الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«ابنى يعلمنى».. كتاب يتحدى الموت والنسيان والقبح

«ابنى يعلمنى».. كتاب يتحدى الموت والنسيان والقبح
«ابنى يعلمنى».. كتاب يتحدى الموت والنسيان والقبح




كتبت- رانيا هلال
لأن للتجربة الأولى دهشتها، وللنظرة الأولى سحرها، فقد سجَّل الكاتب وائل السمرى هذه الدهشة وهذا السحر فى كتابه «ابنى يعلمني» الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، حيث احتفى فى كتابه بالحياة، بلحظة الميلاد الفارقة، الخلاقة، ومن خلالها دوَّن تاريخه الشخصى مع الأبوة ومشاعرها الفريدة، متحديًا الموت والنسيان والقبح ليصف أحد أهم وأبلغ التجارب الإنسانية بروح شعرية.
ولم يكتفِ السمرى فى كتابه - الجديد على المكتبة العربية - بسرد تجربته مع الميلاد، بكل تفاصيله المبهجة، ومسئولياته الثقيلة، ولكنه غاص فى أعماق التجربة، ليستخرج حكمتها، ويعيش روعتها، من خلال نظرة إنسانية، أبوية، فلسفية، غلَّفها الكاتب بأسلوب أدبي، حاول من خلاله أن يصل إلى «ما بعد الوجود، بأجمل ما فى الوجود».
وقسَّم السمرى كتابه إلى مقدمة سماها «قنطرة»، وعشرين درسًا/ فصلًا، ثم خاتمة سماها «الدرس صفر»، حيث تحدَّث فى مقدمته عن احتفاء الكتاب والمبدعين بالموت على حساب الحياة والميلاد ،ثم يختتم مقدمته بتوضيح الهدف من الكتاب.
وفى الدرس الأول المعنون بـ: «لا خروج إلى النور إلا بجرح وبكاء»، يتحدث وائل السمرى عن اللحظات المربكة فى انتظار وصول المولود وخروجه إلى النور، وكيف يخفق قلبه وهو يقف «كتلميذٍ بليدٍ يترقب الدقائق دقيقة بعد دقيقة»، ثم فى الدرس الثاني، وعنوانه: «لا شىء يفوق دهشة الموت سوى دهشة الميلاد»، يتحدث عن النظرة الأولى التى تشبه السهم النافذ، واللحظة الأولى التى تجبرك على الاعتقاد بأن العالم توقَّف عند قدميك، مشيرًا إلى لقائه مع «تلك اللحمة الحمراء التى تحملها بين ذراعيك فلا تكاد تبين»، وتبدأ الأسئلة المربكة فى التوالى: «هل يدفعك الخوف على ابنك الوليد إلى تذكر هذا الذى تخشاه؟ أم هل تخاف حقًّا من أن تموت أنت بعد أن أديت رسالتك؟ أم هل أنك تذكرت الأحبة الراحلين وتمنيت أن يكونوا ها هنا ليشاركوك تلك اللحظة الآسرة؟»، بعد ذلك ينتقل الكاتب إلى الدرس الثالث، وعنوانه: «أبدًا.. لا يسأل الظمآن عن قصد المطر»، وفيه يتناول المشاعر، والحضن الذى يصير «هو التعبير الأزلى الأبلغ عن المحبة والوفاء، ويصير الدنو من قلب إنسان آخر منتهى العشق وغاية الوله».
وبمشاعره الفياضة تلك، ينتقل الكاتب من درس إلى آخر، مستخدمًا عناوين دالة، لا تخلو من صبغة شعرية شفيفة، تجعل القارئ شغوفًا بمواصلة القراءة، فنقرأ عنوان الدرس الرابع: وقد يجرفك الشوق إلى ما تراه بعينيك فيصبح الواقع حلمًا والحلم حياة، والدرس الخامس: بالأرض كما بالسماء.. ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، والدرس السادس: اللُّقيا قوت الأعين.. والبعد صيام كافر.. وصيام العين عماء.. فافرش قلبك بالبسملة وقف راضيًا لتقول: اللهم لك صمت وعلى رزقك «أبصرت»، والدرس السابع: أن انتقال الروح ليس بالبشاعة التى يتخيلون.. فها هى روحى تقفز منى إليه.. فأراها طفلة زاهية.. ضاحكة.. مستبشرة فى الذهاب والإياب، والدرس الثامن: جرح لم تُشفِه الموسيقى، هو جرح لن يندمل، وألمٌ لم تمحُهُ الموسيقى، هو ألم مقيم، والدرس التاسع: الناس نيام، فإذا أنجبوا انتبهوا!، والدرس العاشر: أن أخاطب ملائكة الأحلام وشياطين الغواية ناهرًا: لا تعبثوا برأس الصغير فأنا هنا.. حصن وسد، والدرس الحادى عشر: تتعلم مبادئ الإنسانية من نظرة عين، والدرس الثانى عشر: الألم الحقيقى هو ألم مَن تحب وليس ألمك أنت، والدرس الثالث عشر: وقد يتجلى كرم الله كاملًا فى ابتسامة مباغتة، والدرس الرابع عشر: أن أتوسل إلى الشمس والماء والهواء.. ارحموا رقة خلق الله الناشئة، وكونوا بردًا وسلامًا على حلمى الصغير، والدرس الخامس عشر: الابن الأول كالبيت الأول.. مخزون لا نهائى من السعادة الآمنة، والدرس السادس عشر: نومٌ بلا ابن كإغماض بلا جفن، والدرس السابع عشـر: الأبناء هم الضمادة الإلهية الأروع لوقف نزيف العمر، والدرس الثامن عشـر: لا يُدرك ما للضعف من قوة هادرة سوى أب.. أو إله، والدرس التاسع عشـر: كل شيء فى «الأم» حقيقي.. والعالم من دونها محض مجاز، ونصل إلى الدرس العشـرين: أن أصدق حكمة المصريين مرددًا: «لن تعرف مقدار محبة أبيك لك.. إلا حينما ترى ابنك».