الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رشا الأمير: الكتابة أساس الوجود وسوق النشر يعانى بالعالم العربى

رشا الأمير: الكتابة أساس الوجود   وسوق النشر يعانى بالعالم العربى
رشا الأمير: الكتابة أساس الوجود وسوق النشر يعانى بالعالم العربى




حوار- خالد بيومى
رشا الأمير روائية وناشرة لبنانية تعشق الكتابة لأنها أساس الوجود والوسيلة الأكثر ملائمة للتعبير عن درجة التشابك والتعقيد فى العلاقات الاجتماعية على أنواعها، وهى محاولة لتفكيك تشابك هذا العالم وتعيد صياغته، فتبرز ما خفى منه، وتضيء الظلال المتوارية خلف حركة الحياة اليومية فيه.. خاضت مغامرة النشر بجسارة ودشنت «دار الجديد» والتى تجمع بين التراث والمعاصرة والترجمات المهمة. من أعمالها: رواية (مالك يوم الدين) التى أحدثت جدلاً واسعا فور صدورها، وكتاب فى اللغويات بعنوان (الهمزة) .. هنا حوار معها:
■ الأدب موهبة وحرفة، متى تيقنّت رشا الأمير من موهبتها وكيف صقلت حرفتها وكيف قرّرت الخوض فى الرواية هذا النوع الذى بات على كلّ لسان، علمًا بأنّ مقاييسه غير متوفّرة عند أغلب من يدّعيه؟
- نعم، الأدب موهبة كالصوت؛ موهبة فاقعة تُرى بأمّ العين، يراها الأساتذة والأهل وهى كما أسلفتَ تحتاج إلى بلورة وتدريب وصقل، سرعان ما عرف أساتذتي، أساتذة  اللغة العربيّة والفلسفة أنطوان طعمة وهنرى العويط وخالدة السعيد أنّ تلميذتهم من معدنٍ  خاصّ. كتبتُ فى الصحف وأنا فى المرحلة الثانويّة ثمّ اعتشت من العمل الصحافى وأنا أتابع دراستى الثانويّة والجامعيّة، بسبب الحرب، فى فرنسا. قصّتى مع الأقلام والأحبار والآلات والطباعة والحواسيب والمطابع قصّة عمر؛ عمر  ما زال يدهشنى.
 ■ روايتك الأولى (يوم الدين) رواية عربيّة تتجرّأ على طرح موضوع الدين بشكل معاصر وهى اليوم تجلس جوار الكلاسيكيات، أخبرينا عنها؟
- يوم الدين رواية جدليّة هى مجمع قضايا تجاوز المباح وتنفذ إلى جوهر ما يؤرّق مجتمعاتنا من شئون تمسّ الدين والسياسة والحبّ، البطل إمام سنّى وسيم يدير جامعًا فى بلدٍ جار لبلده. هناك يتعرّف إلى صبيّة مهتمة بتعميق علاقتها باللغة العربيّة عبر دراسة شعر أحمد المتنبّي. يتعارفان وتنحبك قصّتهما وقصّة الجامع والبرنامج التليفزيونى الدينيّ  ومطالع الحروب الأهليّة. لن أفسد القصة على من لم يقرأها بعد. (يوم الدين) يستحقّ قراءة  جديدة على ضوء ما يحدث حولنا؛ فالأسئلة الجوهريّة مطروحة اليوم على الساحات العامة بعنف مرضيّ موتور.  
■ كان هناك مشروع لتحويل الرواية إلى مسلسل تليفزيونى مصرى ... ما الذى تم فى هذا الشأن ؟
تحمّس الروائى محمد صلاح العزب للكتاب. بدأ يعمل عليه ليصير مسلسلاً، ثمّ تعقّدت الأمور حين وصل الإخوان المسلمون إلى السلطة فى مصر، قد يستعاد المشروع فى أيّة لحظة وقد تستحيل الرواية مسلسلاً أو فيلمًا، المخرج التونسى محمود بن محمود مهتمّ بالموضوع ويا ليت داود عبد السيّد يهتمّ بدوره فهو قارئ أدبٍ ممتاز.
■  حدثينا عن الكتابة فى زمن السرعة والحواسيب والكتب الإلكترونيّة؟
- فى البدء كان الكلم ... الكتابة أساس بالنسبة لي، أساس الوجود، غيابها هو السقطة، نحن فى السقطة لذا ترى سوادنا لا يهتمّ بالكتابة وبما يدعمها من ذكاءٍ وخيال وفكر، الكاتب يكتب ببطء، يتروّى يفكّر  يحلم، منذ  أن بدأت أكتب والآلات ـ الطابعة الكهربائيّة والحاسوب والهاتف ـ حلفائى . التكنولوجيا أحدثت ثورة فى حياة الملايين . التكنولوجيا هى محصّلة أحلام وذكاء تراكم عبر العصور.
ما أعظم اللحظة التكنولوجيّة التى نحن فيها! ماذا لو عاد ليوناردو دا فينشى ورسم موناليزته على حاسوب! ماذا لو عاد مايكل أنجلو!، ماذا لو عاد المتنبى وقرأ يوم الدين! هذا ما تمنّاه جوناثان رأيت مترجم الرواية إلى اللغة الإنكليزيّة المعاصرة، الكتابة  كالحب والقيم  أفعال حرّة  قلّما تبدّلُ جوهرها  الأنواء.
 - إلى جوار الكتابة عملتى فى مضمار النشر رغم أنها مغامرة غير مأمونة العواقب بعد فشل روائيين كبار فى إدارة مشروع النشر لديهم ويطبعون إنتاجهم فى دور نشر منافسة.. لماذا؟
حين قررت العودة إلى لبنان بعد سنوات قضيتها فى باريس أسّست مع شقيقى وشريكى لقمان سليم دار الجديد. كلانا كان ومازال مؤمنًا بالحرف وبضرورة إنتاج كتبٍ عربيّة مرموقة، خضنا المغامرة وقد نجحنا معنويًا مئات المرّات، كتب  الشيخ عبد الله العلايلى الفقيه واللغوى الشجاع منشورة عندنا كما أنّنا شجّعنا مئات من الكتّاب الشباب.
النشر صناعة فى العالم والصناعة تخاطب سوقًا والسوق غير متوفّرة فى العالم العربى. النشر المدرسىّ أو الترويجيّ مزدهر فى العالم العربي. أمّا النشر الحرّ ففى الحضيض.
■ لماذا اخترت أحد أعمال الرئيس  الإيرانى الأسبق محمد خاتمى لتكون  من منشورات داركم؟
يوم اقترح عليّ محمد على أبطحي، وكان يومها ملحقًا إعلاميًّا للجمهوريّة الإسلاميّة فى بيروت كتاب صديقه محمّد خاتمي، لم يكن السيّد خاتمى رئيسًا للجمهوريّة الإسلاميّة بعد. على العكس كان مبعدًا تمامًا كما هى حاله اليوم، بدا لى  بيم موج ـ وهو عنوان كتابه مهمًّا نشرناه، وبعد أشهر صار محمد خاتمى رئيسًا، فنشرنا له كتابين آخرين ثمّ نشرنا مجموعة من الكتب المترجمة عن الفارسيّة من مثل القبض والبسط فى الشريعة لعبد الكريم سروش بترجمة دلال عبّاس و نظريّات الحكم فى الفقه الشيعيّ للشيخ محسن كديفر، التى تحاول  التفكير بشجاعة بمآلات الجمهوريّة الإسلاميّة وولاية الفقيه وبالإسلام المعاصر، حاولنا التفكير بصوت عالٍ بيد أنّ الرياح رياح التغيير لم تهبّ كما اشتهت سفننا وها نحن كما ترى  وسط تطرّف وذبح وتدمير للذات.
■ أصدرت كتابك اللغوى الأول (كتاب الهمزة) هل تودين مواصلة المسيرة مع البحوث اللغوية فى أبوابها المختلفة ؟
(كتاب الهمزة) كتاب قصصيّ لغوى لاه يحاول تفسير هذه القاعدة الخلافيّة بأسلوب ظريف. ليتك تطّلع عليه. ليته يوزّع فى مدارس مصر فالمصريّون لا يتفّقون معنا، نحن أهل المشرق على كيفيّة كتابة الهمزة ، علمًا أنّ فقه اللغة يوحّد من حيث المبدأ بين مصر وسائر الأقطار العربيّة.لا تنس أنّنى تتلمذت على الشيخ العلايلى . ليت المصريّين يهتمّون به وبنتاجه. فهو أزهريّ نشر كتابه الأوّل (مقدّمة لدرس لغة العرب) فى القاهرة ،الدار العصريّة  عام1938.
اللغة العربيّة تحتاج إلى قرارات سياسيّة كى تخرج من مستنقعاتها . من سيأخذ هذه القرارات البتّارة والصعبة؟ أين أصحاب القرار فى أمّتنا؟ أسئلة كثيرة ولا أجوبة.  
■ كيف ترين الرواية العربية.. وأين هى من الرواية الأجنبية ؟
- تبدو الرواية مزدهرة فى الإعلام. الجوائز تعينها على الترويج وورش الكتابة من الظواهر اللطيفة. أقرأ لزميلاتى وزملائى كما أقرأ باللغات التى أتيح لى أن أتقنها.معجبة بالفرنسيّ الكورسيكى جيروم فيرارى الذى نال الغونكور قبل عامين وبشباب شاركوا فى ورشة آفاق التى عقدت شمال لبنان قبل أسابيع . فرحت بكلّ من شارك بهذه الندوة التى أدارها جبّور الدويهي.  
■ ما جديدك على صعيد الرواية؟ والأدب بشكل عام؟ وماذا عن دار الجديد؟
أكتب ببطء وروايتى الجديدة على الطريق. دار الجديد مستمرّة، تنشر ما تراه ضروريًّا. بعد أسابيع سنصدر ـ معارضة الغريب ـ كتاب الجزائرى كمال داود بعد أن ترجمناه إلى العربيّة وكتاب ابن عم ملك المغرب هشام بن عبد الله العلوى  وعنوانه ـ سيرة أمير مبعد، المغرب لناظره قريب ـ، كتاب مولاى هشام ممتع وقد ترجمناه أيضًا عن الفرنسيّة  بعد أن اشترينا حقوقه من دار غراسيه.
هذا العام عدنا بفرح ننشر شعرًا . كتاب المصرى كريم عبد السلام ـ مراثى الملاكة من حلب ـ انضمّ إلى قائمة مطبوعاتنا. للأدب ربّ يحميه وفى أحلك الظروف وأبشعها.  أنا واثقة من ذلك.