الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأحزاب وبرلمان 2015

الأحزاب وبرلمان 2015
الأحزاب وبرلمان 2015




كتب: د.محمد محيى الدين حسنين

يعرف علماء السياسة الحزب السياسى بأنه مجموعة من النشطاء السياسيين يشتركون فى الايمان بمبادئ وأفكار سياسية وأيديولوجية ويأملون فى الوصول إلى سدة الحكم لتطبيق تلك الأفكار والسياسات من خلال صناديق الاقتراع، ومن ثم فإن الناخب فى النظام البرلمانى وإلى حد ما فى النظام الرئاسى يختار من يمثله على أساس قبوله لأيديولوجية الحزب وعلمه بان سياسات الحزب قادرة على تحقيق أمنياته وتطلعاته، وبالتالى فإن الاختيار يصبح موضوعيا وبعيدا عن الشخصانية أو العصبية ورغم أن التجربة السياسية فى مصر تجربة غنية يزيد عمرها على ثمانين عاما، إلا أن ما يحدث فى الساحة السياسية حاليا غير مسبوق وغير مفهوم نظريا أو عمليا، فالأحزاب السياسية من حيث التكوين والممارسة لا تنطبق عليها أبجديات العمل الحزبى وأصوله ولا المناخ العام الذى تشهده انتخابات البرلمان الجديد يوحى بأن الأحزاب جادة فى قيادة تحول ديمقراطى حقيقى فى مصر.
بعد ثورة يناير وبعد حل الحزب الوطنى، الذى كان يحكم مصر خلال الثلاثة عقود الماضية، لم يتبق فى الساحة سوى أحزاب المعارضة الكرتونية القديمة إلى جانب عديد من الأحزاب التى تم انشاؤها بموجب الأخطار ليصل عددها الآن إلى اكثر من مائة حزب، لا تمثل سوى 3% من مجموع الشعب المصرى لم يستطع أحد منها تسجيل مواقف وطنية خلال السنوات الأربع الماضية يعتد بها أو إظهار خبرة سياسية يمكن الاستناد اليها لأسباب يطول شرحها، ومازالت هامشية التأثير ولا قواعد لها فى الشارع المصرى، ومع ذلك تصدرت الصفوف منذ ثورة 2011 وعلا صوتها وبدأ الصراع السياسى على السلطة بينها منذ صبيحة اليوم التالى لسقوط نظام مبارك استخدمت فيه مطالب الثورة بالتحول الديمقراطى وغيرها من المطالب الوطنية المشروعة واتخذ هذا الصراع عدة طرق من استخدامه لفزاعة الاخوان المسلمين بدعوى انهم الاكثر تنظيما وخبرة وتواجدا فى الشارع المصرى إلى محاولة تأخير الانتخابات حتى تستعد الأحزاب لخوض الانتخابات إلى العمل على تمديد الفترة الانتقالية ومع ذلك لم تستطع تلك الأحزاب من تنظيم صفوفها أو تحقيق نجاحات تذكر واستطاع الإخوان المسلمين بمساعدة السلفيين من السيطرة على أغرب برلمان شهدته مصر والذى انتهى بالحل بقرار من المحكمة الدستورية العليا.
وبعد قيام الشعب بتصحيح مسار ثورته فى 30 يونيو، وإلى الآن، لم تتمكن الأحزاب من انجاز الاستعداد المزعوم للانتخابات أو التواجد فى الشارع المصرى، بل زادت تشرزما ودب الخلاف بينها ولجأت إلى ما يسمى بالقوائم الانتخابية، فوصل عدد الأحزاب المنضمة إلى احداها أكثر من أربعين حزبا من المفترض انهم مختلفون فى البرامج والتوجهات والمطلوب من الناخب العادي، وغير المسيس والذى يمثل غالبية الشعب المصرى الوثوق بها مع اختلاف برامج الأحزاب التى تضمها أو من المفترض ذلك ومن ثم السياسات التى ستتبعها إذا نجحت فى الانتخابات، والنتيجة هى أن الاختيار فى الغالب وخاصة القوائم سيكون عشوائيا والعمل البرلمانى سيكون أكثر عشوائية، وخاصة مع غياب أغلبية أو حتى أكثرية تضبط ايقاع المناقشات والقرارات فى الوقت الذى نحن فيه أكثر احتياجا لهذا البرلمان ليمارس دورا تشريعيا ورقابيا بسلطات غير مسبوقة فى مصر، ويشارك رئيس الجمهورية فى إدارة الدولة وقيادة مسيرة التنمية.
ورغم ان هناك مَن يطالب بمقاطعة الانتخابات، وهناك مَن أصابه الإحباط نتيجة متابعته لمشهد تناحر الأحزاب وهناك من يخشى العودة إلى صراعات أحزاب ما قبل ثورة يوليو 1952 ومن يرى ان التجربة اللبنانية والتى تثبت يوما بعد يوم فشلها يمكن ان تتكرر فى مصر ومهما كانت الاقاويل والتحليلات المتشائمة فإن الرهان لايزال موصولا بوعى الشعب المصرى والذى يظهر دائما فى مواجهة الصعاب، ومن الضرورى ان يكثف الناخبون من تواجدهم فى لجان الاقتراع وأن يحسنوا الاختيار حتى لا يسمحوا للمزايدين والمنافقين وتجار الانتخابات من السيطرة على برلمان طال انتظاره.