الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عادل البطراوى .. رسام الألف كتاب

عادل البطراوى .. رسام الألف كتاب
عادل البطراوى .. رسام الألف كتاب




 كتبت - سوزى شكرى
من منا لم تقع عيناه يوما ما على رسوم عادل البطراوى، فقد منحه الله موهبة الفن فقرر أن يسعد بها الأطفال ويتحاور معهم بالرسوم والحكايات ليعلمهم قيما ومبادئ تعيش فى مخيلتهم، إلى أن وصلت أعماله معظم أطفال الوطن العربى من كثرة المطبوعات التى رسم بها والتى  فاقت الألف كتاب.
كان «البطراوى» فى أخريات أيامه حزينًا لعدم اهتمام الإعلام برسامى الكاريكاتير وأهمية دورهم اجتماعيا ونقدياً وإنسانياً، حتى أنه قال لأحد أصدقائه قبل وفاته «بما أنى لست واحدًا من النجوم المطربين أو الممثلين  حتى يهتم به الإعلام أتوقع ألا يلتفت أحد  لخبر وفاتي».
لن تنسى روز اليوسف ما قدمه على صفحاتها لسنوات عديدة من رسومات شكلت جانبا من تراثها الفنى والثقافى.. عنه وعن أعماله تحدثنا مع عدد من زملائه وتلامذته من رسامى الكاريكاتير.
الفنان جمعة فرحات رئيس الجمعية المصرية للكاريكاتير صديق عمره ورفيق مشواره الفنى تحدث عنه قائلا : «البطراوى» بالنسبة لى صديق العمر منذ عام 1964، كنا نرسم معا فى روزاليوسف وصباح الخير وكان صديقنا الثالث الفنان الراحل رءوف عياد، انشغل بالفن والرسم وبرسالته أن يسعد الأطفال بأعماله، رسم فى مطبوعات كثيرة وارتبطت هذه المطبوعات برسوماته منها مجلة حواء، الكواكب، سمير، ميكى، المصور، دار الهلال، علاء الدين، قطر الندى، ماجد، العربى الصغير، وغيرها، كما ارتبطت رسوماته بكتابات يعقوب الشارونى فى الأهرام، رسوماته حاله كاريكاتيرية إبداعية، بأسلوب مميز، دائما ما يقدم رسوم خارج الصندوق والتوقعات، خصوصا فى رسومه للحيوانات، لرسوماته قيمة فنية، بساطة، اختزال، متعه بصرية، متألم لفراقه، كنا قد اتفقنا على تكريمه فى ملتقى الكاريكاتير الدولى القادم لكن القدر لم يمهله.
الفنان مصطفى الشيخ أمين صندوق الجمعية المصرية للكاريكاتير يقول : رحل الفنان الكبير عادل البطراوى بنفس الهدوء الذى كان يتميز به طوال حياته تاركا لنا وللأجيال المقبلة تاريخا طويلا من الإبداع الفنى قلما يستطيع فنان أن يترك مثله، اقترن اسمه باسم كاتب الأطفال الكبير أ.يعقوب الشارونى حيث ظلا يتعاونان معًا طيلة 25 عاما فى مجال كتب الأطفال، وقد أتجه الفنان عادل البطراوى لرسومات الأطفال عام 1974واستطاع أن يحفر لنفسه مكانا بين العمالقة الذين رسموا للأطفال أمثال بهجت واللباد وبهجورى وحجازى وحسن حاكم .
«البطراوى» بدأ حياته الفنية فى مجلة صباح الخير وروزاليوسف، ويعد من الجيل الثالث للرسامين الذين استطاعوا أن يؤصلوا فن الكاريكاتير فى مصر، من صفاته الهدوء الشديد والدقة المتناهية والصبر المضنى فى تنفيذ لوحاته الفنية، إتقانه جعل المتلقى أو المتخصص لا يجادله أو يطرح علية تساؤلات، يتعامل مع رسوماته باهتمام شديد ويتمسك بوجود غطاء ورقى على رسمته قبل تسليمها حتى لايترك احد بصمته عليها، وكأن رسمته عروس تزينت ثم غطت وجهها الجميل بالطرحة حياء من الناس، والفنان الكبير عادل البطراوى ظل لدورات عديدة سكرتيرا عاما للجمعية المصرية للكاريكاتير لما كان يتميز به من بذل وعطاء ودقة ومثابرة ورحل عن دنيانا وهو أيضا عضو منتخب فى مجلس إدارتها فى دورته الحالية.
أما رسام الكاريكاتير تامر يوسف فيقول: علاقتى به كانت سعيًا مثل كل الفنانين الشباب الذين يحاولون التقرب من الأستاذ ليتعلموا من فنه ومن خبرته، فقد نشأت محبتى له منذ الصغر من خلال كتب الأطفال التى رسمها وأخرجها والتى تزيد على الألف كتاب، أسلوبه الفنى المنمق يبهرنى وألوانه تشع بهجه، إخراجه متميز لأعماله، أعماله حالة إبداعية مكتملة ، ومن بداية علاقتنا وهو يعاملنى كصديق وزميل وكان يدعونى إلى منزله بمصر الجديدة حيث الاجتماع الدائم  للزملاء المبدعين، وكان من بينهم  الراحل محمد العتر والذى أثر فقدانه عليه بالسلب.
«البطراوي» كان يعانى  فى أواخر أيامه من فقدان أقرب المقربين إليه من أصدقائه، واحدا تلو الأخر، بالإضافة لمعاناته  مثل الكثير من أبناء جيله من الفنانين المتميزين من التجاهل والوحدة ، وهذا ما لمسته بنفسى وكنت أحاول جاهدا إخراجه من هذه الوحدة بمشاركته فى  معرض عن قناة السويس، حيث شارك بلوحاته الشديدة التميز ودقيقة التفاصيل، رشاقة تفكيره الذى لم يصاب بالشيخوخة مثل الكثير من رسامى الكاريكاتير فى نفس المرحلة العمرية.
ولأنه يملك أرشيفا للرسوم لكل من عرفهم من رسامين كاريكاتير فى حياته فقد كان يشغل وقته فى الفترة الأخيرة فى جمع الصور والرسوم الخاصة ، وأخذ يجمعها فى دأب وصبر ويقدمها فى صورة ملفات ومجلدات رائعة فى الإخراج والجمع ، حتى امتلأت طاولة السفرة بمنزلة  بالعديد من هذه الملفات التى كان يفاجئ أصدقاءه بمجلد لأعمالهم.
تناقشنا فى الجمعية المصرية للكاريكاتير حول الأسماء التى سوف يتم تكريمها فى الملتقى الدولى للكاريكاتير فى دورته الثالثة، طرحت اسم عادل البطرواى وانه يستحق أن يكرم وهو على قيد الحياة ووافق كل الزملاء بالجمعية إلا أن القدر حال بيننا.
أما الفنان سمير عبد الغنى فيقول: الفنان عادل البطراوى من أهم الفنانين الذين اهتموا برسوم الأطفال لقد رسم أكثر من 1367 كتابًا وبعضها كتب كان يكتب فيها للأطفال، استطاع أن ينحت لنفسه شخصية فنية كاريكاتيرية تميز بها عن غيره، خصوصا فى رسمه للحيوانات،  شخصيا عندما أقوم بعمل كتاب للأطفال يكون مرشدى رسوم البطراوى البسيطة الظريفة المرحة كما انه كمخرج فنى استطاع وبمهارة أن يصنع لنفسه عالما مميزا.
دائما يتذكر«البطراوى» أن مكتشفه هو الفنان الكبير حسن فؤاد فى مجلة صباح الخير ، وأصدقاء جيله جمعة فرحات وتاج ومحسن جابر، كانوا الجيل الثانى فى مؤسسة روزا اليوسف بعد جيل العمالقة، وقد كان تألق الثلاثى لافتا ومثيرا للاهتمام ، كان ودودا مع الجميع ، اكتشفت الجانب الإنسانى من حياته فقد كان يتحدث عن الحب كعاشق صوفى، يتحدث عن الآخرين بمودة واحترام حتى الذين يختلف معهم، رحم الله الفنان الذى ظل يرسم حتى آخر لحظة فى حياته.
ويلفت الفنان فوزى مرسى: البطراوى صاحب الريشة العبقرية، وهب كل وقته وحياته للعمل فى عالم الرسم للأطفال فى كتب ومجلات الأطفال، أحبه الكبار والصغار، ساهم فى العديد من الكتب بالرسم و التأليف و الإخراج و تصميم الأغلفة، هو بالفعل مدرسة متميزة فى رسم مجلات الأطفال، واعتقد انه لا تخلو أى مكتبة فى أى بيت من كتب الفنان الكبير، من أهم الشخصيات اللى ابتكرها عادل بطراوى كليلة ودمنة نسنوسة ونسنوس وقدمها فى مجلة علاء الدين كوكو وكيمى وكاكا وقدمها فى مجلة قطر الندي، وكان سوف يتم تكريمه على مشواره الفنى الهائل والعظيم فى الملتقى الدولى الثالث للكاريكاتير المقرر له ابريل 2016،  لكن كان الرحيل كان أسرع من التكريم.