الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمل محمود: أسعى لإيجاد وحدة عضوية بين العقل والعاطفة فى كتاباتى

أمل محمود: أسعى لإيجاد وحدة عضوية بين العقل والعاطفة فى كتاباتى
أمل محمود: أسعى لإيجاد وحدة عضوية بين العقل والعاطفة فى كتاباتى




حوار – خالد بيومى


أمل محمود مبدعة من الإسكندرية تكتب القصة القصيرة والشعر والمقالة ولديها نشاط اجتماعى وثقافى ملحوظ فى مدينة الثغر فتشغل منصب المشرف العام على جمعية الخلق البديع الخيرية والعديد من الأنشطة التى تخدم المجتمع والمرأة والطفل .والمتأمل لكتاباتها سوف يجدها على درجة عالية من الإشراق وألق التعبير . وهى تحتفى باللغة العربية الفصحى لحرصها على أن تجعل منها وسيلة حضور حداثى ومعاصر.. صدر لها حديثاً المجموعة القصصية «همسات قلب امرأة».
هنا حوار معها:
■ بدأت مشوارك الإبداعى بكتابة الشعر ثم جاء التحول إلى كتابة القصة القصيرة لماذا؟
ــ فى رأيى أن الشعر هو أساس اللغة؛ لأن اللغة الشعرية، أو التكوين الشعري، ضرورى لأى كاتب، ولا تكمن المسألة فى الفروق الموجودة بين النثر والشعر، بل المهم وحدة الشكل والمضمون، والانسجام، الفكرة الموحدة التى يلخصها النص هى التى تهمني، وهذا لا ينفى وجود الأجناس الأدبية . وفى كتاباتى أسعى لإيجاد الوحدة العضوية بين العقل والفكر، والشعور، وبين المضمون والشكل وكتاباتى فيها نفس شعرى ؛ لأن الشعر عنصر أساسى فى أى كتابة. أما القصة القصيرة فتسعى إلى تقديم الحياة فى صورة سرديات صغرى أو حكايات صغيرة تشكل العالم القصصي، من خلال مشاهد وصور بصرية سريعة ،وأنا شغوفة بتحويل الحياة إلى صور من خلال تقطيع الأزمنة .فالأحداث الماضية التى أحكيها لا تستمد قيمتها من قدرتها على الحدث بالفعل، بل بقدرتها على الامتداد فى الحاضر والتأثير فيه .
■ من هم أبطال قصصك.. هل هم حقيقيون أم من وحى الخيال . . وكيف تصفين علاقتك بهم؟
ــ أبطال قصصى وهميون لكنهم أكثر حقيقة حتى من المؤلف نفسه ؛ لأنه الوهمى العابر وهم الدائمون . الكثيرون مثلاً يعرفون : جيمس بوند، وشارلوك هولمز، ومدام بوفارى، ودون كيشوت، وموبى ديك، والدكتور جيفاكو ،..إلخ، ويجهلون أسماء المؤلفين الأدباء الذين خلقوا تلك الشخصيات. وفى الحقيقة بمجرد انتهائى من كتابة قصة معينة، يكون هاجسى الأول فراق أبطال قصتى القديمة والاحتفاء بأبطال القصة الجديدة .
■ البعد الرومانسى حاضر فى كتاباتك وحتى من خلال عنوان المجموعة القصصية (همسات قلب امرأة).. فهل أنت عاشقة صوفية ؟
ــ ربما، لأننى أعتبر الأشياء ليست معنى فقط، بل مبنى ومعنى، وليست هناك إمكانية للحصول على المبنى إلا عبر المعنى . وأنا من المؤمنين بالحديث الشريف «إن الله جميل يحب الجمال»، وعلى رأى المتصوفة، فإن الجمال من الصفات الإلهية الموضوعة فى الإنسان .وعنوان المجموعة يعبر عن الحالة الشعورية التى مررت بها أثناء الكتابة وكانت مجرد همسات .والرومانسية حالة وجدانية تتولد عن الإحساس بجمال الوجود، فلا يخلو الوجود من الجمال حتى ولو جرى استخراجه من تلال القبح .
■ يرى الروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد أن الإسكندرية فقدت روح التسامح فى السنوات الأخيرة.. ما رأيك؟
ــ لابد أن نعترف أن إسهامنا فى حركة الفكر والثقافة العالمية محدود جدا، ونظرا لسرعة انتشار الثقافة الغربية بفضل أجهزة الإعلام ودور النشر نشأت لدينا ظاهرة « التغريب «، ووحد أنصار الثقافة الغربية بينها وبين الثقافة العالمية، فأخرجوها من محليتها، وأعطوها أكثر مما تستحق . والإسكندرية كانت فى الماضى بوتقة لانصهار كل ثقافات وشعوب البحر الأبيض المتوسط واحتضنت التراكم التاريخى الطويل عبر تاريخ الإنسانية ذاتها، وكان من الطبيعى ان يسبب ذلك رد فعل طبيعى لأنصار التراث والأصولية الدينية للدفاع عن الأنا فى مواجهة الآخر، فيهاجمون التغريب والحداثة ويدعون إلى التراث القديم وأصالة الماضى .
وأنا أتفق مع الروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد، لكنى أضيف أن العالم أصبح قرية كونية صغيرة، وأعاد صياغة الشعوب فى نسخ كربونية موحدة بفعل ظاهرة العولمة.
■ تمارسين الكتابة الصحفية.. برأيك هل الصحافة تقتل الإبداع؟
ــ بالعكس، الكتابة الصحفية تثرى تجربتى الإبداعى ؛ لأنها تجعلنى باستمرار فى حالة من الالتحام بقضايا الناس وهمومهم وأحلامهم، مما يمثل رافداً قوياً لأفكارى وكتاباتى .وأعتبرالصحافة نوعاً من الإبداع أيضاً وإن كانت تلتهم الكثير من الوقت .
■ تكرسين جزءاً من وقتك للاهتمام بقضايا المرأة.. كيف ترين واقع المرأة اليوم ؟
لا تزال المرأة تعانى أشكال متعددة من القمع والتهميش والحرمان من الفرصة فى المشاركة فى الحراك الاجتماعي، ولذلك فالمساهمة فى تحرير المرأة واجب على كل صاحب قلم حر
فى المقابل الرجل العربى أيضاً محروم من العدالة الاجتماعية والحرية والفرح والحياة الكريمة، ولذلك كتاباتى تهتم بالإنسان بشكل عام، لا المرأة فقط أو الرجل بمفرده .
■ أنت كاتبة تحلمين بالغد.. أليس كذلك؟
ــ أجمل الأوقات تلك التى لم نعشها بعد،.. ربما نتذكر هنا الشاعر التركى العظيم ناظم حكمت الذى قال: «الوقت الذى أجهله، أعتقد بأنه سيكون الأجمل».. انا أحب الغد لأنه زمن أبنائى.. وزمن أحفادي، وأتساءل: هل سيفتح حفيد من أحفادى يوماً ما أحد كتبى ويقول إن جدته هى التى كتبت هذا الكلام ؟. أنا لا أريد أن استأثر بهذا الحلم وحدي، وينبغى على المبدعين أن يشحذوا خيال القراء بالجمال، ولابد للقراء أن يحلموا بوقت لم يروه.