الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أحلام فترة النقاهة

أحلام فترة النقاهة
أحلام فترة النقاهة




يعود مرة أخرى نجيب محفوظ جديدا رائعا إذ يظل العبقرى قادرا على العطاء حتى بعد الموت، فقد عثرت ابنتاه على كنز جديد من الأحلام التى كان يراها فى النوم ويبدعها فى اليقظة ويمليها على صفيه بعد أن فقد القدرة على الكتابة باليد، لكنه لم يفقد القدرة على الإبداع، وهى التى تستعد دار الشروق لنشرها بعنوان أحلام فترة النقاهة (2) وهى  عبارة عن خمسة وعشرين حلما تظهر بأحلام للنور فى مفاجأة أدبية مبهجة.
وها هو نجيب محفوظ يحضر من جديد بأحلام مكثفة قصيرة دالة تقوم على سرد خاص يندر فيه الحوار فهو يطرح من جديد العلاقة بين الأدب والفنون الدرامية.
جدير بالذكر أن نجيب محفوظ تعلم فن كتابة السيناريو بطلب من الفنان الكبير الراحل فريد شوقى إذ كان يرى أن إبداعه الروائي، والقصصى والمسرحى الذى يتم تحويله للسينما على يد كتاب السيناريو يحدث به قدر من التغيير، كما كان يرى أن دقة وصف محفوظ للمكان ومشاعر وهيئة وحركة الشخوص تؤهله لممارسة فن كتابة السيناريو، لم تسحره السينما، إذ كانت زياراته لفن الكتابة السينمائية نادرة، لكن زيارات محفوظ للكتابة المباشرة للمسرح مثل مجموعة المنفردة (تحت المظلة) وأعماله السينمائية القليلة ساهمت فى دعم إبداعه الروائي، فقدرته على امتلاك مهارات الكتابة للمسرح والسينما دعمت بالتأكيد حيوية أعماله الروائية، إلا أن تلك المهارات تقف واضحة خلف أحلامه التى نشرها بعنوان أحلام فترة النقاهة والتى كان قد كتبها بعد تعرضه لمحاولة اغتيال حاقد عام 1994، ويضم الجزء الأول المنشور 230 حلما، تشعر معها أثناء القراءة وكأنك تراها صورا مجسدة، إنها تشبه خيالات الطفولة وحكمة العمر المديد معا، وهى موحية للغاية للمبدعين الجدد المنتمين لفنون ما بعد الحداثة فى السينما والمسرح والدراما التليفزيونية، لأنها تقوم على التجسيد الحى والتداعى الحر الطليق وتمزج الواقعى المتألم من ضجيج اليومى المعاش بالخيال الجامح وتحيل الشأن السياسى لأمر شخصى يتجلى فى فلسفة محفوظ الرائعة القادمة من خبرة إنسانية حقيقية.
أحلام فترة النقاهة مسرحيا تتوافق مع المشروع المسرحى التجريبى المعاصر فى اعتمادها على صور مرئية ثرية، كما تتوافق مع المشروع السينمائى المعاصر فى مبدأ الوحدة المشتركة للفنون، كما أنها تشكل فى حد ذاتها حلما تقنيا يمزج بين المسرح والسينما حيث يمنح المسرح الحضور القوى للصور الطازجة بحوار دال مبسط بليغ ويمنح كاميرا السينما فرصة لروعة التفاصيل الأصيلة الجديدة المدهشة.