الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سامح إسماعيل: الأجيال القادمة ستقيِّم ما نقدمه من فنون ..وعقوبة الفنان «الضال» إعدام أفكاره

سامح إسماعيل: الأجيال القادمة ستقيِّم ما نقدمه من فنون ..وعقوبة الفنان «الضال» إعدام أفكاره
سامح إسماعيل: الأجيال القادمة ستقيِّم ما نقدمه من فنون ..وعقوبة الفنان «الضال» إعدام أفكاره




حوار ■  سوزى شكرى
سامح إسماعيل موسيقى وعازف وفنان تشكيلي، شاب يخطو خطواته الفنية بهدوء، اختار الخط ليكون العنصر الأساسى فى لوحاته وجزءاً لا يتجزأ من تكويناته الفنية المعاصرة، من كثرة عشقه للخط العربى أطلق عليه وصفه «ملك ملوك السطح»، يؤمن أن كل خطاط هو رسام «شاطر»، صاحب مشروع فنى مميز ومتمرد يصعب على النقاد تصنيفه من أول وهلة، وهو ليس خطاطًا بالمعنى المتعارف عليه، استطاع أن يحرر الخط من النمط التقليدى الزخرفى وأخرجه خروجاً آمناً من سجون النظم والقواعد.. عن فنه وإبداعه تحاورنا معه فإلى نص الحوار.
■ الخط والحرف هما شركاء مشوارك الفنى.. حدثنا عنه؟
علاقتى بالحرف بدأت من المدرسة بإعجابى بمدرس اللغة العربية، كنت أشارك فى كل مسابقات الخط العربى واحصل على جوائز، وأيضا عشقى للموسيقى واحترفت العزف «البركشن»، الحرف والموسيقى كلاهما شكل وجدانى وبينهما علاقة إيقاعية أدركتها مع ممارستى للفعل الفني، درست فى مدرسة الخطوط العربية فى حى باب اللوق، وكنت اصغر طالب يدرس الخط العربى، واستمريت فيها لسنتين تعلمت فيها كل أنواع الخطوط من عمالقة الخط.
التحقت بقسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة ودعمتنى خبرتى فى الخط العربى فنياً، والبعض يظن أن دراسة الخط تخص الخطاطين فقط، وأنا مؤمن أن كل خطاط هو رسام شاطر، ومن المفارقة أنى لم أكن من أوائل الكلية ،ولم أشارك فى «صالون الشباب» ولم يكن فى بالى أنى سوف احترف الفن، ظروف كثيرة تحكمت فى مسارى من بينها عملى بعد التخرج كمصمم فى أماكن شهيرة، مشوارى الفنى بين التصميم وصناعة اللوجو والخط والتشكيل بالحرف، وأول «لوجو» حقق لى شهرة فى الأوساط الفنية وهو «لوجو» مجلة البيت الصادرة عن مؤسسة الأهرام.  
■ «التشكيل بالحرف» ماذا يعنى هذا العنوان فى لوحاتك؟
أتعامل مع الحرف على انه عنصر أو نص مقروء، الحرف له طاقة تشكيلية مثل باقى العناصر التشكيلية، اسقط على الحرف الحالة الفكرية والفلسفية التى أريد التعبير عنها، الحرف حالة وشخصية يفرض وجوده واعتبره ملك ملوك السطح، الحرف فيه ما يكفيه من جماليات ليكون المسيطر على العمل، الحرف العربى مكتف بذاته ولا وأحد يمكنه أن يضع إضافة أو حذفاً من طاقة الحرف إلا من يفهم ويدرك شخصية الخط وفلسفة التعامل معه، الحرف وحده يمكن أن يعبر عن المشاعر الإنسانية، الخوف والغضب، الحرية السعادة والشجن، السقوط اللقاء الغربة العدالة الحق الصبر وغيرها.
■ الخطاط العالمى احمد مصطفى اعتبر «الحروفية» والخروج عن النظم والقواعد فى الحرف  تجديفا وازدراء للحرف العربى فما رأيك؟
فوجئت بهذا الرأى حين سمعته منه فى إحدى الندوات التى أقامها بمكتبة القاهرة منذ شهور، احمد مصطفى مصور وخريج فنون جميلة إسكندرية فكيف يسمح لنفسه أن يقول عن «الحروفية» تجديف وخروج عن النظم وان عدم الالتزام بقواعد الكتابة جريمة!، «مصطفى» ربط الخط العربى بالدين ومنحه قدسية وجعل من الخروج منه جرم وهذا الربط  أتعجب منه، ربما أتقبل هذا الطرح من الشيخ محمد عبد القادرالرفاعى وهو احد مؤسسى الخط العربى، أتقبله من شيوخ الخط لأنهم تعاملوا مع الحرف على انه حرف مقدس، ولا أتقبل هذا  الطرح من فنان فى قيمة احمد مصطفى، كيف لفنان أن يبيع تاريخه ومشواره، نعلم أن الظروف جعلته من العائلة المالكة وعلى ما يبدو انه تم توظيفه لخدمة مشروع ثقافى رجعى، بادعاءات تتكشف مع الأيام  هدفها أن ينحصر الفن العربى والإسلامى عند خطوط عربية بثوابت وقيود تضع سجوناً فكرية على اى تجديد أو تحديث، وهذا مشروع سياسى يتنافى مع حرية التعبير رغم ان الفنان احمد مصطفى خطاط إلا انه اتخذ قراراً بألا يضيف على نظم الخطوط، وسوف يحاسبه التاريخ، فالفنان الذى يظن انه يفلت من عقاب التاريخ مخطئ، الأجيال القادمة سوف تقيم ما نقدمه وربما تصل عقوبة الفنان الضال إلى إعدام أفكاره.
■ دائما مايردد الشباب عن معوقات تواجدهم أن «الكبار» لم يعطوهم الفرصة.. بصفتك من جيل الشباب هل توافق على هذا الطرح؟
فلنبدأ بالتسلسل.. ما أهمية الفن التشكيلى بالنسبة للدولة، هل نحن متواجدون على خريطة الثقافة بشكل واضح، ما هى أهمية الفن التشكيلى بالنسبة للشعب والجمهور العادى والبسطاء، استمرار مقوله إننا «نخبه» لدينا أوبرا فى مصر من عام 1800 والشعب دفع وشارك فى عمل تمثال ميدانى، وهنا يكشف عن أن النحت خرج  للشارع وتواجد فى تماثيل الميادين فى كل المحافظات أسرع من باقى الفنون، أصبحت الفجوة متسعة بين الفنانين الكبار وبين الشباب بسبب تجاهل تسلم وتسليم الأجيال فى موعده، وكأنهم ضد دورة الحياة، فدورة الحياة تكمن فى التغيير فلماذا نطالب بالتغيير والكل متمسك بمكانه رغم انه لا يضيف جديداً، وينتظر التكريم أثناء حياته، ولكن على الفنان الحقيقى ألا ينتظر أن يكرم  فى عصره ويترك عمله الفنى للتاريخ فهو اصدق من تكريم الأشخاص والجهات.
على ما يبدو انه لا توجد نية من قبل «الكبار» فى الحركة التشكيلية لتسليم الجيل الحالى مسئولية استكمال الطريق، خمسون عاما المسافات مقطوعة بين الأجيال ولم يعنيهم احتواء الشباب.
■ هل فى عمل الفنان بمناصب إدارية وقيادية إضافة للفنان ولفنه؟
الفنانون مكانهم الطبيعى مراسهم قريبا من الجمهور متلقى فنه، وحين قصر الإدارى المنوط بالفعاليات الفنية فى دوره بدأ الفنانون فى الزحف لإدارة الفعاليات بأنفسهم، وكل فنان فى موقع إدارى يهاجم وينتقد ويفقد من رصيده الكثير، فهل من المعقول أن يضحى فنان بفنه من اجل منصب إداري، المناصب تسحب من رصيد الشهرة، وطبعا من حق كل فنان أن يختار المكان المناسب لقدراته، وليس كل فنان ناجح فنياً سوف يصبح إدارياً مميزاً.
 الإدارة الثقافية علم يحتاج إلى أشخاص على دارية بعلم الإدارة، ليس الأمر سهلاً  وأتمنى أن يدرس فى الكليات الفنية مادة جديدة للإدارة الثقافية وسوف تخرج لنا قيادات مختلفين فى الفكر والأداء والأسلوب.
الخطأ الذى وقعنا فيه فى اختياراتنا للمناصب القيادية أن يكون  المرشح فناناً مشهوراً!!، البعض اعتبر أن الشهرة يقابلها تولى منصب!، تاريخ الفن بكل صفحاته لم يحدثنا عن فنان مشهور أصبح مديراً عاماً مثلاً !، ومع ذلك الفنان الذى يستطيع أن يحدث توازنات بين عمله الفنى والقيادى فليعمل ونحن ننتظره.
■ استقلت من عضوية لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى للثقافة.. لماذا؟
هى تجربة لا انصح الفنانين بالسعى وراءها، تجربة «مخيبه للآمال»، أثناء وجودى تناقشنا فى العديد من الجلسات عن دور لجنة الفنون التشكيلية وتوصلنا إلى أن رأيها «استشارى» وغير ملزم لأى جهة معنية بالفن التشكيلى، واللائحة فى الأساس تنص على أننا لجنة استشارية، جلسات يطرح به جدول أعمال تناقش ويتم إعداد توصيات تذهب إلى الأمين العام للمجلس ويرفعها بدوره إلى وزير الثقافة!.. حقيقة لا اعلم لماذا يطلق على المجلس الأعلى للثقافة هذا الاسم طالما  أنه فى نهاية الأمر سوف يترك القرار الأخير لوزير الثقافة، أين هو «المجلس الأعلى» إذا، معروف فى الدولة مثلا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو من يحدد دخولنا لحرب من عدمه، فلماذا لا يعامل المجلس الأعلى للثقافة بالمثل وتكون توصياته وبياناته وقراراته ملزمة.
■ أصدرت لجنة الفنون التشكيلية سابقا بيانا ضد الفعاليات الخاصة التى تستخدمها أسماء الفعاليات الدولية الرسمية، فماذا تم فى هذا البيان؟
حين أصدرنا بياناً يرفض وجود الفعاليات الخاصة التى يستخدم فيها أسماء الفعاليات الدولية مثل «بينالى»، التى ظهرت بعد الثورة وانتشرت نتيجة فشل السياسيات السابقة وفشل الكوادر وتركيزهم على عدد محدود من الأسماء فى الفعاليات الرسمية والدولية، لا احد طبق البيان أو امتنع بالعكس انتشرت أكثر وأصبحت فعالياتهم مشهورة أكثر من فعاليات المؤسسة الرسمية.
كل هذه الفعاليات الخاصة وإن رفضها البعض هى رد فعل  طبيعى لسعى الأجيال المحبطة من السياسيات السابقة إلى عمل فعاليات مماثلة، وكانت النتيجة وجود بيناليات فى كل محافظة، وشخصيات كثيرة أصبحوا يفضلون لقب «قوميسر» وأيضا  وجدت فعاليات تحمل اسم «الصالون»، هذه المسميات كانت حكراً على أسماء بعينها، سحبت من هذه المسميات جزءاً من الهيبة وأصبح من الصعب توقفها.
■ هل تجد  منافسة بين المؤسسات الرسمية والمؤسسات الخاصة فى مجال الفن التشكيلى ؟
قطاعات عديدة معنية بالفن التشكيلى فى المؤسسة الرسمية  (قطاع الفنون التشكيلية – الهيئة العامة لقصور الثقافة – صندوق التنمية الثقافية – نقابة الفنانين التشكيلين ) ولكن هذا التعدد احدث تضارباً وصراعات وتتداخلاً فى التخصصات، وكأنهم فى منافسة ضد بعض، حتى بعض الفعاليات تكرر بنفس مسمياتها، وهذا يعد فراغاً فى الرؤية وعدم وجود استراتيجية وعجز فى التعاون فيما بينهم، أدى هذا الفراغ إلى دخول المؤسسات الخاصة والمستقلة فى مجال فعاليات الفن التشكيلى واغلبها مؤسسات لها منهج ورؤية وإدارة متوازنة وناجحة وقدمت حراكاً موزاياً فى ظل غياب الرؤية خلال السنوات الأخيرة السابقة.