الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمانى سعيد: الثورة تجسدت فى الديوان بقصيدة «غزوة البغال»






لاعبينى والاعبك» تجربة جديدة لشعر العامية، أرادت مبدعتها أمانى سعيد أن تدمجها بفن «الكوميكس»، لتمزج الكلمة بخطوط الرسم التى عشقتها منذ طفولتها، فى أول تجربة من نوعها، قدمت فيه عدداً من القضايا التى تتناول الواقع السياسى والثقافى ومعاناة المواطن المصرى وطموحاته بعد الثورة، التقيناها وكان هذا الحوار، الذى كشفت فيه عن مشروع جديد تجهز له لتقديم الشعر مصورا فى شكل أغنيات بعنوان «جوه ميدان التحرير»  :
 

 
■ «لاعبينى والاعبك» أول ديوان شعر عامى كومكس على مستوى العالم العربى والغربى أيضاً.. كيف جاءتك فكرة الكتاب؟
 
- الفكرة كانت تداعبنى منذ صغري، كانت تشدنى وتبهرنى الأشعار المصحوبة بالرسوم، ورغم أنها لم تكن تمت بصلة للكوميكس، كانت معبرة بشكل كبير عن المعانى المكتوبة، كما كان فى رسوم وأشعار الفنان الكبير بيكار، وحبى للرسوم ولد لدى رغبة ملحة فى أن تخرج كل كتاباتى مرسومة، وعن الكتاب بالتحديد فقد ساعدنى الفنان أحمد سالم فى الوصول للفكرة بشكل كامل وأن أعبر عن أشعارى بطريقة الكوميكس، وكنت فخورة بأن أكون أول من يقوم بتطوير الشعر بمزجه بالكوميكس، الذى لم يخرج فى السابق عن إطار الروايات والقصص المصورة. 
 
■ «الكوميكس» يعتمد على السرد القصصى بالأساس .. ألم تخشى المخاطرة بمزجه بشعر العامية؟
 
- بالعكس فأنا بطبعى أحب التجديد والتحدي، ولا أحب قولبة الأشياء ووضعها فى إطار لا يمكن الخروج عنه، لذلك كان من حق الكوميكس أن تخرج من تقليديتها لتؤسس لنفسها مجالاً جديدا،ً وفى كثير من قصائدى تجد قصائد تخرج بصورة قصصية تجعلك تشعر بالربط بين الأحداث والمواقف، فمرحباً بالمخاطرة إن كانت لها جدوى، وفى رأيى أن هذا جزء من التغيير الحقيقى الذى نادينا به فى ثورتنا، فالتغيير لا يجب أن يكون فى السياسة فقط وإنما فى السلوك والأداء ذى التأثير الإيجابى على النفس وعلى الآخرين.


■ لماذا الاستعانة بمشاهد كومكس لفنانين عالميين رغم اختلاف البيئة العربية عن البيئة الغربية؟
 
- لقد التقيت العديد من الرسامين الموهوبين وعملنا معاً على بعض القصائد لكن أتت علينا الثورة بتغيير فى الحالات النفسية للمبدعين، وتوقف الكثير منهم مع الأسف عن العطاء الفنى لانشغاله بالعمل الميداني، وأنا بطبعى لا أحب أن أضغط على من أعمل معه، ثم التقيت الفنان أحمد سالم وعلمت منه أنه يسعى لعمل يضع فيه رسومات عالمية من التراث الذى تركه لنا رواد هذا الفن فى الغرب، واستمر عمل أحمد على إخراج الرسوم وانتقائها أكثر من مائتى ساعة عمل، وحاول فى اختياراته أن يضم للكتاب أكثر البورتريهات التى لا تبتعد عن ملامحنا العربية وقد تجلى هذا بوضوح فى قصيدة مثل « الطابور» و«أنا والغفير».


■ هل هذه الطريقة هروبا من سيف الرقابة؟
 
- بالطبع لا فأنا لا أخشى من الرقابة لأننى لا أقوم بما يسىء لى أو لأعمالي، وعندى قدر كاف من احترام ذاتى الإبداعية، فلا أخرج عملاً إلا وأنا واثقة من قدره ومن ملائمته لطبيعتنا الشرقية، وأعلم جيداً أن الكتب تدخل البيوت وتراها عائلات وتبقى للأبد فى مكتبات البعض وتتوارثها الأجيال، لذلك أحافظ على مكانتى بين من سأوضع معهم على أرفف الإبداع اللائق.


■ ما سر هذا الكم من الإسقاطات السياسية والاجتماعية والثقافية فى أشعارك؟
 
- لا يمكن للدراما أن تنفصل عما يدور حولنا.. ولا يمكن للمبدع أن ينفصل عما يدور حوله، فهو جزء من المجتمع، تماماً مثلما أنا جزء من المجتمع، ومنه أستلهم كتاباتي، فالأحداث الجارية من حولى هى أكثر المؤثرات التى أنغمس فيها وأكتب سواء كان ذلك فى شكل إسقاط سياسى أو طرح اجتماعى يخرج من المشاكل التى تواجه الكثيرين مثل قضايا الطلاق والعنوسة والزواج المبكر والخيانة، ونجد بالطبع أن ثقافة المجتمعات تقاس بالفن الناتج عنه سواء كان فى مجال الكتابة أو الرسم أو السنيما أو الموسيقى.


■ كيف جسدت ثورة 25 يناير فى الكتاب؟
 
- كان للثورة نصيب كبير فى كتابي، فكتبت «غزوة بغال» والتى تعبر عن موقعة الجمل، أيضاً «هنا مقص وهنا مقص» والتى تعبر عن حال الشعوب العربية التى تعانى من السلطة، أيضاً «العجين» والتى أتحدث فيها عن الاستغلال الدينى أثناء الانتخابات وأن الجهل وقلة الثقافة تعد وسائل اغتنمها بعض المرشحين والأحزاب الدينية للسيطرة على العقول البسيطة من باب «انتخب فلان حتى لا تدخل النار» ويصبح هنا الناس كالعجين فى اليد يُشكل حسب الطلب.


■ هل عشت طفولة جانحة .. وماذا تركت من أثر فى أشعارك؟
 
- طفولتى لم تكن جانحة، لقد كنت هادئة الطباع وسط أقرانى وكنت أحب المكتبة والقراءة، والفضل فى ذلك يعود لأمى التى كانت تشترى لى القصص لأقرأها وألخصها وأرسمها أيضاً، وكذلك أبى رحمه الله الذى كان يساعدنى على اقتناء كتب الشعر ويشترى الجرائد التى يتركنى أقرأها حتى وإن لم أكن أستوعب كل ما فيها لصغر سني، كل هذه العوامل تركت فى نفسى أثراً عظيماً حاولت أن أجسده فى آخر قصيدة لى فى الكتاب والتى تحمل عنوانه «لاعبينى والاعبك» وحاولت فيها أن أرصد بعضاً من الألعاب ذات الموروث الشعبى والتى كنا نلعبها ونحن صغار.


■ بدأت شاعرة فصحى ثم تحولت إلى شعر العامية .. ما سر هذا التحول؟
 
- لأننى أحب لغة العامة، لغة الشارع، البعيدة عن الإسفاف بالطبع، اللغة التى نتواصل بها كمصريين فى مجتمعنا، فلكى أصل لكل الشرائح على أن أكتب بلغتهم، ولأن رجل الشارع يتقبل الفصحى من رجل الدين، ولا يتقبلها فى كثير من الأحيان من المثقف، ولا يهمنى أن أتغنى بطريقة ترضى البعض على حساب الكل، لكنى فى داخلى لا أتخلى عن الفصحى، وقد أقوم بهذا التناغم والتوازن بصورة أكثر وضوحاً فى مقالاتي.
 
■ لكن البعض ينظر إلى شعر العامية على أنه إبداع من الدرجة الثانية؟
 
- لو كان هذا الكلام صحيحاً لما خرج لنا صلاح جاهين ولا بيرم التونسي.
 
■ هل تخططين الى تحويل الكتاب الى أفلام كرتونية متحركة ؟
 
- هذا السؤال سيضطرنى للكشف عما أجهز له حالياً، كنت فى الأيام الأولى للثورة وبالتحديد يوم التنحى قد قمت بكتابة أول ألبوم غنائى عن الثورة بالتعاون مع الفنان محمد حسنى «مش مبارك» الذى غنى ووزع ولحن الكلمات وأنتجناه على نفقتنا الخاصة ووزعناه مجاناً فى حب مصر فى ميدان التحرير وفى الإسكندرية وفى جميع المحافل التى بلغناها واسميناه «جوه ميدان التحرير»، وبداخل هذا الألبوم أغنية «هنا مقص وهنا مقص» والتى قمت بضمها لكتاب «لاعبينى والاعبك»، هذه الأغنية سوف نقوم بتصويرها بشكل كارتونى متحرك وغير تقليدى مع المخرج عماد مبروك.


■ كيف حضرت المرأة فى الكتاب؟
 
- فى كل كلمة من الكتاب وفى كل سطر وفى كل معنى، فأنا المرأة التى كتبت، وأنا المرأة التى صرخت فى وجه النظام، وأنا المرأة التى فرحت بالثورة، وحزنت على الشهداء، حتى وإن كان الكلام بصوت الرجل فمن كتبت بلسانه امرأة، لكن هناك  قصيدة «وقفة واحدة» وهى عن سيدة شاب شعرها، وتحاول أن تدرك أن قوتها فى ضعفها فقالت: «إذا كان شعرى أبيَض ماخاف.. وصبح لونه خلف خلاف.. أضعف أنا من رُفع الشعرة؟».