الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفساد والخلاص بالفن

الفساد والخلاص بالفن
الفساد والخلاص بالفن




يكتب د.حسام عطا

فى تجربة إنسانية قامت بها دول مثل البرازيل، كانت ظروفها العامة أكثر صعوبة منا، وانتقلت لدول أخرى فى أمريكا اللاتينية كانت على حافة الهاوية، وكان خلاصها بالفن.
فعندما يصبح الفساد متراكماً، ويصبح أسلوباً لممارسة يومية فى ظل خلل هيكلى فى منظومة القيم، فالحلول الناجحة تأتى عبر الفن.
الفن يصبح ضد الفساد عندما يعمل على محاربته، ليس بفضحه فقط عبر الأعمال الدرامية، ولكن بنشر قيم مغايرة للحق والخير والجمال، فى أمريكا اللاتينية قامت مشروعات فنية كبرى للنظافة وتجميل البيوت والشوارع عبر الفنون التشكيلية التطبيقية، حيث تم الاعتماد على إعادة إنتاج مخلفات البيئة فى صياغات جمالية غيرت ملامح أحياء الفقراء، لأن الإطار المادى الجميل حتى لو كان فقيراً يؤثر على سلوك الإنسان، وهى التجربة التى يمكننا أن نتأسى بها فى العشوائيات وغيرها من الأحياء القديمة التى أصابها العجز والوهن، جدير بالذكر أن سياقات درامية عديدة احتفلت بنماذج إنسانية للبلطجية واللصوص والضياع وغير المنتمين اجتماعيا يجب أن تتوقف، سقوط وزير فى قضية فساد كبرى مادة لعمل فنى يمكنه التأثير فى خلق شعور أخلاقى ضد الفساد، الفساد اليومى الصغير يتم تحصينه بموافقة لاشعورية مجتمعية تمنحه اعترافا يأتى من الصمت على فساد الكبار، ولذلك فالسخرية من فسادهم ضرورة فنية.
جدير بالذكر أن تجربة أوجست بوال المسرحية فى أمريكا اللاتينية سعت عبر الفن وبالتحديد المسرح التفاعلى لاستخدام المسرح لمحو الأمية الكتابية والفكرية والثقافية والسياسية وإدماج المسرح عبر الحوار المباشر مع الأميين وغير المنتمين من فرط الفقر لدمجهم داخل السياق الاجتماعى الساعى نحو التنمية، بدلا من سياقات مسرحية مهرجانية برجوازية الطابع غير جذابة حتى لجمهورها المستهدف.
إن سقوط الفساد الكبير وتجسيد ذلك فى الفن هو خلاص وعلاج نفسى للمظلومين لأنه إعلاء لدولة العدل والقانون وهو يفتح الباب واسعا أمام الفن لعلاج الفساد الصغير بداية من القبح فى الشوارع الخلفية مروراً بالفن الحسى فى الشوارع الأمامية... فرصة نحو فنون مبتكرة وتعاون بين المسرحيين والموسيقيين والسينمائيين والتشكيليين للعمل ضد الفساد، ولإدماج الفن ضمن منظومة التنمية المستدامة، لاشك أن تلك التجربة فى أمريكا اللاتينية تستحق الدراسة حتى فى الملابس المبهجة البسيطة التى يرتديها الفقراء هناك مع إلحرص على تأكيد النظافة الشخصية كرد فعل لإزالة القبح فى الأحياء الضيقة، وللسعى نحو السعادة بالفن وتطهير الروح والاحتماء بالقيم الإيجابية وما تصنعه من علاقة تناغمية مع الوجود، تقارب بين هدفى الدين والفن معاً.