الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السياحة.. كنز مصر المفقود

السياحة.. كنز مصر المفقود
السياحة.. كنز مصر المفقود




كتب: د. محمد محيى الدين حسنين

فى يوم من الأيام نعتقد أنه قريب بإذن الله سينتهى مسلسل الإرهاب فى مصر، فتلك طبيعة الأمور وأحد الدروس المستفادة من التاريخ، ولن تستطيع قوى ظلامية وعصابات ذات فكر منغلق أن تستمر، ولا أن توقف عجلة الزمن أو تعيدها الى الخلف، وإذا كانت ثورات الربيع العربى قد أثرت سلبا على الكثير من الأنشطة الاقتصادية فى مصر فلعل قطاع السياحة كان أكثرها تضررا نتيجة لانخفاض أعداد السياح وتقلص نسب الاشغالات بالفنادق الى أدنى معدلاتها، والآن مع انحسار موجة الإرهاب الأسود وظهور بشائر عودة الأمور الى طبيعتها يجب علينا إعادة النظر فى ذلك القطاع المهم ومن منظور جديد.
وأعتقد أننى واحد من كثر يؤمنون بأن السياحة من الممكن أن تكون المصدر الرئيسى للدخل فى مصر وأن تفوق دخلها من قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج لو توفرت رؤية شاملة لمنظومة السياحة، فهى الكنز المفقود الذى يتوجب علينا اكتشافه ومن نافلة القول أن دخل مصر حتى فى أوج ازدهارها قبل أن يضربها الانفلات الأمنى او الإرهاب كان متواضعا للغاية مقارنة بدخل العديد من الدول الأخرى كإسبانيا أو ماليزيا مثلا، ولا نعتقد أن هناك دولة فى العالم لديها المقومات التاريخية والجغرافية والطبيعية التى تملكها مصر، فمن شواطىء بطول البحر الأحمر والبحر الأبيض الى آثار تغطى تاريخ الحضارة الانسانية بداية من مصر الفرعونية الى القبطية والرومانية ثم الحضارة العربية والإسلامية ومصر تعتبر بدون مبالغة، متحفا مفتوحا بطول البلاد وعرضها، ولديها مقومات السياحة الشاطئية والدينية والعلمية وحتى العلاجية ومناخا مستقرا وسماء صافية معظم أيام السنة والى جانب ذلك شعب يجيد فن الضيافة والترحيب بالغرباء.
يبقى السؤال المحير لماذا ذلك التراجع فى حصة مصر من دخل السياحة فى العالم؟
والإجابة ببساطة، أن السياحة منظومة متكاملة تتداخل وتتكامل مع منظومات المجتمع الأخرى وعلينا أن نعامل السياحة كقضية عامة، وأن تكون كل وزارات ومؤسسات الدولة معنية بها وعلى سبيل المثال فالسائح الذى يزور أيا من البلاد لمشاهدة مزاراتها السياحية والثقافية فإنه يجوس فى دروبها وشوارعها ويسهر فى مقاهيها ويستمتع بطعم مدنها وثقافتها ولعل السائح أو الزائر المصرى لأى من الدول الأوربية أو الآسيوية ينبهر بنظافة الشوارع والميادين والأبنية ويحترم قيم العمل فيها وانضباط المواعيد وتوفر الخدمات ويصاب بغصة عندما يقارن بين ما لدى مصر وهو كثير وما لديهم وهو قليل ولكنهم يحسنون عرضه ويكسبون المليارات من ذلك.
وحتى ننتقل من التعميم الى التخصيص فقد يكون من المفيد عرض بعض الأفكار العملية وكلها ليست بالجديدة وهى مطبقة فى كثير من الدول نستعرضها ونذكر بها لعل القائمين على السياحة الأخذ بها لتطوير السياحة فى مصر.
أولا: إعادة فتح القصور الملكية وصيانتها وهى اجمل وأكثر قيمة من مثيلاتها فى الدول الأخرى وتسهيل الوصول اليها وكذلك تفريغ المناطق المحيطة بالمزارات الأثرية ومنع مرور السيارات بها لتعطى السائح حرية الحركة فى اطار جميل على أن تحاط بالبازارات والفنادق الصغيرة وقد يقول البعض إن تهجير سكان تلك المناطق مكلف.. ناسين أن دخل السياحة وفرص الاستثمار والعمالة ستعوض أى تكلفة لتلك العملية.
ثانيا: يجب أن تعالج عشوائية المرور بشكل عملى، وهو أمر ممكن، فشوارعنا لا تختلف من حيث الاتساع عن مثيلاتها فى الدول الأخرى وعلى أن يصاحب ذلك إعادة إشارات المرور للعمل وإعادة الترام للخدمة بعد تطويره والاهتمام بنظافة محطات مترو الأنفاق وزيادة أسعار التذاكر بشكل يتناسب مع تكلفة الخدمة.
ثالثا: منع مرور السيارات فى الشوارع التجارية كشارع عباس العقاد و26 يوليو والشوارع المحيطة بمنطقة الأزهر بالقاهرة وقصرها على المشاة فقط مما يجعل عملية التسوق متعة للسائح والمقيم.
ولعل تلك الأفكار تبدو كالأحلام وربما يحتاج وزراؤنا ومسئولينا إلى رحلات لبعض المدن الأوروبية والآسيوية ليعلموا كيف تدار منظومة السياحة وليعلموا أنه من المؤكد أن كل جنيه يصرف عليها سيعود علينا بالمئات اذا كانت هناك إرادة سياسية وشعبية.