الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المصريون ووهم شركات الموت السريع «إبادة الحشرات سابقاً»

المصريون ووهم شركات الموت السريع «إبادة الحشرات سابقاً»
المصريون ووهم شركات الموت السريع «إبادة الحشرات سابقاً»




تحقيق - محمود مصطفى
نشطت فى الآونة الأخيرة العديد من الشركات التى تقوم بمواجهة الحشرات المنزلية باستخدام مبيدات لا يمكن الجزم أنها جيدة من عدمه، وهل مرخصة أم لا؟، فتلك الظاهرة تواجدت بصورة كثيفة عبر القنوات الفضائية والإعلانات فى الشوارع، مما أدى إلى شغل فكر الفرد والمجتمع الذى يعانى من انتشار الحشرات المتواجدة بشكل دائم فى المنزل وخاصة فى فصل الصيف.
وقال والى محمد - 28 سنة – إن اللجوء إلى تلك الشركات يمثل خطورة على الأسر والأطفال، وضرره أكبر من منفعته، بسبب تعرض بعض أفراد عائلته للعديد من الأمراض التنفسية والحساسية المفرطة بسبب بعض التركيبات الكيميائية المستخدمة لديها، فهى تبحث عن الربح فقط، لذلك تعتمد على مبيدات مجهولة تضر بالصحة العامة.
وأشارت يارا عبد المقصود - 20 سنة - إلى خدعة الشركات فى استهلاك كميات غير كافية من المبيدات من أجل طرد الحشرات لفترة بسيطة والتى سرعان ما تعود للبيت مرة أخرى، رغم استغراق مندوبيها بين 2 و 4 ساعات لرش الوحدة السكنية الواحدة، الأمر الذى يؤثر على الجهاز التنفسى لديها بسبب رائحة المبيدات النفاذة، وهى مجهولة المصدر.
تواصلنا مع عدد من شركات المبيدات الحشرية، وعند سؤالها عما إذا كانت مرخصة أم لا؟، كانت الإجابة أنها مرخصة من قبل وزارة الصحة، ولديها سجل تجارى وبطاقة ضريبية، بهدف مساعدة المواطنين على حل مشاكلهم المنزلية والحفاظ على صحة كل فرد وطفل، وأن عملها مستمر، ويحاسبون العملاء على أساس الكمية المستهلكة من المبيدات وليس المساحة التى تخضع للرش، وسعر اللتر يتراوح بين20 و 40 جنيها، ويتم رشه من خلال أشخاص مدربين على التعامل مع الأعمال المنزلية.
وقال أحد العاملين بها: هناك شركات غير مرخصة ويسيئون للمرخصة، وعددها كثير، وغير معروف طبيعة المبيدات التى تستخدمها وتضر بالصحة العامة، لذلك يجب تأكد المواطنين منها قبل التعامل معها لحماية الأسر وتلافى المخاطر.
وقال د. أحمد فتحى - 25 سنة - طبيب بمستشفى عين شمس الجامعى – إنه اضطر للجوء لإحدى الشركات للتخلص من الحشرات، وتفاجأ بالمندوب يتعامل بشكل عشوائى مع المبيد الحشرى داخل المنزل، ورشه فى كل مكان لاستهلاك كميات كبيرة، رغم أنها سامة، الأمر الذى تسبب فى إصابة أطفالى بأمراض جلدية وتنفسية، بسبب تتطاير تلك المبيدات فى الهواء وانتشارها على الأثاث والأدوات، لافتا إلى أن الأشخاص المصابين بقرحة الفراش يواجهون خطرا أكبر بسبب قلة حركتهم وقد يصيبهم بالسرطان بسبب ضعف المناعة لديهم.
واوضح الدكتور عماد زيادة - طب بنها - أن المبيدات المستخدمة لدى شركات الرش لها خطورة كبيرة على الصحة العامة، ومن أنواع المبيدات التى لا يمكن استخدامها كمبيد حشرى لخطورته القاتلة هى «organophosphorus compound» أى «مواد فسفورية وعضوية» وأشار إلى أنه عنوان عريض يتفرع تحته الكثير من المواد التى تستخدم فى قتل الحشرات والفطريات والأعشاب الضارة والفئران، وأكد أن عدد الإصابات بالمبيدات الحشرية كبير جدا، ويتراوح بين 5 و 6 حالات كل 12 ساعة طبقا للدراسات الحديثة الصادرة فى هذا الصدد، وتتنوع بين حالات انتحارية وإصابات حوادث أثناء عمليات رش المحاصيل أو الحشرات، وفى هذه الحالة تتجة الإصابات إلى ضيق فى التنفس نظرا لرائحته النفاذة واستنشاقه ودخوله إلى الرئة، أو الامتصاص بالجهاز الهضمى حيث يخزن فى الجسم فى الأماكن التى تكثر بها الدهون كالكبد والكلى.
وأضاف: فى حالة التسمم يجب عزل المريض من المنطقة المنتشر بها المبيد إلى منطقة أكثر نظافة، ويعرض على مركز السموم فورا، وفى حالة إصابته عن طريق اللمس بالجلد فإنه يتم غسل الجسد تماما وتغيير الملابس كلها وتطهيرها بالماء والصابون أو حرقها كحل أفضل، وإذا كانت الإصابة فى فروة الرأس فيجب حلق الشعر، وإذا أصيب عن طريق البلع فيجب تطهير المعدة عن طريق «الفحم الطبى» لمساعدته على عملية القىء.
مشيرًا إلى أن معظم الإصابات لا تنتقل عن طريق أفراد الأسرة، ولكن من خلال العامل الذى يستخدم المبيد لعدم اتباعه للتعليمات الوقائية للحفاظ على سلامته كاستخدام الكمامات والقفازات، وعند وصول المصاب فتكون حالته سيئة للغاية فتخرج منه إفرازات من جميع مناطق الجسم، وتصبح رائحته كريهة وتشمل تلك الإفرازات حالات قىء وإسهال وعرق غزير ودمعية وبولية يصحبه انخفاض فى معدل انقباض القلب وضخ الدم، وعند النظر إلى حركة العين نجدها ضيقة جدا تصل إلى «رأس الدبوس» وقد يصحبه رعشة بسيطة، ويقلل من كفاءة مركز التنفس فى المخ، ومن الإشارات المرسلة من المخ للجهاز التنفسى، وأيضا يسبب ضعفا فى عضلات التنفس، وقد تصل إلى الشلل التام وتوقف عضلات التنفس .
ومن ضمن المبيدات الأكثر خطورة «سم الفئران» الذى يتنوع من أسود محبب وأسود مطحون أو أبيض مطحون، وتكثر الإصابات الوافدة إلى مركز السموم بها، وهنا يجب على أهل المصاب التعرف على لونه لإخبار الطبيب لإجراء اللازم نظرا لاختلاف الإجراءات وأساليب العلاج تبعا لاختلاف طبيعة المبيد.
ومن جانبه أفاد الدكتور حازم شعبان - خبير الطب الوقائى واستشارى الدراسات البيئية - أن تلك المبيدات لها أضرار أكيدة نسبيا، لأنه لا توجد مبيدات غير مضرة نهائيا، فهناك المبيدات التى لها علامات تجارية ومستخدمة فى المنازل مثل أقراص الريد والبيرسول لها أضرارها ولكن بنسب مختلفة، ويتفاوت ذلك حسب كون شركات المبيدات مصرح لها من وزارة الصحة من عدمه؟، فمعظمها يستعمل مبيدات غير مصرح بها ولها أضرار قوية ومسببة لعديد من الأمراض وأهمها السرطان والتلوث البيئى، لذلك يجب التعامل مع تلك الشركات والمبيدات بحرص تام، وأن تكون مرخصة, وابتعاد الأطفال بقدر الإمكان عن أماكن التنظيف بالمبيدات، وتنظيف الملابس والأدوات والأثاث جيدا قبل الاستخدام, وتنظيف الجسم تنظيف تام، وتجديد الهواء باستخدام أى تيار هوائى متواجد بالمنزل بأن تكون المدة لا تقل عن ساعتين والابتعاد عن مكان التنظيف لمدة لا تقل عن 4 إلى 6 ساعات.
وعن استخدام الشركات للمبيدات الحشرية التى تستخدم فى الزراعة فى تنظيف المنازل أكد د. محمد الوكيل – أستاذ بكلية الزراعة جامعة المنصورة - أن استخدام المبيدات الحشرية المستخدمة فى الحقول لتنظيف المنازل لها أضرار قوية ومسببة للأمراض، وأضاف أن استخدامها يمثل خطورة أشد لأنها من أكثر الأسباب التى تصيب الإنسان بالأمراض، لذلك يجب التأكد من معرفة المواد المستخدمة فى المنازل وما إذا كانت زراعية أم لا؟ وهل لها اسم مسجل بوزارة الصحة للاستخدام بالمنازل من عدمه؟ وإذا تم التأكد من أنها زراعية فيجب على الفور الإبلاغ للجهات الرسمية.
وفى هذا السياق أكد د. حسام عبدالغفار - المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة - أن الوزارة لها دور كبير فى مواجهة شركات غير مرخصة، ولا تمنع أى منتج جديد ليس له ضرر وصالح للاستخدام، وأكد أن هناك حملات من قبل وزارة الصحة على تلك الشركات والمنتجات عن طريق إدارة التفتيش الصيدلى للتأكد من ترخيص والمنتج من عدمه واستخدامه فى المكان الأمثل، وأى شكاوى ضد أى شركة من الشركات تتم معرفتها عن طريق إدارة الصيادلة، وهناك فرق بين ترخيص الشركة والمنتج، فما يهم وزارة الصحة هو المنتج المستخدم فى عمليات إبادة الحشرات، فإذا كان مرخصا سنجد بيانات الترخيص على العبوة ورقم التشغيلة، وأكد أن العبوة إذا كانت شاغرة من تلك المعلومات فإنه منتج غير مرخص وغير خاضع لوزارة الصحة نهائيا وتجب المساءلة القانونية لمستخدميه، مشيرًا إلى أن الوزارة تراقب على المبيدات الحشرية المستوردة والمحلية، والحصول على عينات عشوائية من الأسواق لتحليلها ومعرفة مطابقتها للمواصفات من عدمه.