الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

قناة السويس الجديدة.. الطعام لكل فم

قناة السويس الجديدة.. الطعام لكل فم
قناة السويس الجديدة.. الطعام لكل فم




كتب: د.حسام عطا

ثقافة الإنجاز، والعمل والقدرة على الفعل هى الرسالة الواضحة التى يرسلها افتتاح قناة السويس الجديدة للداخل الوطنى، إنها استعادة لثقافة القدرة التى هى تعبير عن إرادة المصريين العظيمة.
أما استقرار مصر وقدرتها على تقديم هداياها للعالم ككل وإصرارها على أن تكون نقطة ضوء وأمل فى ظل تفتيت وصراع إقليمى مرير فهى رسالتنا للعالم، أما ما يصاحب افتتاح القناة من ضجيج إعلامى يسأل عن القوة الناعمة المصرية وغيابها عن دورها وإنتاجها الفنى الذى لا يتناسب مع حجم الإنجاز الواقعى هو قراءة لواقع فنى قد أصبح خياله أقل قدرة على التأمل من الخيال السياسى، إذ أن الخيال المستند إلى إعادة صياغة الجغرافيا وإلى رسم واقع جديد تبحر فيه المياة الزرقاء نحو تأكيد الدور السياسى المحورى لمصر ودعم اقتصادها، بينما يدور خيال السينما المصرية وتنافسها فى ذلك الدراما التليفزيونية حول الصياع واللصوص والضائعين، ويبقى كبار الملحنين وشعراء الأغنية فى انتظار دور المنتج الفنى الغائب للدولة.
ولذلك اعتمد احتفال قناة السويس فى عناصره الأساسية على دور عناصر من القوة الصلبة فى حركة الفرقاطة (فريم) تحيا مصر، ولنشات صواريخ التأمين، ومائتين وخمسين طائرة محلقة فى الهواء، والعروض العسكرية ذات الطابع الفنى لأن الخيال السياسى الآن فى مصر يتجاوز الخيال الفنى وهى ملاحظة إيجابية من ناحية انتصار إرادة الواقع وثقافة الإنجاز، شديدة الخطورة على الخيال الفنى والثقافى الذى عليه أن يتجاوز الخيال السياسى بأحلام كبرى لمصر عبر دعم الخيال العلمى والفنى والأدبى والثقافى لإنجاز أحلام تغير من طريقة المصريين فى السير بالشوارع وارتداء ملابسهم وتبادلهم للتحية ونظرات التواصل، وثقتهم المتبادلة، وعبارات الدفء الإنسانى المفقود الذى يجب أن نسعى لعودته حفاظا على وحدتهم الشعورية، تضاف قناة السويس الجديدة وإبداعاتها الفنية المؤجلة إلى قائمة الانتظار المتعلقة بثورتى 25 يناير و30 يونيو.
ربما الإنجاز فى الواقع هو إبداع حقيقى للملايين المصرية قبض على أحلام الخيال وحولها إلى صور واقعية مسموعة مرئية، ومع مضى الوقت ستأتى أعمال فنية كبرى تؤرخ لما حدث مثل ناصر 56 لمحفوظ عبد الرحمن، وشفيقة ومتولى لعلى بدرخان.
المسألة الآن هل لدى الخيال الثقافى والفنى فى مصر أحلام أخرى للمستقبل مثل الطعام لكل فم لتوفيق الحكيم، وهى المسرحية التى قدم فيها أحلاما علمية فنية عن عالم يصبح فيه الطعام كالماء والهواء نظيف جيد وخذ ما يكفيك، عندها تتحرر الإرادة الإنسانية نحو الرقى والقيم الرفيعة.