الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

العبور السادس

العبور السادس
العبور السادس




كتب - إبراهيم رمضان

بافتتاح قناة السويس الجديدة تعبُر مصر نحو المستقبل للمرة السادسة. عبَرت مصر للمرة الأولى عندما ثار خيرة أبنائها من الضباط الأحرار ضد الملك فاروق، لنعبر من عصر الملكية إلى النظام الجمهورى فى 23 يوليو 1952.
وعبرنا للمرة الثانية، عندما أمّم الزعيم عبد الناصر شركة قناة السويس لتصبح شركة مساهمة مصرية فى 26 يوليو 1956، ليديرها أبناؤها، وتستفيد الدولة من إيراداتها فى تمويل بناء السد العالى.
ولكن الزعيم المؤمن بقوة الدولة المصرية، وفى حقها فى استقلال قرارها ووحدة أرضها، عبَر بنا للمرة الثالثة من مرارة الهزيمة لحلاوة النصر ببناء جيش قوى، يقاتل لاسترداد سيناء التى استولى عليها الصهاينة فى غفلة من الزمن، فكانت حروب الاستنزاف التى سطّر فيها الأبطال أروع البطولات، وصار لدينا جيشٌ ردَّ لمصرنا الأرض والعِرض.
ملاحم العبور، لم تقف برحيل الزعيم عبدالناصر، فقد عبر بطلُ الحرب والسلام، القائدُ الراحل محمد أنور السادات، من الهزيمة إلى النصر فى السادس من أكتوبر 1973، فى معركة الكرامة العربية التى أكدت قوة مصر بجيشها وشعبها، وأننا لن نفرّط فى شبر من أرض الكِنانة، مهما كان حجم التضحيات.
لم يتوقف عبور السادات لقناة السويس على استرداد أرض الفيروز، ولكن الزعيم الذى قاد أقوى المعارك الحربية فى العصر الحديث، قرر أن يعبر بمصر للسلام فيوقع اتفاقية السلام «كامب ديفيد» فى 1979، لينهى حالة الحرب، ويعود الجميع لبناء الوطن.
وها هى مصر تعبر بخطًى ثابتة للمرة السادسة نحو المستقبل بحفر قناة السويس الجديدة، فى زمن قياسى «365 يوما»، لتضرب مصر بهذا الإنجاز أعظم المثل بأنها قادرة على قهر كل التحديات التى واجهت المشروع، بداية من توفير التمويل اللازم للمشروع، فى ظل معاناة الاقتصاد فى دولة قامت بثورتين متتاليين «25 يناير و30 يونيو»، الأمر الذى وضع الشعب المصرى أمام مسئولياته عندما طلب الرئيس عبدالفتاح السيسى من المصريين المساهمة فى تمويل المشروع، فجاء الرد مدويا ومفاجأ للعالم أجمع، فقد سارع المصريون لضخّ ما يزيد على 60 مليار جنيه، وكأن لسان حال الجميع: «إننا سنهزم الإرهاب ونبنى مصر»، عبر المشروعات العملاقة.
القناة الجديدة كانت حُلما فصارت حقيقةً، وإن شكك فى ذلك بعض المُغرضين ممن يملئون الدنيا صياحا وضجيجا هنا وهناك، بهدف تعطيل مسيرة التنمية وفقط.
خطوات مصر نحو المستقبل ثابتة وواثقة؛ لأنها تملك المقومات من شعب واعٍ، ولديه رغبة فى الدفع ببلاده إلى الأمام، فى ظروف أمنية مريرة تمرّ بها المِنطقة العربية، ويعلمها الجميع.
تُهدى مصر هذه القناة الجديدة للعالم؛ لتتمكن السفن التجارية من العبور من آسيا إلى أوروبا مرورا بالقناة التى تربط البحرين الأحمر بالمتوسط، فى وقت لا يتجاوز الـ11 ساعة فقط.
قناة السويس الجديدة ليست مجرد ممر ملاحى جديد، ولكنها شُريان اقتصادى سيسهم - بإذن الله - فى دفع عجلة التنمية فى جوانب الحياة كافةً، فعوائدُ هذا المشروع ستصبّ فى الدخل القومي، بما ينعكس فى شكل مشروعات خدمية «مدارس ومستشفيات... إلخ».
عبور مصر السادس - بحفر هذه القناة الجديدة - ردٌّ قوى على بعض دول المنطقة التى دأبت على التشكيك فى أى إنجاز مصرى خالص، فهى ستوفر دخلا إضافيا للدخل القومى يقدر بـ13 مليار دولار بحلول 2013، بالإضافة إلى الآلاف من فرص العمل التى ستوفرها المشروعات المتوقع إقامتها بمحور تنمية القناة.