الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الفجوة الجيلية فى الفن المصرى

الفجوة الجيلية فى الفن المصرى
الفجوة الجيلية فى الفن المصرى




يكتب د.حسام عطا
مع تكرار رحيل العلامات الواضحة فى الفن والإبداع المصرى أو بقاء معظمهم فى صمت بليغ خارج سياقات إنتاجية لا يمكنهم العمل داخلها، تظهر فى مصر فكرة الفجوة الجيلية كأزمة واضحة.
كان الكبار يديرون إتجاهات الريح فى الفن المصرى على هواهم، كانوا قد بنوا المسارح وأسسوا الفرق الخاصة منذ مسرح رمسيس ليوسف وهبى ومسرح الريحانى جنباً إلى جنب مع مؤسسات الدولة مثل الفرقة القومية للتمثيل، وشركات الإنتاج السينمائى إلى جوار ستوديو مصر، واستمر الأمر كذلك مع الفنانين المتحدين وفرقة محمد صبحى إلى جوار البيوت الفنية الرسمية، كان كبار الفنانين يدعمون المواهب الجديدة ويحافظون على دور الفن وقيمته عبر إختيارات تدعم المجتمع وتمنحه طاقة من نور الفكر والفن معاً.
كانت النجوم المؤثرة وهى فى قمة العطاء بعد حصد النجاح والمال تؤسس لاختيار ودعم نجوم جديدة فى كل المجالات فعلهما محمد مندور فى مجال النقد ويوسف شاهين فى السينما وكرم مطاوع فى المسرح وغيرهم، إلى أن ظهرت تدريجياً تلك الفجوة الجيلية واضحة مكتملة المعالم، فلدينا الآن نجوم كبيرة لم تؤسس شيئاً فى صناعة السينما أو المسرح، وضعوا الملايين الكبيرة فى الاستثمار العقاري، وبعضهم افتتح صالونات تجميل وتصفيف الشعر للرجال والسيدات.
وهكذا انتهت فكرة التسليم والتسلم التى لازمت الفن المصرى الحديث والمعاصر منذ الأربعينيات حتى الآن، كان رحيل نور الشريف هو العلامة الواضحة التى دفعتنى لتأمل تلك الفجوة الجيلية، كان شيوخ المهنة وأعمدتها يجتهدون بتطوع ومحبة فى حل المشكلات المهنية وفى دعم أصحاب الحاجات الطارئة ودعم الموهوبين وصولاً للمواجهات مع الحكومة والانتظام فى صفوف المعارضة الوطنية لأن الفن هو الضمير المعبر عن الجماعة الشعبية الكبيرة التى تمنح الفنان تقديراً أكبر من المكاسب المادية.
بالتأكيد يوجد لدينا أفراد مختلفون وبالتأكيد لدينا نجوم تفهم ما كان يفهمه فريد شوقى وسمير خفاجه ونور الشريف فى توظيف أموالهم لإنتاج إبداع مختلف وحقيقى، حتى لا تترك اتجاهات الفن المصرى فى أيدى تجار السوق.
إن تلك الفجوة الجيلية تتأكد بغياب السياق والظروف الموضوعية وتتأكد بغياب القيادات المبدعة فى الإنتاج الثقافى فى المؤسسة الرسمية وهى شديدة الخطورة على مستقبل ودور الفن المصري.
لأنهما فجوة فكرية وفجوة فى الانتماء لأنها فجوة فى فهم دور الفنان وموقفه من المجتمع الذى منحه النجومية والشهرة والمال.
ولذلك فقد أصبح ضرورة عاجلة ردم تلك الفجوة الجيلية.