الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سينمات «قنا» مهجورة ينعق فيها «البوم»

سينمات «قنا» مهجورة ينعق فيها «البوم»
سينمات «قنا» مهجورة ينعق فيها «البوم»




 قنا ـ حسن الكومى

وسط مدينة قنا وتحديدا أمام ديوان عام المحافظة تقف دار سينما ومسرح قنا شاهدة على أيام الزمن الجميل وتنتظر من يعيد لها الحياة بعد أن أصبحت خاوية على عروشها تبحث عن جمهور فى العيد، حيث اكتمال عدد الكراسى داخلها، وتراص المواطنين على نوافذ بيع التذاكر.
ناهيك أنها كانت تعد دخلا رئيسيا لعدد من المواطنين، حيث كانوا يروجون فيها سلعتهم كبائع ألعاب الأطفال، والتسالى «الفيشار ـ الترمس».
الكارثة أن سينما قنا هى آخر ما تبقى من دور السينمات التى كانت تمتلكها المحافظة قديما وذلك بعدما قام المخالفون من تجار العقارات بالتعدى عليهم ببناء أبراج شاهقة تناطح السماء، وكان آخر تلك التعديات على دور السينمات «فريال وفاروق» الكائنة بميدان الساعة والتى انهارات على إحدى سيارات السرفيس بمدينة قنا، ما أدى إلى إصابة 12 شخص وبعدها بأييام قليلة تحولت إلى معرض كبير لبيع الملابس وجزء منها برج سكنى.
عبد العليم مبارك، شاعر، وأحد أبناء المحافظة يؤكد أن السينما فى قنا خارج نطاق الخدمة ولم تصبح مثل ما كانت عليه فى السابق بسبب عدم الاهتمام وإهمالها بعكس سابق عهدها، فعلى سبيل المثال كان فى مركز دشنا سينما «الأمل» وأصبحت الآن مهجورة بسبب الإهمال، منوها إلى أن تراجع إقبال المواطنين على سينما محافظة قنا تدنى مستوى الأفلام التى يتم عرضها، علاوة على عرض الأفلام التى تتماشى وعادات المواطن القناوى والتى تعتمد على الألفاظ غير الأخلاقية والخارجة.
ويستنكر: عرضها مشاهد العرى والبلطجة الذين يتنافيان مع حرية الإبداع بل يمكن وصفهما بالكارثة الأخلاقية، لافتا إلى أنه وإن كان لابد من التطرق إلى تلك المشاهد لتوعية المواطنيون بالأحداث التى يتعايشها المواطنين فلابد من أن تكون من خلال المشاهد المحترمة التى لا يستحى أن يراها الرجل أمام زوجته أو ابنائه لا مشاهد العرى والإباحة والألفاظ النائية.
ويلفت مبارك إلى أن وجود السينما فى قنا أصبح مثل عدمه خاصة أن الأفلام الإباحية والبلطجة تفقد السينما رونقها وما يعرض فيها حاليا لا يقبله عقل أو دين، ما يعكس بدوره رفض جميع الأسر الذهاب إليها حرصا على أخلاق وتربية أبنائهم وحفاظا على العادات والتقاليد، منوها إلى أن أكثر متابعى هذه الأفلام هم الشباب المتواجد فى المقاهى والنت.
ويضيف: لذلك بعض الشباب يقلد ما يفعله الممثلين فى هذه الأفلام من أعمال بلطجة وشرب خمور، وأيضا حلقة الشعر وارتداء الملابس غير اللائقة والتى يرفضها بشدة المجتمع القنائي، بالإضافة إلى إهمال السينما، حيث إنها مهجورة منذ سنوات ولم تشهد أى أعمال تطوير أو صيانة أو ترميم، الأمر الذى يجعل المواطنين غير مطمئنين على أرواحهم وأرواح أطفالهم.
ويقول الدكتور عبدالعزيز السيد، عميد كلية إعلام قنا، إن تراجع دور السينمات بمحافظات الصعيد يرجع إلى تحول معظمها إلى أبراج سكنية، فضلا عن أن الثقافة الصعيدية ترى أن التواجد فى مثل هذه الأماكن «عيب»، منوها إلى أن عزوف المواطنين خلال إجازات العيد يعود إلى التقدم التكنولوجى وانتشار الوسائل الترفيهية التى جذبت الشباب وحولت توجهاتهم إلى الأنترنت والفضائيات فى ظل ضعف إمكانات دور العرض السينمائية، موضحًا أن السينما أحد مورثات الثقافية التى يجب على الدولة الحفاظ عليها ودعمها فهى جزء أصيل من التراث المصرى يحتاج الى الدعم والمساندة من أجل المقاومة والبقاء.
ويرى الشاعر أحمد عبد الفتاح العوامرى، أنه لا شك أن للسينما أهمية كبيرة فى التوعية المجتمعية وفرض ثقافات جديدة خاصة فى المحافظات غير المركزية كمحافظات الصعيد، لكن هناك تجاهلًا تامًا فى محافظة قنا، حيث لا يوجد بها سوى دار سينما وحيد وهذا لا يعقل فى مدينة يسكنها أكثر من ٥٥٠ ألف مواطن، فى حين أن مدينة الإسكندرية بها حوالى ١٢ دار سينما.
ويؤكد خالد عبد الوهاب، طالب جامعى، أن السينما من وسائل الترفيه الكلاسيكية التى يحرص دائما ومجموعة من زملائه على الذهاب إليها لسماع الأفلام خلال فترة الدراسة خاصة أن سعر التذكرة رخيص ويستمتعون بذلك، بينما هناك طلاب آخرون لا يرون فيها أى وسائل متعة خاصة أن جميع الأفلام يتم عرضها على الإنترنت والمواقع الإلكترونية فى ذات الوقت التى يتم عرضها داخل السينمات على مستوى الجمهورية، ما يعتبر لديهم أن الأفلام قديمة ومتداولة ولم تقدم أى جديد.
وفى سياق متصل يشتكى عدد من الأهالى المقيمين بالقربب من السينما من بعض التصرفات غير اللائقة والخادشة للحياء التى تحدث من قبل عدد من الشباب المترددين على السينما، وكثيرا ما تحدث مشادات كلامية وسباب وشتائم تنتهى بمشاجرات كبيرة بين العائلات القناوية.
من جانبه أكد حمدى محمد طه، مدير سينما قنا، أن سينما قنا تعتبر الوحيدة على مستوى المحافظة، بل وتعد المتنفس الوحيد لشباب المحافظة، حيث إن أغلب مرتاديها من شباب الجامعات فى فترة الدراسة كما أنها تشهد إقبالًا بسيطًا  فترة العيد، منوها إلى أن السينما تعمل بآلات عرض قديمة وتحتاج إلى دعم خاص، ناهيك عن أن سعر التذكرة لا يتجاوز الـ3 جنيهات فى ظل ضعف الإقبال.
ولفت حمدى إلى أنه على الرغم من وجود السينما بالقرب من ديوان عام المحافظة إلا أن جميع المحافظين السابقين لم يكلفوا خاطرهم دخولها وتفقدها سوى اللواء عبدالحميد الهجان، محافظ قنا الحالى، مناشدا بضرورة تقديم المحافظة الدعم الكافى للسينما لتعود إلى سابق عهدها وما كانت عليه وحتى لا تتحول مثل مثيلتها إلى خرابة، أو تسقط فى يد مافيا التعديات على الأراضى.