الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رواية تجاوز متاهات الزمن «الأزبكية»..

رواية تجاوز متاهات الزمن «الأزبكية»..
رواية تجاوز متاهات الزمن «الأزبكية»..




كتبت - رانيا هلال


فى أحدث رواياته «الأزبكية»، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، يستدعى الكاتب ناصر عراق الماضي، وتحديدًا فترة اعتلاء محمد على عرش مصر؛ ليحاول تفسير ما يحدث فى الحاضر، وإلقاء ضوءٍ على بعض تفاصيله التى قد يقف أمامها بعضنا غير مدركين أنها ليست سوى قبس من الماضي، أو امتداد له، بشكل أو بآخر.
فالرواية تنفخ فى روح اللحظة التاريخية واقعًا يجعلها أكثر بهاءً وحيوية؛ وإيقاعًا يستدعيها من ماضيها إلى حاضرنا، دون أن تفقد نضارتها، أو تتضاءل دهشتها، وتأخذ بتلابيب اللحظة الواقعية فتلمس روحك، وتمر بباب قلبك، حتى تشعر بنفسك وكأنك تجاوزت متاهات الزمان، وعبرت مجاهل المكان، ودخلت إلى عالمها؛ لتعيش أحداثها مع أبطالها، فتشاركهم أفراحهم وأتراحهم، وتقاسمهم أحلامهم وكوابيسهم، وتلتقى بين سطورها، وفى ثنايا جملها، أسماءً شهيرة، مثل: محمد علي، وعبد الرحمن الجبرتي، ونابليون بونابرت، وأخرى لن تلتقيها إلا فى هذه الرواية، مثل: أيوب، وشلضم، والخواجة شارل، ومسعدة حجاب، وكلها شخصيات أكسبتها الأحداث روحًا خاصة، ومنحها السرد المتقن لحمًا ودمًا.
وقد أجاد الكاتب فى غزل ثوبه الروائي، وإقامة بنائه الدرامي؛ لتتصاعد الأحداث، وتتداخل المواقف، وتتقاطع الشخصيات، دون ترك فرصة لتسلل الرتابة أو الملل إلى نفس القارئ، الذى يظل مشدودًا بحبال السرد، وخيوط اللغة، من لحظة البداية، التى تأتى على لسان أيوب، متحدثًا عن ليلة زفافه، يوم 12 مايو 1805 الذى لم يكتمل ويصل لنهايته الطبيعية. وبهذا الغموض، الذى سرعان ما ينكشف كنهه، وبهذه الإثارة، التى تشرحها فيما بعد الأحداث، وبهذا الإيقاع الذى يتحول من اللقاء العاطفي، إلى العاطفة الوطنية، تسير الرواية، التى أجاد كاتبها فى اختيار شخصياته، ورسم ملامحها، ولم يحُل الواقع التاريخى بينه وبين خلق شخصيات من الخيال، سرعان ما يكسبها ما تحتاج من لحم ودم وأفكار؛ لتتداخل الأحداث، وتتقابل الشخصيات، حتى تعيش عالمًا كاملًا.
هكذا يعيش أيوب حيوات فى حياة واحدة، فهو يتزوج من فتاة جميلة، حيية، هى سعدية ابنة الحاج عبد المجيد العطار، التى تذكره بعلاقته الآثمة مع حسنات بائعة الشاي، وتعيد له ذكرياته مع روز، شقيقة الرسام الفرنسى الخواجة شارل فلوبير، التى فتنته بحسنها ورقتها، قبل أن تترك فى قلبه وروحه جرحًا غائرًا، حين قتلها مجهولون فى مدخل الحارة التى يسكن فيها شارل، فماتت بين يديه وهو عاجز عن أن يفعل لها شيئًا.
وفى هذه الأجواء المعطرة بالحب والمتعة، المشبعة بالكفاح من أجل الوطن، لا يخلو الأمر – كالعادة - من خيانة، يقترفها أحد المقربين؛ لتضع نهاية للأحداث، وتغيب أحد الأشخاص، فى أجواء من الصدمة، والشجن.