الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفتاوى المشبوهة ضد المرأة تشعل الرأى العام الغربى ضد الإسلام

الفتاوى المشبوهة ضد المرأة تشعل الرأى العام الغربى ضد الإسلام
الفتاوى المشبوهة ضد المرأة تشعل الرأى العام الغربى ضد الإسلام




كتبت- هايدى حمدى
أثار إمام مسجد النور ببرلين فى ألمانيا _فى خطبة له يوم الجمعة الماضية _فتوى من شأنها تحقير المرأة، حيث أباح عدم جواز رفض المرأة دعوة زوجها فى الفراش، حتى وإن كانت حائضًا، فالزوج له الحق فى الاستمتاع بجسد زوجته الحائض طالما كان بعيدًا عن الْفَرْج، مضيفًا أنه لا يجوز للزوجة بأى حال من الأحوال المبيت حتى فى بيت والديها، دون إذن الزوج وهو نفس الأمر الذى ينطبق على مسألة خروجها للعمل، مما أثار جدلاً واسعًا فى الساحات الإعلامية الألمانية، فقد وصفت بعض الصحف الألمانية هذه الخطبة بأنها «تدهس حقوق المرأة بالأقدام وهى خطبة مناسبة للعصور الوسطى وليس للعاصمة الألمانية»، كما وصفها فرانك هينكل، وزير الداخلية الألماني، بأن «مثل هذه الأيديولوجية الدينية المظلمة التى تحتقر النساء لا تناسب مجتمعنا».
من جهتهم أكد علماء الأزهر الشريف ان  الفتاوى التى تصدر ضد المرأة باسم الدين بشكل عام، وهذه الفتوى بشكل خاص هى فتاوى لا تعبر عن الإسلام وتشير إلى خلق وفكر غير سوى فمن جانبها تؤكد  الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بفرع جامعة الأزهر بالإسكندرية: أستطيع أن أقول إن التيار السلفى لا توجد مناسبة إلا ويحقر من شأن المرأة ومن قيمتها الإنسانية ومن أنها مستخلفة فى الأرض شأنها شأن الرجل، وذلك لأن الذى قال هذا القول الحق سبحانه وتعالى فى قوله: «إنى جاعل فى الأرض خليفة» والخليفة فى الإنسان وهو الرجل والمرأة ولم يفصل الحق سبحانه وتعالى مفهوم الاستخلاف وتعمير الأرض بين الرجل والمرأة، وهناك عشرات النصوص فى القرآن الكريم تتحدث عن المؤمنين والمؤمنات الصادقين والصادقات إلى آخر هذه الأوصاف، ولكن نجد مثل هؤلاء طوال الوقت يستكثرون العلم على المرأة ويجعلونه على لسان أحد رجالهم للتعجب والاستنكار أن تكون هناك امرأة فى مرتبة العلماء، وهذه الفتاوى التى تحقر من شأن المرأة وتنال من قيمتها ومن دورها فى صنع الحياة أو أن تكون عالمة أو أن تكون محاربة أو أن تكون فى منصب ذات قيمة وذات سلطة، فلا يتحدثون عن المرأة إلا بأنها مجرد وعاء للغريزة ولإنجاب الولد، وفى كل فتاويهم وأحكامهم لا يتعاملون إلا بهذا المنطق، فنجد أحد شيوخهم عندما يتكلم بمنتهى الفظاظة وسوء الأدب إذا تعرض له لصوص واستطاع أن يترك لهم زوجته ويفر هو بحياته فعل ذلك، وهناك من يتكلم إذا وجدت امرأة فى «الأسانسير» وركب معها فى أى دور رجل يحدث بينهما خلوة، وكأن المرأة والرجل قطط منطلقة فى الحياة لا يعرفون خلقًا ولا أدبًا ولا احترامًا لهذا المخلوق الذى هو المرأة، فهذا باب طويل منه ما نشر سواء فى الصحف الورقة أو على الوسائل الإلكترونية فهى لا تعد ولا تحصى فى جملتها.
وأضافت: للأسف هؤلاء القوم لا يفكرون وإن فكروا لا يعقلون وإن عقلوا لا يدركون قيمة ما يقولون بأنهم يسيئون لهذا الدين العظيم وينتزعون بعض النصوص من الظاهر وتطبيقها حسب هواهم المريض، ولا شك أن هؤلاء القوم فى أى مكان سواء فى الغرب أو فى الشرق أساءوا للإسلام فى فتاويهم وفى أفعالهم وفى عقلياتهم ونظرتهم لقيمة الإنسانية، سواء قيمة الإنسانية التى تخص المرأة أو قيمة الإنسان التى تخص المختلف معنا فى العقيدة أو فى النوع، وهم لا يدركون الأصول التى يجب أن يحترم فيها الإنسان أخاه الإنسان فى أبسط معنى وهو القيمة الإنسانية التى ينتمى جميع البشر فيها إلى آدم عليه السلام، ولا يدركون هذا المغزى ولا يدركون النداء القرآنى فى: «يا أيها الناس» «ولقد كرمنا بنى آدم» «يا أيها المؤمنون»، وهذا النداء القرآنى بهذا التعميم لا يعرفون مغزاه ولا يرتقى فكرهم إلى هذا المعنى الراقى العظيم لمفردات القرآن.
وأشار الدكتور محمد عبد العاطى عباس، عميد كلية الدراسات الإسلامية بكلية التربية للبنات بالمنصورة، إلى أن الفتاوى التى تحقر من شأن المرأة ليست فتاوى إسلامية وليست فتاوى دينية إنما هى انطباعات شخصية وانعكاسات نفسية للذى يقول هذه الفتوى، فهو عنده مشكلة معينة تجاه المرأة يعبر عنها ثم يغلفها بغلاف الدين فيصدرها على أنها فتوى، لكن الإسلام احترم المرأة وأعلى من قدرها، وهذه الفتاوى ليست من الدين الإسلامى ولا تعتمد على نصوص دينية فى كتاب أو سنة، وإنما هى عبارة عن تصورات لشخصيات تريد أن تمتهن قدر المرأة وتقلل من شأنها وأن تجعل المرأة مجرد متاع طوال الوقت لزوجها حتى وإن كانت حائضًا أو كانت متعبة فهى مجرد سلعة اشتراها الرجل باسم الزواج ليستمتع بها فقط وليس لها الحق فى الاختيار مثلها كمثل الكرسى أو المروحة أو المسجل أو أى شىء يستعمل ولا ينطق وهذا ليس من الدين فى شىء، فالدين احترم المرأة واحترم مكانتها ورأيها وهى إنسان كامل الإنسانية لها القدر ولها القيمة.
وأضاف: على الغرب أن ينظر إلى الإسلام من خلال المؤسسات الدينية الوسطية التى تنشر التعاليم السمحة الوسطية والمتمثل فى الأزهر وعلمائه، أما هذه الفتاوى التى تصدر من شخصيات مريضة نفسي وليس لها من العلم قلامة ظفر وإنما هم أدعياء ليس لهم من العلم الدينى سوى المظهر الذى يظهرون به من لحية طويلة ومن جلباب قصير ومن سواك فى الجيوب.
وأكد أن المثقفين بالغرب قادرون على التمييز بين الإسلام الصحيح وأدعياء الإسلام، وبين العلم الإسلامى الصحيح الذى ينطق به علماء فضلاء أصلاء درسوا العلم وحموا الإسلام وبيضته وبين الأدعياء الدخلاء الذين لا حظ لهم من علم ولا حظ لهم من فقه، فمثلا يعلم الغربيون أن الذى تفعله داعش أو القاعدة ليس من الإسلام فى شىء، فتجدهم يقولون أنه لا يمت للإسلام فى شىء.
وتابع: نحن نعرف الرجال بالحق ولا نعرف الحق بالرجال، بمعنى أنا أحترم رأيك مادام رأيًا سديدًا ولا علاقة لى بمكانتك الشخصية، فإذا صدر منك رأى ليس سديدًا فأنا أرفض الرأى واحترم الشخص، فنحن كعلماء إسلام نعرف الرجال من خلال قولهم للحق، وديننا يقول لنا ليس ثمة معصوم إلا النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا طبقًا لقول المولى عز وجل: «وما ينطق عن الهوى»، إذًا هذا المركز الإسلامى مادام يصدر فتاوى معتدلة تتماشى مع تعاليم الإسلام وله أدلة من الكتاب والسنة فأهلاً وسهلاً به، لكن إذا رأيناه انحرف انحرفنا عنه، فالانحراف عن المنحرف استقامة.
وأوضح الدكتور ياسر أحمد مرسي، مدرس مساعد بقسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالقاهرة، أن الفتوى التى أصدرها هذا الشيخ فى ألمانيا خاطئة، فالأصل هو أن المرأة لا تمتنع عن حقوقها الزوجية ومنها المعاشرة الزوجية لزوجها إلا فى حالات معينة دل عليها الكتاب والسنة، ومنها إذا كانت حائضًا أو إذا طلب أن يعاشرها فى غير موضع الْفَرْج، أما ماعدا ذلك فهى لا ترفض، فهذه أمور طبيعية تتم بناء على اتفاق بين الرجل والمرأة فقط.
وعن الرد الذى حاول من خلاله ممثلو المسجد تبرير هذه الفتوى بأنها مجرد نصائح للزواج السعيد لتبرئة الشيخ مما قاله، أبدى «مرسى» استياءه قائلاً: الفتوى من البداية خاطئة ولا تصلح كنصيحة للزوجين حتى، فقد قال تعالى: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِى الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ» سورة البقرة، فهى من الأساس معارضة للقرآن وأصل السنة، فالرسول عندما سئل عن ذلك نهى عنه، فيكفى أن نبين أن هذه الفتوى خاطئة وصدرت عن غير متخصص أو نتأكد من أن الذى أفتى بذلك متخصص فى الدين، لكنى لا أعتقد أنه يمت للإسلام بصلة، مؤكدًا أنه لا شك أن الذين يصدرون فتاوى عن غير علم يسيئون إلى الإسلام وإلى أنفسهم، لكن على الغرب أن يعلموا أن هناك من يتكلم فى غير تخصصه عندنا كما فى بلادهم أيضًا هناك من يتحدث فى غير تخصصه، لذا فهذه أمور فردية ولا مانع أن يكون هذا المتكلم بغير علم مأجورًا أو يتعمد الإساءة إلى الإسلام أو تشويه صورته فهذه الأمور تنجلى ببيان الصواب والرجوع إلى أهل التخصص.
وأنهى حديثه قائلاً: نحن الآن بصدد استئناف عمل المرصد الإعلامى للأزهر الشريف الذى هو بلغات مختلفة منها الفرنسية والإنجليزية وكل لغات العالم، فالآن يوجد تواصل بين المرصد والجاليات الإسلامية كذلك للوقوف على مثل هذه الفتاوى أو مثل هذه الشبهات والرد عليها ردًا فوريًا وسريعًا ومأصلاً.