الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الشعب «الفرعون» والدولة «الشجاعة»

الشعب «الفرعون» والدولة «الشجاعة»
الشعب «الفرعون» والدولة «الشجاعة»




كتب - أيمن غازى

منذ حوالى سبعة أشهر مضت، كنا فى قناة السويس، سجلت مشاهدات أولية، كان منها أننا ذهبنا لزيارة موقع الحفر، إلا أننى رأيت الزيارة بمثابة «حج» إلى هذه الأرض الطاهرة، وقتها كانت عملية الحفر تتم فى هدوء، دون ضجيج، بسواعد نحو 44 ألف عامل مصرى، بدأت سواعدهم حفر القناة الموازية فى السابع من أغسطس من العام الماضى أى بعد يومين فقط من تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسى لرئيس أركان الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة اللواء كامل الوزيري، بإنجاز المشروع خلال عام واحد فقط، وليس ثلاثة أعوام كما كان مقررا لذلك، والأسبوع الماضى دشنت الدولة المصرية شكلا جديدا لها على الخريطة العالمية، من الناحية الجغرافية، باعتبار أن جميع خرائط العالم يجب إعادة صياغتها من جديد وفقا للشكل الجديد للقناة الموازية، ومن الناحية السياسية أن ثورة يوليو التى أنجزت قرارا بتأميم القناة لصالح هذا الشعب، تقدم الآن عونا للآخرين عبر أراضيها، فى وقت تحارب فيه إرهابا شرسا، تخوض ضده حربا مفتوحة.
إذن نحن أمام نوعية جديدة من مفهوم الإدارة، لم ينتبه إليه غالبية من يتابع مشاهد تطور عملية الحفر فى قناة السويس، وهذا الفكر يعتمد فى الأساس على أمرين، الأول هو استدعاء روح أكتوبر، باعتبار أن موقع الحفر كان موقع النصر العسكرى الذى حققته المؤسسة الوطنية العسكرية على العدو الصهيونى فى السادس من أكتوبر من العام 1973، والأمر الثاني، الاعتماد على مفهوم الإرادة الشعبية التى خرجت فى الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو من العام الماضي، واعتبرت المؤسسة الوطنية العسكرية هذه الإرادة بمثابة «القائد الأعلى لها» تأخذ منه الأمر لتنفذه، أى أننا هنا أمام بطل بكل المقاييس وهو الشعب المصرى الذى تم استدعاؤه فى أسبوع ليمول القناة، وضخت الإرادة الشعبية المصرية نحو 64 مليار جنيه فى البنك المركزى كانت قابلة للزيادة، لولا القيود التى وضعت وفقا للأرقام المالية التى كانت مطلوبة فى هذا التوقيت، وربما تحسر «كثيرون» لأنهم لم يشتروا شهادات الاستثمار فى القناة، قد يكون أمامهم فرصة أخرى فى مشروع قومى مهم أيضا.
عموما ما تم إنجازه خلال هذا العام من «صياغات جديدة» فى مجالات متنوعة سواء فى الجانب العسكري، أو الاقتصادى وفقا لتفاهمات مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى الذى شهد «ركوعا» لكثير من الخصوم السياسيين للدولة المصرية، يجعلنا أيضا ننبه إلى خطورة انتظار المواطن العادى لنتائج مالية تعود على دخله بعد الإعلان عن افتتاح القناة، وأن يكون لدى الإعلام المصرى وعيا بأن هناك وقتا لجنى ثمار هذا المشروع، خصوصا أن هناك عملية تنمية سوف تتم فى هذا الإقليم سوف تأخذ وقتا هى الأخرى، وأن هناك حربا تقودها الدولة ضد إرهاب منظم.
يبقى أمر وهو، أن مصر الجديدة فى كل خطوة تعبر عن نفسها كونها دولة راسخة تأخذ قرارها بقوة وصلابة، مستعينة بتاريخ يعود إلى نحو 35 ألف عام وليس كما يشاع «سبعة آلاف عام»، أثبتته مؤخرا تلك المومياء الأثرية التى استردتها الدولة المصرية من بلجيكا خلال الساعات الماضية ويعود تاريخها أيضا إلى نحو 35 ألف عام والمعروفة باسم «نزلة خاطر» والتى عثر عليها بمحافظة سوهاج فى ثمانينيات القرن الماضي. وهو أمر يحتاج أيضا إلى إعادة تحليل وتدقيق فيما يخص قيمة الدولة المصرية التاريخية وتأثيرها على الحضارة البشرية، وإعادة صياغته بشكل واضح ودقيق فيما تقوم به الآن.