الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

قناة السويس وطريق الحرير الجديد

قناة السويس وطريق الحرير الجديد
قناة السويس وطريق الحرير الجديد




كتب - أحمد عبده طرابيك

تنظر الصين إلى مشروع الحزام الاقتصادى لطريق الحرير الجديد الذى يشمل 65 دولة على أنه من أهم المشروعات الاقتصادية المهمة فى أجندتها السياسية والاقتصادية، حيث تعمل الصين بكل نشاط فى هذا المشروع الذى يبدأ من أراضيها وبالتحديد من منطقة الغرب الصينى التى تعتبر الأفقر نسبياً عن الشرق المستقطب لأكثر الاستثمارات، والأكثر حظاً فى التنمية، تعمل الصين فى اتجاهين، الأول: إقامة مشروعات البنية الأساسية اللازمة لهذا المشروع فى المناطق التى تخصها داخل الأراضى الصينية، والثانى: تشجيع الدول المشتركة فى هذا المشروع على الإسراع فى البدء بإقامة البنية الأساسية، وخاصة الطرق والسكك الحديدية وتطوير الموانئ الملاحية.
دول آسيا الوسطى الخمس التى لا يقل حماسها لهذا المشروع عن الصين باعتبارها من الدول الأكثر استفادة من مشروع تطوير طريق الحرير الجديد، لأنه سوف يكسر عزلتها البحرية باعتبارها دولاً حبيسة، ويجعلها أكثر تواصلاً مع دول العالم من خلال الطرق البرية إلى أقرب الموانئ البحرية وخاصة فى إيران، هذه الدول بدأت بالفعل فى إقامة شبكة واسعة من الطرق الدولية فيما بينها وبين الصين وإيران، ومد شبكة من السكك الحديدية المتطورة وتسيير قطارات فائقة السرعة عليها باعتبار ذلك من البنية الأساسية لطريق الحرير الجديد. كذلك الأمر بالنسبة لإيران التى بدورها أقامت شبكة واسعة من الطرق والسكك الحديدية داخل أراضيها تصل بين ميناء بندر عباس ودول آسيا الوسطى وأفغانستان.
يعد تطوير الممر الملاحى لقناة السويس أحد أهم المشروعات على طريق الحرير الجديد، فبعد انتقال معظم الحركة التجارية لدول آسيا الوسطى وأفغانستان «التى ليس لها أى موانئ بحرية»، إلى ميناء بندر عباس الإيراني، سوف يزيد ذلك من حركة النقل البحرى من ذلك الميناء إلى أوروبا وأفريقيا عبر البحر الأحمر وقناة السويس، يضاف إلى ذلك النشاط الاقتصادى والتجارى الذى سوف تشهده إيران خلال الفترة المقبلة بعد توقيع الاتفاق النووى بين إيران ومجموعة «5 + 1»، حيث تعمل الدول الأوروبية على زيادة استثماراتها وتطوير علاقاتها التجارية مع إيران ودول آسيا الوسطى، الأمر الذى سوف ينعكس أثره بشكل كبير على الحركة الملاحية فى قناة السويس.
مشروع الحزام الاقتصادى لطريق الحرير الجديد لا يعتمد على مجرد نقل السلع والبضائع على طول الطريق الحريري، ولكن يتضح من اسم المشروع أنه يهدف إلى إنشاء حزام اقتصادى يشمل مناطق عمرانية وصناعية ولوجستية على جانبى الطريق، ومن أهم المناطق المرشحة لذلك هى مصر، وخاصة منطقة قناة السويس، ولذلك يعتبر مشروع تنمية محور قناة السويس من أهم المشروعات على طريق الحرير الجديد باعتبارها منطقة متوسطة بين آسيا من جهة وأفريقيا وأوروبا من جهة أخرى، بالإضافة إلى ما تملكه مصر من عوامل جغرافية ومناخية وبيئية، ومقومات بشرية واقتصادية قادرة على إدارة مثل هذا المشروع العملاق بما يخدم الاقتصاد المصرى واقتصاديات الدول على امتداد طريق الحرير.    
يشمل مشروع تنمية محور قناة السويس تطوير ستة موانئ موجودة بالفعل ولكنها تحتاج إلى تطوير لزيادة كفاءتها وقدرتها الاستيعابية بما يتواكب مع التطورات الجديدة، وهى موانئ «شرق السويس، غرب السويس، الأدبية، العين السخنة، الطور، بورسعيد» كما يشمل المشروع تنفيذ عدة مناطق لوجيستية تخدم حركة التجارة العالمية، بالإضافة إلى إنشاء منطقة للتوكيلات العالمية، لتقريبها من جميع دول العالم وجعلها مركزاً لها فى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إنشاء منطقة للصناعات الكبرى فى محور التنمية، لتكون مركزاً صناعياً متطوراً فى عدد من الصناعات التنافسية العالمية.
يعد مشروع الحزام الاقتصادى لطريق الحرير الجديد هو المشروع العالمى الذى من شأنه أن يحدث طفرة هائلة فى الدول المشاركة فيه، ليس على المستوى الاقتصادى وحسب، بل على المستوى العمرانى والتقنى، والدولة التى سوف تستطيع الاستثمار فى هذا المشروع بشكل جيد من خلال الاستفادة من المقومات التى تملكها، هى الدولة التى سوف تحقق أكبر العوائد من هذا المشروع العالمى العملاق، ولذلك فإن الصين صاحبة أكبر اقتصاد فى العالم، تسعى لأن تكون هى الدولة ذات النصيب الأوفر من عائدات مشروع طريق الحرير، ولكن باستطاعة دول أخرى ومنها مصر تحقيق ما هو أكثر لما تملكه من مقومات تؤهلها لذلك.