الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

انتهاك حُرمة البنك المركزى

انتهاك حُرمة البنك المركزى
انتهاك حُرمة البنك المركزى




كتب – أحمد زغلول


خطأ جسيم اقترفه وزير الاستثمار أشرف سالمان،الأسبوع الماضى، وقد اعتذرت عنه الحكومة لاحقًا، يتمثل فى انتهاك استقلالية البنك المركزى التى يضمنها له القانون والأعراف الدولية ولا تسمح بتدخل الحكومات فى قرارات البنوك المركزية.
ويأتى ذلك من منطلق أن السياسات النقدية والمصرفية لابد أن يكونا تحت تصرف مؤسسة لديها الخبرات وتضطلع بمراقبة السوق عن كثب لاتخاذ القرارات المناسبة،وإن كان ذلك لا يمنع من اتخاذ القرارات التى تفيد فى تنفيذ اتجاه عام أو استراتيجية تنفذها الدولة.
وقال «سالمان»، خلال مؤتمر اليورومنى إن تخفيض قيمة الجنيه المصرى لم يعد اختياريا، بعد قيام الصين بتخفيض اليوان فى أغسطس الماضى، وقامت 22 دولة آخرها كازاخستان بتخفيض عملاتها للحفاظ على تنافسيتها.
كما أوضح أن مصر تستعد لمواكبة المتغيرات العالمية والعمل على تحويلها لفرصة وتفادى الضرر من الركود العالمى الوشيك، مؤكداً أن مصر ليست بمعزل عن العالم، وهو ما يستدعى اتخاذ إجراءات حمائية.
وحديث وزير الاستثمار عن الاتجاه لتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار،بحسب الخبراء، يعد تعديًا سافرًا على اختصاصات البنك المركزى الذى هو المسئول الوحيد عن الإجراء الأنسب بشأن العملة.
وقال أحمد قورة،الخبير المصرفى ورئيس البنك الوطنى المصرى سابقًا، إن استقلالية البنك المركزى مصونة بموجب الاعراف الدولية والقانون، ولا يمكن بأى حال من الأحوال التعدى عليها.
ولفت إلى أن الحديث عن تحريك سعر الصرف لابد ألا تتم بالطريقة التى تحدث بها وزير الاستثمار، حيث إن كلامه أعطى اشارة أن سعر صرف الدولار سيرتفع الأمر الذى غذّى عمليات المضاربات والسوق السوداء،وسمح بتحرك سعر الدولار أمام الجنيه فى السوق السوداء.
وارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه فى السوق السوداء نهاية تعاملات الأسبوع الماضى إلى ما يقرب من 7.18 جنيه بارتفاع 34 قرشا عن سعر البيع الرسمى الصادر من البنك المركزى، إضافة الى ندرة وجود الدولار بعد أن امتنع المتعاملون فيها عن عرض أى كميات لديهم من العملات الأجنبية والاحتفاظ بها بعد التصريحات الأخيرة لوزير الاستثمار أشرف سالمان باتخاذ الحكومة قرارات تراجع قيمة الجنيه ما ادى إلى ارتباك فى سوق العملات.
وقد اجتمع مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية مساء الخميس الماضى لمناقشة أزمة نقص الدولار وارتفاع سعر صرفه مقابل الجنيه على مدار الأسبوع بعد تصريحات وزير الاستثمار، معلنين أن تراجع قيمة الجنيه التى تقرر الحكومة إتخاذ إجراءات بشأنها لابد أن تكون على دراسة كافية كما أن تنفيذها لابد أن يكون مفاجئاً وليس قبل اتخاذ القرار لمنع ارتباك الأسواق.
من جانبه قال هشام إبراهيم، استاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن البنك المركزى كان لابد أن يتواجد له ممثل فى مؤتمر «يورومونى» الذى عقد فى القاهرة يومى الاثنين والثلاثاء الماضيين باعتباره الجهة المختصة بالسياسة المالية المصرية، وهى الجهة الوحيدة المنوط بها تحديد سعر الجنيه.
وأشار إبراهيم إلى أن الوزير أخطأ بالحديث عن أمر يخص السياسة النقدية لمصر، مع العلم أن البنك المركزى له استقلالية كاملة عن الحكومة.
وتابع قائلاً: «رسالة وزير الاستثمار كانت رسالة سلبية للمستثمرين وكأنه يقول لهم إن الجنيه لا يوازى سعره الحقيقى أمام الدولار وانتظروا لا تستثمروا فى مصر قبل أن يتم تعديل السعر، وهذا أربك سوق الصرف والاستثمار».
وفى ظل الارتباك الذى أحدثه تصريح وزير الاستثمار،سارع البنك المركزى فى اتخاذ عدد من الإجراءات لمواجهة السوق السوداء،و طرق صرف الدولار الذى تحصل البنوك عليه بموجب المزادات التى يقوم البنك المركزى بطرحها،والتى تكون فى حدود 40 مليون دولار لمدة ثلاثة أيام اسبوعيًا.
وقد أصدر البنك ضوابط تقضى بضرورة التزام البنوك بإجراءات من شأنها التركيز على تمويل الواردات الأساسية، ومنع استخدام موارد المزادات الدولارية، فى تغطية تسهيلات مؤقتة، ووضع حدود لتوظيف الموارد الدولارية الذاتية للبنوك.
وشملت التعليمات الجديدة توظيف توجيه البنك للجهاز المصرفى بتخصيص 60% من الموارد الذاتية للبنوك، فى تمويل التسهيلات الائتمانية العادية، وتخصيص الـ40% الأخرى لتمويل التسهيلات الائتمانية المؤقتة، إضافة إلى منع تغطية التسهيلات المؤقتة من المزاد الدولاري.
وكان البنك المركزى، قد سمح للبنوك بصفة مؤقتة، منذ يناير 2013 بإعادة تمويل العمليات الاستيرادية لعملائها من خلال منح حد تسهيلات مؤقتة بالعملة الأجنبية، يتم الخصم عليه، لحين تدبير العملة، وذلك فى ضوء الدراسة الائتمانية التى تقوم البنوك بإجرائها لعملائها.
وتأتى التعليمات الجديدة مع تطورين مهمين، الأول إعلان البنك المركزى قبل أيام عن تراجع أرصدة الاحتياطى الأجنبى بنحو 440 مليون دولار، ليصل إلى 18.1 مليار دولار، والتطور الآخر، هو التصريحات التى أصدرها وزير الاستثمار أشرف سالمان، خلال مؤتمر اليورومنى ، والتى قال فيها إن خفض سعر الجنيه ليس اختيارا، وهو ما أحدث أزمة بين الحكومة و«المركزى» وأدى إلى خسارة البورصة، واختفاء الدولار من السوق السوداء وارتفاع سعره.