السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ملاحظات على هامش النظام المختلط

ملاحظات على هامش النظام المختلط
ملاحظات على هامش النظام المختلط




كتب - د.محمد محيى الدين حسنين

انتهى رأى لجنة وضع الدستور فى نهاية 2013 بأن يؤخذ بالنظام السياسى المختلط كنوع من المواءمة السياسية، وهو نظام يجمع بين النظام البرلمانى والنظام الرئاسى، يتقاسم السلطات فيه كل من رئيس الوزراء القادم من حزب الأغلبية فى البرلمان والرئيس المنتخب بشكل مباشر من الشعب، ومن ثم فإن هذا النظام يحدّ من سلطات الرئيس، ويضع إلى جانبه رئيسًا منتخبًا لمجلس الوزراء، كما قررت اللجنة توسيع سلطات البرلمان لتقييد سلطات الرئاسة والسلطة التنفيذية معًا، ورغم أن الدستور الذى وضعته اللجنة قد نال أغلبية ساحقة فى الاستفتاء عليه، إلا أنه يحمل فى طياته عددا من الملاحظات لعلنا نضعها فى الاعتبار ونحن مقدمون على انتخابات برلمانية قبل نهاية العام الحالى.
أولا: «النظام المختلط» كما هو «النظام البرلمانى» يعتمد على نظام حزبى راسخ له برامج ورؤية واضحة، وهو أمر لم يتوافر حتى الآن فى مصر، فرغم وجود ما يزيد على تسعين حزبا سياسيا فمن غير السهل التمييز بين برامجها، فكلها متشابهة وقد تكون متطابقة فى بعض أجزائها، ولايوجد بينها من يستطيع الحصول على اغلبية فى مجلس النواب، سواء عن طريق القائمة أو النظام الفردى، مما يجعل الصورة العامة لتشكيل المجلس القادم ضبابية ومن الصعب التنبؤ بها، إلا أنه من المؤكد أننا مقبلون على وزارات ائتلافية بنظام المحاصصة، قد يكون للأحزاب الدينية، كحزب النور، رأى مسموع فى أعماله بالإضافة إلى صعوبة اتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء الائتلافى ومن ثم تعطيل مسار التنمية.
ثانيا: ينص الدستور على أن يقوم الرئيس بتسمية رئيس الوزراء والذى يقوم بدوره بتقديم برنامجه فى خلال شهر فإذا لم يحصل على ثقة أغلبية الأصوات فى مجلس النواب، فإن الرئيس يطلب من حزب الأغلبية وفى حالتنا سيكون حزب الأكثرية بترشيح رئيس للوزراء يقوم بتقديم برنامجه فى خلال شهر على المجلس فإن لم يحصل على ثقة أغلبية الأصوات يتم حل المجلس والدعوة إلى انتخابات مبكرة. ونظراً لأن تلك عملية معقدة، فاننا قد نحتاج على الأقل الى ثلاثة أشهر لاختيار رئيس الوزراء وربما أكثر اذا تم حل المجلس ومن ثم فإن يد الرئيس مغلولة فى تعيين الوزراء ورئيس مجلس الوزراء، ومن ثم فالكلمة الأخيرة لمجلس النواب ولا أعتقد ان مصر بظروفها السياسية والاقتصادية تتحمل هذا الوضع.
ثالثا: تم تقليص سلطات رئيس الجمهورية فى الدستور الجديد إلى الحد الذى لا يستطيع معه اتخاذ قرارات مهمة إلا بعد أخذ رأى مجلس الوزراء كالعفو الرئاسى أو تخفيف العقوبات فى بعض القضايا لاعتبارات تتعلق بالأمن القومى أو بالمصالح العليا للبلاد، ومنها أيضا إعلان حالة الطوارئ.
رابعا: أعطى الدستور لمجلس النواب الحق فى اتهام الرئيس بانتهاك أحكام الدستور، ومن ثم سحب الثقة منه، والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وواضح أن تلك التهمة مطاطة ومرنة وبدون تحديد دقيق ويضع الرئيس تحت رحمة تفسير الأغلبية لمعنى أو المقصود منها وقد يؤدى ذلك إلى ارتعاش يد الرئيس وتردده فى اتخاذ بعض القرارات  المهمة.
وقد تكون لجنة الخمسين قد حققت فى الدستور هدفها الاساسى وهو تقليص سلطات الرئيس إلا أنه يبقى السؤال وهو: هل تم اقرار هذا النظام اعتمادا على ان المشير عبد الفتاح السيسى هو الرئيس القادم؟ وهو ما تحقق بالفعل ومن ثم فإن تلك الآليات لن تعطل مسيرة التنمية وستمر بشكل سلس وسريع تأثرا بشخصية الرئيس وشعبيته، ومهما كان الأمر فنحن مطالبون بالتدقيق فى اختياراتنا أمام صناديق التصويت فمهمة المجلس المقبل تأتى فى وقت حرج وأمامه تحديات ليست سهلة.