الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الذين يحركون «حراك الزبالة»!

الذين يحركون «حراك الزبالة»!
الذين يحركون «حراك الزبالة»!




كتب - وليد طوغان

فى لبنان يتكلمون الآن عن «السفارات» التى تحرك المتظاهرين، وزير البيئة قال إن بعض شباب المتظاهرين شوهدوا فى طريقهم إلى سفارة دولة عربية صغيرة. المقصود قطر طبعا، نائبة سابقة موالية لتيار المستقبل قالت إن الأزمة لا يحركها المتظاهرون فى الداخل، إنما يحركها دبلوماسيون أجانب فى بيروت.
على السوشيال ميديا هاجموا عماد بزي، وعماد ناشط لبنانى ومدون وعمود أساسى فى التظاهر، أسموه «فتى السفارات» ووصفته نائبة سابقة بأنه شوهد مع ديبلوماسيين أجانب قبل اقتحام المتظاهرين وزارة البيئة قبل أيام.
أعرف عماد بزى جيدا، بزى وطنى، ولا علاقة لأفكاره بسفارات أجنبية، ولا بدبلوماسيين قطريين، تماما مثلما الأزمة الاخيرة لا علاقة لها بالنفايات، ولا بمن يتولى سحبها من الشوارع الحكومة، أم المحليات.
«النفايات» فى الأزمة الأخيرة مثل قميص عثمان، علّقه معاوية فى دمشق طلبا للثأر، لكن لا معاوية كان غرضه شريفًا، ولا الذين قتلوا عثمان كان غرضهم سيئا. الالتباس خطير فى أزمة النفايات.
الأزمة أبعد من مجرد «زبالة» فى الشوارع، والذى حدث أن الرغبات الانتقامية، من كل التيارات، تجاه كل التيارات هى التى انفجرت فى صورة خلاف حول «قمامة الشوارع».. القمامة تظهر فى شوارع لبنان من ثلاثين عاما، لبنان بلد نظيف، لكن كأى بلد عربى آخر، كثيرا ما تتكدس أطنان «مخلفات» فى الأحياء، وربما على «الروشة» وش البلد.
لماذا اشتدت الأزمة إلى هذا الحد الآن؟ لماذا خرج الشباب وملأوا الميادين، ولا يريدون ان يرحلوا حتى ينتقل ملف الزبالة من الحكومة للبلديات؟
المتظاهرون وطنيون، لكن هذا لا يمنع أن هناك من يستفيد من هذا الحراك فى غير صالح المتظاهرين، وفى غير صالح البلد، وفى غير صالح «الحراك» نفسه.
هناك من يحرك الحراك، وهناك من يستغل الحراك، لكن شباب الحراك كالعادة لا يدركون.
عماد بزى وأقرانه «مثاليون» شباب من الطبقة المتوسطة العليا، حصلوا على قدر عال من التعليم، ولهم وجهات نظر، تبدأ بالطموح فى تحريك الوضع السياسى هناك بأية طريقة وبأى شكل، لذلك نزلوا إلى الشوارع، لكن منذ متى والنزول للشوارع يغير خريطة السياسة للأفضل؟
المعتدلون فى لبنان يتخوفون من «ربيع عربى»، ولهم حق فالربيع العربى سوف يقتل لبنان، وربما يعيدها بسهولة لأيام حرب الكتائب والميليشيات خرجت لبنان بصعوبة من حرب أهلية، ومشاكل معقدة بدأت من العام 1958 السياسة فى لبنان كما لو أنها تسير على «رمش نملة»، فهل الحل فى خروج المتظاهرين للشوارع؟
الإجابة: لأ، خصوصا أن أولويات المتظاهرين ليست «زبالة الشوارع»، إنما فى الخلفية مطالبات بانتخاب رئيس، ومجلس نيابى فاعل، وبرلمانيين فيهم سمة لبرلمانيين، لا مجرد سياسيين يتغيبون عن الجلسات، قبل التصويت على أى قرار استراتيجى لصالح البلد، فتقف البلد، وتقف القرارات، وتعجز الحكومة.
السؤال المهم: هل تؤدى أزمة النفايات إلى تحريك وضع سياسى جامد، ام انها قد تحيله إلى انفجار؟
المثالية فى السياسة، كمن يبنى كبناء بيت السلطان بمكعبات الاطفال. السوابق تقول إلى ان الحراك فى لبنان بهذا الشكل لن يؤدى إلى جديد. يعنى لا هو ممكن يسفر عن انتخاب رئيس، ولا سينزع سلاح حزب الله واجهزة اتصالاته واطباق تجسسه على السياسيين المعارضين، وعلى الأحاديث السرية فى مكاتب قناصل الدول المعتمدة فى لبنان.
فى أزمة النفايات، استغل حزب الله الشباب، ورغبات الشباب ومثاليات الشباب، وبينما الشباب يريدون دولة بملامح الدولة، فإن حزب الله لا يريد إلا كرسى رئاسى مرشالى بملامح العماد ميشيل عون.
الذين يحركون الحراك فى لبنان خدعوا الشباب واستغلوا الشباب، بينما الشباب أخذتهم الجلالة، فاستمروا فى الشوارع والحجة: «زبالة»!