الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمين «البحوث الإسلامية»: مستقبل الإنسانية فى الحوار والتفاهم المتبادل بين الشعوب

أمين «البحوث الإسلامية»: مستقبل الإنسانية فى الحوار والتفاهم المتبادل بين الشعوب
أمين «البحوث الإسلامية»: مستقبل الإنسانية فى الحوار والتفاهم المتبادل بين الشعوب




قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية  د.محيى الدين عفيفى إن الأزهر الشريف بقيادة شيخه د. أحمد الطيب يؤكد أهمية وضرورة الحوار بين أتباع الديانات لبيان المشتركات الإنسانية لأجل تحقيق التفاهم والتعايش السلمى بين الشعوب واحترام إنسانية الإنسان،  بعد انتشار الحروب وما نتج عنها من القتل وسفك الدماء، وضحايا المجازر البشرية من الرجال والنساء والأطفال، وملايين المشردين من اللاجئين الذين لا مأوى لهم، وقد أغلقت كثير من الدول حدودها حفاظاً على أمنها فى وجه اللاجئين، فى ظل هذه المآسى التى أزكمت الأنوف برائحة الدم، أصبحت الحاجة ملحة وضرورية لوضع الحلول العملية لهذه النكبات لأن الحروب سبب فى الفقر والمرض والجهل، ولا بد من انتشال الضحايا من واقعهم البئيس، والتركيز على الجوانب الإنسانية، ونشر قيم الإخاء والتراحم والتعاون بين الناس.
وأضاف الأمين العام خلال كلمته فى الملتقى الدولى الذى عُقد فى العاصمة الألبانية «تيرانا» تحت عنوان «السلام ممكن دائماً» أنه لا جدال فى أن الحوار قد أصبح أكثر إلحاحاً من أى وقت مضي، بل أصبح ضرورة من ضرورات العصر، ليس فقط على مستوى الأفراد والمجتمعات، بل على مستوى العلاقات بين الأمم والشعوب المختلفة؛ مشيراً إلى أنه من منطلق الأهمية البالغة للتعارف بين الأمم والشعوب والحضارات والأديان ـ على الرغم من الاختلافات فيما بينها ـ كانت دعوة الإسلام إلى الحوار بين الأديان، وذلك لما للأديان من تأثير عميق فى النفوس، ولقد بين الإسلام منهج الحوار بطريقة تحترم الآخر.
وتابع عفيفى قائلاً: نظراً لما للدين من أثر عميق فى النفوس، فإن الحوار بين الأديان لا يمكن أن يكتب له النجاح إلا إذا ساد التسامح بين المتحاورين، وحلّ محل التعصب المعتاد بين أتباع الديانات المختلفة. ومن أجل ذلك، يتسم  الموقف الإسلامى فى أى حوار دينى بأنه موقف منفتح على الآخرين، ومتسامح إلى أبعد الحدود، فقد أقر الإسلام منذ البداية التعددية الدينية والمذهبية والثقافية، وصارت هذه التعددية من العلامات المميزة فى التعاليم الإسلامية.
أوضح الأمين العام أن قضية الحوار فى الواقع قد أصبحت تشكل فى عالم اليوم ضرورة من ضرورات العصر للتغلب على العديد من المشكلات الحياتية على جميع المستويات؛ وإذا كان هذا يعدّ أمراً ملحًّا فى الأمور غير الدينية، فإن الأمر يبدو أكثر إلحاحاً فى العلاقة بين الأديان، لما للدين من أثر لا يمكن تجاهله فى حياة الناس أفراداً أو جماعات. ومن أجل ذلك يقول عالم اللاهوت الألمانى المعروف (هانز كونج):
«لن يكون هناك سلام بين الأمم ما لم يكن هناك سلام بين الأديان، ولن يكون هناك سلام بين الأديان ما لم يكن هناك حوار بين الأديان»؛ خاصةً وأننا نعيش اليوم فى عصر لم يعد فيه مكان للانعزال والتقوقع حيث أصبح العالم مثل «القرية الكونية». والحوار هو السبيل إلى بلوغ الهدف والوصول بالبشرية إلى برِّ السلام. فمستقبل الإنسانية جمعاء يتعلق بحلّ إشكالية التفاهم المتبادل بين الشعوب.
وأكد عفيفى أن التفاهم والتعايش لا يقومان بين طرفين مختلفين بالفكر والعقيدة، إلا إذا توافر لدى كلٍّ منهما رغبةٌ فى العيش المشترك وتسامحّ حول الأُمور المختلف فيها وقبولٌ من الطرفين بالتعددية العقائدية. ولا يكفى أن يؤمن بالتعايش والتسامح طرفٌ واحد بينما يُنكر الطرف الآخر أو الأطرافُ الأخرى ذلك.
 كما تساءل قائلاً: كيف لنا أن نتصور قيامَ تعايش بين إنسان راغبٍ فيه، ومؤمنٍ بوجوبه، وصادقٍ مخلص فى سلوكه إليه، وبين آخر رافض لذلك، كأن يعتقد بأنه من أمة تفضل جميع الأمم؛ وكيف يمكن لإنسان سويٍّ بتفكيره، إنسانيٍّ بنظرته، متسامح بسلوكه أن يعيش أو يتعايشّ مع هذا النمط من الناس. نحن فى هذه الحال أمام أقوال مرفوضة إنسانياً ومنطقياً، ولا يمكن التعايش مع أصحابها إلا بذل وهوان وهذا ما يرفضه كل إنسان.
وبيَن الأمين العام أن الحياة المشتركة مع الآخرين تحتاج من جميع الأطراف فيها، قبولاً بتعايش فيه عدل ومساواة وسماحة، واحترامّ متبادّل من كل طرف للطرف الآخر وليس من التسامح فى شيء الوقوف موقف المتفرج حيال الظلم والقسوة وغير ذلك مما يتعرض له أى إنسان أو شعب بصرف النظر عن عرقه أو لونه أو عقيدته.