الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مجموعة البريكس

مجموعة البريكس
مجموعة البريكس




كتب - أحمد عبده طرابيك

 

بعدما استطاعت بعض الدول النامية مثل البرازيل والهند والصين، تحقيق نهضة اقتصادية، مكنتها من الاعتماد على مواردها فى إقامة بنية اقتصادية فاعلة، وتحقيق معدلات نمو مرتفعة خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا، أرادت أن تحمى اقتصادياتها الناشئة من المنافسة الغربية الشرسة، فكونت مع روسيا المنافس التقليدى للدول الغربية عام 2009 مجموعة «بريك»، بعد مفاوضات بدأتها عام 2006، وبعد انضمام جنوب إفريقيا إلى المجموعة عام 2010، تحول اسمها إلى «بريكس»، بهدف إيجاد مؤسسات مالية واقتصادية تكسر احتكار الولايات المتحدة والدول الغربية وهيمنتها على الاقتصاد العالمي، إلى جانب إقامة علاقات سياسية وثقافية فيما بينها.
 تشكل دول «بريكس» نحو 30% من مساحة اليابسة فى العالم، وتضم 40% من مجموع سكان العالم، كما يصل حجم الناتج الاقتصادى لها ما يقارب 18% من الناتج الاقتصادى العالمي، إضافة إلى 15% من حجم التجارة الخارجية الدولية، كما تجتذب نصف الاستثمارات الأجنبية فى العالم، لذلك فقد استطاعت أن تلعب دورا مهما ومتناميا على الساحة الدولية بسبب نفوذها المتزايد على صعيد الناتج الاقتصادي، والتعاون التجاري، والسياسة العالمية، وزيادة حجم شركائها، وتنامى علاقاتها الاقتصادية والتجارية والسياسية مع العديد من الدول النامية.
تمثل مجموعة «بريكس» رغم قلة عدد أعضائها تكاملا فريدا، وتشهد دولها نموا متزايدا، فقد حققت الصين ثانى أكبر اقتصاد فى العالم معدلات نمو لم تقل عن 9% سنويا طوال السنوات الثلاثين الماضية، حتى وصلت إلى أكبر مصدر وثانى أكبر مستورد فى العالم، كما أن البرازيل خامس أكبر دولة فى العالم من حيث المساحة، قد تجاوزت بريطانيا لتصبح سادس أكبر اقتصاد فى العالم، بينما يحتل الاقتصاد الروسى المرتبة الحادية عشرة عالميا من حيث الناتج المحلى الإجمالي، وسادس قوة شرائية، بينما تمتلك احتياطيات هائلة من مصادر الطاقة «النفط والغاز» والموارد الطبيعية فى مقدمتها الأخشاب، أما الهند التى تعتبر من أكبر الأسواق الاستهلاكية، فهى من أكبر المصدرين للتقنية الرقمية والبرمجيات، وأخيرا فإن جنوب إفريقيا فهى أكبر اقتصاد فى الاتحاد الإفريقي، وثالث أكبر مصدر للفحم فى العالم، وواحدة من الدول التى تمتلك مخزونا هائلا من المعادن، مكنها لأن تتبوأ مكانة مهمة فى مجال التعدين والصناعات المعدنية على مستوى العالم.
تسعى مجموعة «بريكس» إلى دفع عملية التنمية فى الدول الناشئة، حيث تهتم بإقامة علاقات تعاون مع الدول النامية بهدف تحرير تلك الدول من الهيمنة الغربية، وإيجاد توازن فى العلاقات بين التكتلات الاقتصادية الكبري، وتعزيز الإصلاحات فى المؤسسات المالية الدولية «البنك الدولى وصندوق النقد الدولي»، لذلك فهى تدعم بقوة «البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية»، كما تدعم مجموعة «بريكس» دور مجموعة العشرين فى إدارة الاقتصاد العالمي، وتنادى بإزالة الحماية التجارية التى تفرضها الدول الغربية، وفى الشأن السياسى تدعو المجموعة إلى حل النزاعات السياسية بالطرق السلمية، بعدما أثبتت التجارب أن التدخل العسكرى يضر بالدول والشعوب، كما حدث فى العراق وليبيا وأفغانستان، كما تعددت اهتمامات دول «بريكس» لتشمل التحديات الدولية كقضايا الإرهاب والتغيرات المناخية والغذاء وأمن الطاقة ومشاكل التنمية والأزمة المالية العالمية، والصحة.
ظلت الدول الغربية مهيمنة على اقتصاديات ومقدرات الدول النامية بعد استقلالها، الأمر الذى استنزف مواردها الطبيعية بأثمان بخسة، وجعل من تلك الدول أسواقا رائجة لمنتجات الدول الغربية، ولم تسهم فى دعم خطط التنمية بها، مما زاد من بؤس وفقر تلك الدول وجعلها على حافة الفقر رغم امتلاكها لثروات وموارد طبيعية هائلة.
انضمام مصر إلى مجموعة «بريكس»، أو على الأقل إقامة شراكة اقتصادية وسياسية معها، يحقق للطرفين مكاسب كبيرة، فمصر بمكانتها الكبيرة فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وامكاناتها الاقتصادية والسياسية إلى جانب موقعها الجغرافي، وبما تمتلكه مصر من علاقات متميزة مع جميع دول المجموعة الخمس، كل ذلك من شأنه أن يحقق توازنا مع الدول الغربية ويقلل من الضغوط والشروط المتحيزة فى التعاملات السياسية والاقتصادية والتجارية، كما يفتح آفاقا أوسع للتعاون فى مختلف المجالات.