شباب، بالإضافة إلى تهديد عاملة مسيحية وتحريض رجال الدين الكنسى عليها، كما تم غلق المحاضر دون أسباب واضحة وعدم اتخاذ أى إجراءات ضد المخالفين.
«روزاليوسف» حصلت على صور ضوئية من المستندات والأوراق التى تؤكد المخالفات والانتهاكات التى ارتكبها القائمون على مصنع تعبئة البوتاجاز بالطود..
يقول أيمن خليل، رئيس نقابة العاملين بالمصنع: بعد افتتاح مصنع بوتاجاز الطود التابع لشركة «بتروجاس» وملك لمحافظة الأقصر فى 2006 تم إبرام عقد بتأجير المصنع بالعمالة لمدة 10 سنوات لصالح شركة «سعد الدين للغازات البترولية» شريطة التطوير والاستخدام الآلى فى التعبئة والإشراف على الأسطوانات، إلا أنه منذ تأجيره بدأت الانتهاكات والمخالفات حيث تم تعطيل حوض الأمان الذى يوضع فيه اسطوانة البوتاجاز للتأكد من خلوها من الثقوب، فضلا تعبئة الاسطوانات غير الصالحة للاستعمال ما يؤدى إلى انفجارها فى معظم الأوقات، بالإضافة إلى التلاعب فى أوزان الأنابيب لتصبح 27 كيلو بدلا من 31 وبيعها فى السوق السوداء.
ويوضح خليل أن المصنع يستقبل يوميا 140 طن غاز من المفترض أنها تكفى لتعبئة 12 ألفا و40 أسطوانة أى بمعدل 86 أنبوبة للطن الواحد، إلا أن الواقع يختلف تماما عن الحقيقة، حيث ينتج المصنع يوميا 15 ألف اسطوانة صغيرة و1500 اسطوانة كبيرة تجارية، أى بمعدل 6 آلاف أنبوبة زيادة عن الانتاج الطبيعي، خاصة أن الطن ينتج 43 اسطوانة كبيرة تجارية فقط.
ويستنكر رئيس نقابة العاملين بالمصنع من تعسف طاقم الإدارة فى التعامل مع العمال حينما امتنعوا عن المشاركة فى الفساد والسرقة المتواصلة، حيث تم تحرير محاضر كيدية لبعضهم ونقل 5 آخرين إلى أماكن نائية.
يقول أحد العمال، رفض ذكر اسمه خوفا من تعسف الإدارة معه، إن المصنع معقل للسرقة والفساد والاهمال، فضلا على أن حوض الأمان واختبار صلاحية الاسطوانات لا يعمل منذ سنوات ولا توجد به «طبة» لفوهة المحبس والتى لابد أن تتوافر بأى أنبوبة.
وتابع: تتم السرقة والتلاعب فى فواتير الأنابيب وتمرير النقود مقابل الانتاج للزيادة والأوزان التى تمت سرقتها من خلال عدم إدراج فواتير الأوزان المسروقة من قبل محاسب بهيئة البريد يبدأ عمله فى المصنع قبل الثامنة صباحا وبعد الخامسة مساء «بعد مواعيد عمله الرسمية» نظرا لأن المدير المالى فى المصنع حاصل على دبلوم صنايع ولا يعرف شيئًا.
وينوه أبو يوسف، أحد العمال المضارين إلى أن الأدوات المستخدمة فى المصنع تسبب خطورة بالغة على حياتهم، حيث إنهم يستخدمون أدوات حديدية يمكن أن تحدث شرزًا فى أى وقت ينتج عنه انفجار، فضلا عن عدم ارتداء العمال أحذية واقية واستخدام خراطيم لتفريغ السيارات المحملة بالغاز رديئة غير مطابقة للمواطفات.
ويشير أبو فاطمة، أحد العاملين بالمصنع إلى أن المناورة التى قامت بها شركة بتروجاس للسيطرة على حريق وهمى داخل مصنع بوتاجاز الطود الشهر الماضى للوقوف على مدى التأمين الكامل فشلت، خاصة أن خراطيم الاطفاء مشققة وبها ثقوب.
ويلفت أبو فاطمة إلى أن الأمن الصناعى ومكتب العمل اعترفا بوجود مخالفات وانتهاكات داخل المصنع وقاما بتحرير محاضر تحمل أرقام 1228 لسنة 2014 من قبل مكتب العمل، و1835 لسنة 2014 من قبل إحدى لجان التفتيش على المصنع، والمحضر رقم 2537 لسنة 2013 من قبل الأمن الصناعى ضد مسئولى المصنع، والمحضر رقم 1855، مستنكرًا عدم اتخاذ أى اجراءات ضد المصنع حتى الآن فضلًا عن تسوية جميع المحاضر التى يتم تحريرها وديا -على حد قوله.
الغريب هنا أن «ن. س. غبريال» تقول: إدارة المصنع مارست معى الاضطهادين النفسى والدينى، حيث إن المدير المالى بالمصنع استخدم معها اسلوبا غير اخلاقى كما ذهب للكنسية واطلق عليها الشائعات واتهمها بأنها تريد الدخول فى الإسلام وتنوى الزواج من شاب مسلم ما سبب لها مشاكل مع الكنيسة، قائلا لها: «اسكتى انتى وصلتى لأى باللى بتعمليه دا وأنا بشترى كل الناس بفلوسى وكل المحاضر والشكاوى بنيمها بالجنيه».
ويذكر أحد العاملين أن المدير المالى للمصنع يجلس على أحد المقاهى مع مفتش تموين يعمل «سمسارا» ليخبره بمواعيد مرور لجان التفتيش على المصنع ويقوم على أثرها بضبط الموازين، ناهيك أن المصنع يعمل منذ عدة أشهر دون تراخيض، إلى جانب أن اللجنة التى شكلتها الحماية المدنية للمنشآت أوصت فى تقريرها بوقف المصنع.
أما خليل محمد خليل، فنى تعبئة وأحد المفصولين فصلا تعسفيا، 42 عامًا، يقول إن الإدارة قامت باضطهاد ونقل 5 من العاملين الشرفاء الذين رفضوا الاشتراك فى جرائم الفساد من الطود إلى مصنع بستديلا بالدقهلية وعندما رفض العمال تنفيذ قرار النقل قررت الإدارة فصلهم تعسفيا، لافتا إلى أنهم جميعا ليس لديهم أى مصدر رزق آخر.
محمد عبد الحافظ، يقول: بعد تأجير المصنع للمستثمر تم إلغاء التأمينات الحكومية عليهم، ووعدوهم بزيادة الرواتب إلا أنها ما زالت متدنية لا تتجاوز 700 جنيه للعامل رغم الأرباح الطائلة التى يحققها المصنع.
ويضيف أحمد عبدالله، أحد العمال المفصولين، 43 عامًا ولديه 3 أطفال أنه تولى العمل فى المصنع من خلال إحدى مسابقات محافظة الأقصر، ورغم أن القانون المنظم لشركة بتروجاس يمنع فصل أى تعاقد تم بين العامل والمحافظة إلا أنه تم فصله و4 آخرين من زملائه، مؤكدًا من مساومة الإدارة له بسحب شكواه من مديرية القوى العاملة مقابل عودته للعمل وبعد التنازل أخلف المسئولون وعودهم.
وطالب العمال المفصولون الدكتورة ناهد عشرى وزيرة القوى العاملة بوقف الانتهاكات ضد العمال بالمصنع، وضرورة عودتهم إلى العمل، متهمين مديرية القوى العاملة بالأقصر برئاسة عبد ربه حسن، بالتواطؤ مع المستثمر وإدارة المصنع على حسابهم.
الكارثة أن هناك 8 شباب بمدينة الطود قتلت أحلامهم الأنابيب الملغومة حيث شوهت ملامحهم وتفحمت اجسادهم، ولقوا مصرعهم نتيجة الاهمال والفساد وخروج الاسطوانات دون فحص، حيث أنفجرت أنبوبتان فى مخبز فينو بقرية العديسات أودت بحياة 4 أشخاص من بينهم شقيقان، وأن قرية المهيدات فقدت 4 أيضا من خيرة شبابها من عائلة واحدة لم يتجاوزوا عامهم الـ 35 بسبب غياب الرقابة وأن هناك خطأ فنيًا فى الأنبوبة وفقا لتقارير البحث الجنائى، والغريب أن تقارير الصحة أكدت أنها حروق من الدرجة الثالثة وتقيد الحوادث «قضاء وقدر».
من جانبه أكد محمد بدر، محافظ الأقصر، أن هناك لجان تفتيش كل 48 ساعة على مصنع البوتاجاز، بالإضافة إلى حملات دورية من مديرية التموين كل 72 ساعة لضبط المخالفات، لافتا إلى أن قرار عودة المفصولين للعمل لا يملكه وأنه لم يتم بطريقة تعسفية، وأنه بذل جهود جمة مع إدارة المصنع والشركة لإقناعهم بعودتهم لكن دون جدوى.. وأعلن المحافظ أن جار استكمال خط توصيل الغاز الطبيعى بمدينة القرنة، حيث تم الانتهاء من توصيل 50% من خط الغاز، علاوة على أن المخططات العمرانية بالأقصر تدرس مشروع توصيل خط غاز آخر لمدينة الأقصر وخطين آخرين لمدينتى إسنا وأرمنت، مستنكرًا المحاضر التى حررها ضد المصنع حصلت على براءة.