الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الدراسات الثقافية» يتبنى تعريفات أوسع للثقافة

«الدراسات الثقافية» يتبنى تعريفات أوسع للثقافة
«الدراسات الثقافية» يتبنى تعريفات أوسع للثقافة




كتبت: رانيا هلال


صدر حديثا عن سلسلة عالم المعرفة كتاب بعنوان «الدراسات الثقافية: مقدمة نقدية» تأليف سايمون ديورنج وترجمة د.ممدوح يوسف عمران.
فى كتابه يذهب ديورنج إلى أن للدراسات الثقافية مكاناً فى أعمال ظهرت فى أطر مؤسساتيّة مختلفة وذات اعتراف ضئيل نسبياً، أنجزها فرانز فانون وجورج أورويل وفيرنادنو أورتيز، إضافة إلى وجود بذور لها فى مؤسسة الدراسات الثقافية الأكاديمية المعاصرة التى وفّرها «الأسلاف» توجيهاً ورعايةً لطلاب الدراسات الثقافية اللاحقين.
بينما قدّم من أطلق عليهم مفهوم «المصدر»؛ أى المنظرين الأكاديميين، الأفكار لهذا الحقل، رغم أن مشروعهم وتخصّصهم العام يقع خارج هذا التخصّص، مثل بارت ودولوز وفوكو، حيث يصف المفهوم الأخير بأنه أكثر إرباكاً من مفهوميّ «السلف» و«الممارس».
يستدرك ديورنج، فى كتابه، أنه تعامل مع الدراسات الثقافية فى عمله على أنها متّحدة، إلا أن الواقع يؤكّد أن ثمّة أشكالاً مختلفة لهذه الدراسات، كما أن لاستخدامات المصطلح نفسه طرقاً متنوعة.
إذ إن المصطلح الذى ظهر كنتيجة للمُنادين بالديمقراطية ضد النخوبية والسيطرة فى ستينيات القرن العشرين وسبعينياته، أو بوصفه نتيجة تلاقى «اليسار الجديد» مع الثقافة الشعبية، بحسب وصف الأمريكى مايكل دينينج، صار يتبنّى تعريفاً أوسع للثقافة؛ ليشمل ما أغفلته الدراسات الأكاديمية، من دراسة الأدب ونظريته إلى ممارسات المجتمع، بتركيز واضح على «المعاصر» منها الذى «يبدو أنه أضخم مما كان عليه فى أى وقت مضى»، مقارنةً بالأجيال السابقة، والذى يتناوله ديورنج من خلال نظرية «ما بعد الحداثة» التى لجأ إلى تقديم إيجاز لها، كونها أكثر نظرية تمحّص فيه.
ومع إقرار ديورنج، المتخصص بالأدب الفيكتوري، أن هناك أشكالاً وأنساباً مختلفة فى العالم للدراسات الثقافية؛ إلّا أنه يعترف أن عمله هذا يميل إلى الرجوع نحو ما أُنتج فى الأمم الإمبريالية؛ إذ إن تيّارات المعرفة ليست وحيدة الاتجاه بيد أن ذلك لا يعنى أن هذه القوى لا تمارس قوة جذب نحو المركز حتى فى مقاومة المركزية الأوروبية.
تركة النسوية اليوم، أحد الموضوعات التى أفرد لها المؤلّف حيّزاً واسعاً من عمله، ويحصره تقريباً فى الداخل الأمريكى وبريطانيا، إضافة إلى تطرّقه إلى الثقافة الشعبية - أحد مجالات بحث الدراسات الثقافية - التى يصفها بأنها تعمل على زعزعة الانحياز الأكاديمى نحو الرزانة، بسبب نزوعها إلى الحضور لمدة قصيرة.
وفى حين يرتبط المشتغلون بالثقافة الأكاديمية بالسلطة، تظهر الثقافة الشعبية كمضاد للسلطة. فقد اعتمدت الثقافة العليا، كما يسميها، على التعليم الأورستقراطى والنخبوى الكلاسيكى كتعلم اللغات اللاتينية والإغريقية، فيما ذهبت الثقافة الشعبية، التى ظهرت أواسط القرن الثامن عشر، إلى تغير فى تلك البنية.
بحذرٍ، يتنقّل ديورنج محاولاً اجتناب الوقوع فى مغناطيس الخطاب الذى يعترف أن عمله هذا مثل كثير من الدراسات الثقافية ما هو إلا صيغة أكاديمية مرتبطة إلى حد ما - رغم أنفها - مع الاقتصاد الحر والليبرالية الجديدة، إضافة إلى كونها مثل العديد من الأعمال التى تبحث فى هذا الشأن، خرجت من مراكز الخطاب فى العالم وتحديداً من المملكة المتحدة.